Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 22, 2019
A A A
ذوبان الجليد يهدّد سواحل العالم… بوادر حصيلة سنوية رهيبة بسبب احترار المناخ
الكاتب: أ ف ب

من درجات حرارة قياسية وذوبان للثلوج سابق لأوانه، تنذر كلّ المؤشرات بالخطر في غرينلاند قبل حلول الصيف حتّى، فيما يهدد ذوبان الجليد في هذه الجزيرة سواحل العالم أجمع في حال تفاقم الوضع.

ولا يستبعد العلماء أن تشهد القارة البيضاء سنة رهيبة جديدة في 2019.

وتقول روث موترام عالمة المناخ في المعهد الدانماركي للأرصاد الجوية: “من المحتمل تحطيم الأرقام القياسية المسجّلة في 2012، إن على صعيد أصغر مساحة للطوف الجليدي في أركتيكا… أو أشدّ ذوبان للغطاء الجليدي في غرينلاند. والأمر رهن الأحوال الجوية”.

ولقيت صورة هائلة لذوبان جليدي سابق لأوانه التقطها عالم من المعهد أخيراً في شمال غرب المنطقة انتشارا واسعا في العالم.

وفي حين كان ستيفن أولسن يبحث عن علامات خاصة بتقييم المحيطات ومحطّة للأرصاد الجوية، راح يصوّر بالكاميرا الكلاب التي كانت تجرّ مزلاجه وتتنقّل بصعوبة في ممرّ ضيّق (فيورد) يغطّي جليد ذائب كثافته 5 إلى 6 سنتيمترات طوفه. وبدا تحت السماء الزرقاء وسط جبال لم تعد الثلوج تكسو قممها كأنّ هذا الموكب يسير على المياه. وتؤكد روث موترام “الصورة ملفتة بالفعل … لأنها تظهر فعلا التغيّرات الطارئة على القطب الشمالي”.

وتوضح أن “السكان المحليين (الذين كانوا يرافقون البعثة) ما كانوا يتوقّعون أن يذوب الطوف الجليدي في وقت مبكر كهذا. وهم عادة ما يسلكون هذه الطريق لأنها كثيفة الجليد، لكنهم اضطروا إلى أن يعودوا أدراجهم لأن المياه كانت تزداد عمقا ولم يعد في وسعهم التقدّم”.

وكانت أقرب محطّة أرصاد جوية في كاناك قد سجّلت في الثاني عشر من حزيران حرارة بواقع 17,3 درجة مئوية، هي أقلّ بـ 0,3 نقطة من أعلى حرارة تسجّل على الإطلاق في المنطقة وتعود إلى 30 حزيران 2012.

وتقول موترام إن “الشتاء كان جافا وشهدت المنطقة تيارات هواء ساخن مؤخرا ، فضلا عن سماء صافية وشمس ساطعة. وهي كلّها عوامل تؤدّي إلى ذوبان مبكر للثلوج”.

وفي ظلّ احترار الغلاف الجوي، من المرتقب أن تتفاقم هذه الظاهرة بما يرافقها من تداعيات تؤثّر في نمط حياة السكان المحليين، من خلال تقصير مواسم الصيد وزعزعة النظام البيئي بكامله.

وانخفض عدد الدببة القطبية في القطب الشمالي برمّته بنسبة 40 % تقريبا خلال العقد المنصرم، وفق معهد الدراسات الجيولوجية في الولايات المتحدة. كما أن سمك حوت النروال (المعروف أيضا بالحوت الوحيد القرن) بات يُحرم من ملجأ طبيعي له هو الطوف الجليدي الذي كان يحتمي به من الحوت القاتل (أوركا) المفترس له.

بالإضافة إلى الطوف الجليدي، يؤثّر ذوبان الغطاء الجليدي القاري والأنهر الجليدية بشكل أقوى بعد على ارتفاع مستوى البحار.

وقد سجّلت محطّة “ساميت ستايشن” على علوّ 3 آلاف متر، في الثلاثين من نيسان أعلى درجة حرارة في تاريخها بلغت 1,2 درجة تحت الصفر، بحسب المعهد الدنماركي للأرصاد الجوية.

وفي السابع عشر من حزيران، خسرت غرينلاند في يوم واحد 3,7 مليارات طنّ من الجليد، بحسب تقديرات المعهد الدنماركي. وبلغت هذه الخسائر منذ مطلع حزيران 37 مليار طنّ، بحسب ما كشف كزافييه فيتويس عالم المناخ في جامعة لييج على حسابه في “تويتر”.

وهو كتب: “بات من المحتمل إلى حدّ بعيد أن تسجّل خسارة قياسية في الكتل الجليدية لأشهر حزيران في 2019”.

وأعلن علماء الأرصاد الجوية هذه السنة عن بداية موسم ذوبان الجليد في أيار، أي قبل شهر من المعتاد. ولم يبدأ الموسم بشكل أبكر من المعهود إلى هذه الدرجة سوى مرّة واحدة في 2016، وذلك منذ بدء تسجيل معطيات في هذا الصدد في 1980.

يساهم الذوبان المسجّل في غرينلاند عادة في ارتفاع مستوى البحر بمعدّل 0,7 ميليمتر في السنة. لكن إن بقي الأمر على هذا المنوال، فإن هذا المعدّل سيرتفع من دون أدنى شكّ.

وقد أظهرت دراسة نشرت في نيسان في حوليات الأكاديمية الأميركية للعلوم (بناس) أن ذوبان الجليد المسجّل في غرينلاند منذ مطلع الثمانينات قد تسارع فجأة اعتبارا من مطلع الألفية وخصوصا في العقد الثاني منها.

وبات الجليد يذوب اليوم بوتيرة أسرع بست مرات مما الحال في الثمانينات.

وبحسب التقديرات المرجعية الأخيرة في هذا الصدد الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في 2014، سيتحقّق أسوأ السيناريوهات المناخية إذا ما ارتفع مستوى المحيطات مترا واحدا في نهاية القرن الحادي والعشرين، بالمقارنة مع الفترة 1986-2005.

أظهرت دراسة جديدة تستند إلى بيانات من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أن وحده جليد غرينلاند كفيل برفع مستوى المحيطات سبعة أمتار من دون أن تستبعد ان يذوب كليا في الألفية المقبلة بفعل الاحترار المناخي.