يقع دير سانت كاترين الذي يشهد ازمة مع محكمة مصرية على سفح جبل سيناء في جنوب شبه الجزيرة، وهو دير اثري أقيم حيث تلقى النبي موسى الوصايا العشر.
الدير تم بناؤه بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول لإيواء الرهبان الذين كانوا يعيشون في شبه جزيرة سيناء منذ القرن الرابع الميلادي، وينتمي للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، وهو يحظى بزيارات من أفواج الحج للمسيحيين اليونانيين.
ويشتمل الدير على هياكل متعددة أهمها كنيسة التجلي، والتي تضم 9 كنائس صغيرة، بالإضافة إلى اشتماله على 10 كنائس أخرى، وأماكن لإقامة الرهبان، وقاعة طعام، ومعصرة زيتون، وصناديق عظام الموتى، ومسجد فاطمي يرجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي، ومكتبة تضم كتبًا نادرة وأكثر من 6000 مخطوطة، وقد تم تسجيل دير سانت كاترين على قائمة التراث العالمي عام 2002، وفق موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.
وبدأ الجدل بعد صدور حكم من إحدى المحاكم المصرية، بأحقية تابعي دير سانت كاترين في الانتفاع بالدير والمواقع الدينية الأثرية بمنطقة سانت كاترين، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة، ووجوب احترام العقود المحررة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين والدير بشأن بعض قطع الأراضي المستغلة بمعرفة تابعي الدير، كما تضمن الحكم أن باقي قطع الأراضي المتنازع عليها هي محميات طبيعية، وجميعها من أملاك الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، ولم تصدر بشأنها أي عقود من جانب جهة الولاية، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
وبعد هذا الحكم، أُثير جدل حوله، وحول استمرار الكهنة داخل الدير والمناطق المحيطة به، والتي تشهد تطورًا ضمن خطة للدولة لزيادة حجم السياحة الدينية الوافدة للمنطقة، وبعد هذا الجدل، أصدرت الرئاسة المصرية، بيانًا رسميًا، أكدت فيه “التزام مصر الكامل بالحفاظ على لمكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين، وعدم المساس بهذه المكانة”، وعلق البيان على الحكم بأنه يمثل “ترسيخًا قانونيًا لهذه المكانة المتميزة”.
وبعد ساعات من هذا البيان، تلقى الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، اتصالًا من رئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، وجدد نفس الرسائل حول الالتزام بالحفاظ على مكانة دير سانت كاترين، والقيم التراثية والروحية والمكانة الدينية الفريدة له.
وتشهد منطقة سانت كاترين التي تضم بلدة تحمل الاسم نفسه ومحمية طبيعية، مشروع تطوير ضخما في إطار سعي الحكومة لتعزيز السياحة فيها الا ان الخلاف نشب بعد اعلان حكم المحكمة المصرية الا ان رئاسة الجمهورية المصرية حسمت الجدل بعد تأكيدها في بيان رسمي التزامها الكامل بالحفاظ على المكانة الفريدة للدير، وعدم المساس بها.
كما أكد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، لرئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، حرص مصر على قدسية الأماكن الدينية والكنسية ومنها الدير.
وكانت أعربت بطريركية الروم الأرثوذكس الأورشليمية عن بالغ قلقها إزاء تحركات المحكمة المصرية لمصادرة الأراضي المحيطة بدير القديسة كاترينا على جبل سيناء الذي يضم
رُفات القديسة كاترينا الإسكندرية، وهو أقدم دير مسيحي مأهول باستمرار.
وأكدت البطريركية الاورشليمية سلطتها الكنسية على الدير، كونه يقع تحت حمايتها التامة: “من واجبنا المقدس ضمان استمرار العبادة المسيحية على هذه الأرض المقدسة، كما كانت عليه الحال منذ سبعة عشر قرنًا، وندين أي انتهاك للوضع المادي أو القضائي لأماكن عبادتنا”.
وأبدت بطريركية الروم الأرثوذكس الأورشليمية تمسكها بقوة بحق ممارسة العبادة وإقامة الشعائر الدينية بأمان وحرية: “لطالما زار الحجاج دير القديسة كاترينا ووقّروه لآلاف السنين. كما أن هذا الدير مُنح وثيقة حماية من قِبل الرّسول مُحمد (عليه السلام) عام 623، وأعاد السلطان سليم الأول تأكيده عام 1517، رمزاً للسلام بين المسيحيين والمسلمين، ومنبع أمل لعالمٍ غارق في الصراعات. لذا فإننا ندعو السلطات المصرية إلى اتباع هذا التقليد الأصيل وضمان حرية العبادة والوصول إلى ديرنا بدون عوائق، ليواصل ديرنا هذا التجسيد لشهادة السيد المسيح القائمة على السلام والمحبة والرجاء”.
وأشادت بطريركية الروم الأرثوذكس الأورشليمية بالبيانات الرسمية الصادرة عن السلطات المصرية، والتي تؤكد “على حرمة ديرنا وسلامته، وتمتنع عن أي انتهاك له”.
وختمت: “ستتابع البطريركية الوضع عن كثب وستنظر بدقة في قرار المحكمة المذكور، وإذا لزم الأمر فإن البطريركية ستدين وتتخذ إجراءات بشأن أي اعتداء على الدير أو انتهاك للوصول إلى هذا الموقع المقدس”.
وكان رئيس أساقفة أثينا واليونان للكنيسة الأرثوذكسية إيرونيموس الثاني اعتبر أن الحكم “فضيحة” وانتهاك من القضاء المصري للحريات الدينية.
ورأى أن القرار يعني أن “أقدم معلم مسيحي أرثوذكسي في العالم، دير سانت كاترين المقدس في سيناء، يدخل الآن فترة من الاختبار الحاد، تستحضر مراحل أكثر قتامة في التاريخ”.
ويرى مراقبون أن المشروع يلحق أضرارا بالنظام البيئي للمحمية ويهدد الدير والمجتمع المحلي.