Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 28, 2024
A A A
ديبلوماسيون في “الخماسية”: لماذا لا تنتخبون رئيسا اليوم؟
الكاتب: رضوان عقيل

كتب رضوان عقيل في “النهار”

لا احد من الافرقاء في الداخل زائد الجهات الدولية صاحبة التأثير في الحياة السياسية اللبنانية ، يقلل من الاخطار الامنية في المنطقة ولبنان مع توجه الانظار الى مستقبل جنوبه، لكن اصواتا ديبلوماسية تدور في فلك “المجموعة الخماسية” من عرب وغربيين لا تزال تتابع الملف الرئاسي المعطل والذي لم يعد يحتل موقع الاهتمام المطلوب في اولويات معظم القوى والكتل النيابية. واذا بقي الاستمرار على هذا المراوحة فمن غير المفاجىء ان تنتهي ولاية المجلس في دورته هذه بعدم قيامه بأهم وظائف واجباته الدستورية أي من دون ان ينتخب رئيسا لبلاد شرعت ابوابها على جملة من الازمات والمشكلات بفعل انتهاج اصحاب الشأن والقرار جملة من الاخطاء وتراكمها فضلا عن تغليب المصالح الفئوية على الوطنية العامة. ولا تخفي مصادر ديبلوماسية القول كما ينقل عنها انه رغم كل ما يدور في لبنان من تهديدات امنية واقتصادية وغيرها وفي ظل كل هذه الانقسامات من انتخاب رئيس الجمهورية ، فان اميركا او الدول الاخرى المشاركة في صنع التسويات في لبنان والمنطقة لا تعارض بل تشجع انتخاب الرئيس العتيد لاخراج لبنان ومواطنيه من هذا الكابوس من الانهيارات المتتالية التي تهدد حياتهم اليومي ومستقبلهم مع عدم انتظام مؤسسات الدولة في ظل وارداتها المالية الشحيحة.

وتعترف المصادر هنا بالدور الذي يمكن ان تلعبه حيال هذا الاستحقاق الذي يبقى مسؤولية لبنانية في الدرجة الاولى الا ان انه في امكان النواب انتخاب الرئيس. وتقول المصادر ان السفيرة الاميركية ليزا جونسون توجه انتقاداتها من دون مواربة للطبقة السياسية في هذا الموضوع من دون اي حواجز ولو انها لا تشير بالاسم الى المرشح المفضل بالنسبة لواشنطن على اساس ان هذه العملية تدخل في صلب مهمات البرلمان الممثل لارادة الناخبين.

ولا يمكن هنا عدم التوقف عند مسألة ان ادارة الرئيس جو بايدن لم تعد قادرة على مواكبة استحقاق الرئاسة لظروف الرئيس الحالي وانشغال الحزب الديموقراطي بمتابعة حملة المرشحة كاملا هاريس مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الاميركية في تشرين الثاني المقبل. ولا تخفي الديبلوماسية الاميركية توجيه جملة من الملاحظات التي لا توفر في طريقها الجهات التهمة بالتعطيل كما جهات اخرى نتيجة ممارستها سياسة التمترس في الخيارات تتخذها ولا تتزحزح عنها في انتظار حصول تبدلات في المشهد السياسي في البلد. ويبقى اقصى ما يمكن ان يفعله بايدن في لبنان في الاسابيع الاخيرة من ولايته هو ان ينجح موفده اموس هوكشتاين في التوصل الى وقف لاطلاق النار على جبهتي جنوب لبنان وشمال اسرائيل شرط التوصل الى هذا المخرج نفسه في غزة اذا نجحت المفاوضات في القاهرة.

واذا حصل هذا التطور الامني وتثبيته على الارض من غزة الى الجنوب سيعاود المعنيون في “الخماسية” تشغيل محركاتهم الرئاسية. وهذا ما تؤكده الديبلوماسية القطرية المنهمكة في متابعة المفاوضات وانتظار ما ستخلص اليه الامور في غزة. واذا كان موقف واشنطن على هذا النحو في مقاربة انتخابات الرئاسة فان باريس التي خاضت اكثر من محاولة وفشلت في رأب الصدع بين الافرقاء أدت في حصيلتها الى ابتعاد موفدها جان – أيف لودريان عن متابعة مهمته في لبنان بعد شريط معاناته مع اكثر من كتلة. ولم يعد الفرنسيون يملكون الزخم من التأثير الذي كانوا يمتلكونه حيال جهات عدة في عقود سابقة في لبنان ولو انهم لن يقدموا على اعلان تخليهم عن لبنان بغض النظر عن الاسم الذي يشغل موقع القرار في الاليزية لجملة من الاعتبارات السياسية والتاريخية.

وفي موازة ذلك لا تختلف القنوات الديبلوماسية الغربية المشاركة في ” الخماسية” عن نظيراتها العربيات في القول ان اللبنانيين يقدرون على انتخاب رئيس للدولة ولو في ظل كل هذه التحديات وان تكون كتلهم واحزابهم الممثلة في البرلمان على هذا القدر الكبير من المسؤولية المواطنية حيث لا يمكن تفهم الاستمرار في الحلقات الضائعة من مسلسل الشغور المفتوح. واضافة الى هذا الملف يقول سفير عربي ان الامر الذي يتوقف عنده هو انه الى جانب اهمية اتمام الاستحقاق الرئاسي لم يتم الى اليوم تلمس التوجه الى اجراء سلسلة من الاصلاحات الضرورية والمطلوبة التي نادى بها صندوق النقد والمجتمع الدولي بغية وضع مؤسسات الدولة على سكة العلاج والاصلاحات لا بل على العكس تتم معالجة الملفات على وقع الصدمة وتمرير الوقت لا اكثر ولو انعكست كل هذه الاخفاقات على مجموع اللبنانيين.

ولم لا يدخل السفير الممثلة دولته في “الخماسية” في الاسم الذي يرون فيه المرشح المناسب للرئاسة في هذه المرحلة؟ يسارع بأسلوبه الديبلوماسي الى تغليف جوابه بان هذه المهمة ترجع اولا الى الكتل النيابية ولو ان علاقات دولته جيدة مع اكثر من نائب فهي تدعم انتخاب رئيس للبنان واطلاق عجلة مؤسساته اليوم قبل الغد.