Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر January 14, 2020
A A A
دياب لا يؤلف.. والحريري لا يصرّف.. والثورة تنزف.. من المنقذ؟!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال
لا يوجد في الأفق اللبناني أية بوادر للانفراج، بل يبدو أن الأمور تزداد تعقيدا، فلا ولادة الحكومة الجديدة تيسرت، ولا الحكومة المستقيلة تقوم بادارة الأزمة، ولا الثورة الشعبية التي بدأت تنزف أوجدت الحلول الناجعة التي يمكن البناء عليها، ما يجعل البلد برمته عبارة عن جبهات سياسية وشعبية متناحرة تسير به الى الانهيار الحتمي.
ربما يظن الرئيس المكلف حسان دياب أن الدنيا بألف خير، وأن تكليفه جاء في ظروف طبيعية ما يمنحه ترف الوقت للدخول في نزاعات وصراعات مع التيارات السياسية التي كلفته قبل تلك التي حجبت أصواتها عنه، وأن يتحصن خلف صلاحيات رئاسة الحكومة وهو الذي لم يحصل بعد على الشرعية السنية لا سياسيا ولا دينيا، ما يجعل محاولاته من دون طائل، ومن دون أي أثر إيجابي على المستوى الشعبي، خصوصا أن الجميع يتطلع الى الانقاذ، من خلال حكومة جدية تحظى بثقة الدول الصديقة والشقيقة، وبثقة الشارع اللبناني الغاضب والغارق في أزماته قبل أن تحظى بثقة مجلس النواب.
من المفترض أن يدرك حسان دياب أن اللبنانيين الساعين وراء لقمة عيشهم، المصطفين يوميا في طوابير طويلة أمام المصارف غير معنيين بـ”مغامراته” السياسية ولا بـ “لحمه الطري” ولا بـ”عظمه القاسي”، بل هم يريدون منه إما أن يؤلف ويذهب الى مجلس النواب طلبا للثقة وفقا للآليات الدستورية، أو أن ينصرف ويترك الأمر لمن يستطيع أن يتفاهم مع التيارات السياسية التي ما تزال ترفض الاعتراف بالواقع وتعاني من إنفصام سياسي يجعلها تعيش في كوكب آخر.
وربما يظن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بأن “الحرد السياسي” الذي يمارسه وإدارة الظهر للواجبات الحكومية المنوطة به، قد تنفعه في الضغط على التيارات السياسية التي قطعت علاقاتها معه، وأنهت التسوية الرئاسية التي دفع ثمنها من رصيده الشعبي، برفضها تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة، أو في الضغط على الشعب اللبناني لدفعه الى المطالبة بعودته على غرار ما يقوم به مناصرو تيار المستقبل في الشارع.
لكن غاب عن ذهن الحريري أن الهيكل اللبناني بلغ مرحلة متقدمة من التصدع وهو إن سقط فسيسقط على رؤوس الجميع، الأمر الذي يحمل الحريري مسؤولية وطنية في القيام بواجبات تصريف الأعمال التي يتعرض رئيس الحكومة للانتقادات من الحلفاء قبل الخصوم بسبب إخلاله فيها.
أما الثورة التي تدخل بعد يومين شهرها الرابع، فما تزال قاصرة عن إيجاد برامج يمكن العمل عليها من أجل إعادة تكوين السلطة، أو الضغط من أجل تشكيل حكومة إنقاذية، بل هي تتأرجح بين غضب هنا وهدوء هناك، وبين قطع طرقات وإقفال مؤسسات ومواجهات مع القوى الأمنية وملاحقة النواب والوزراء في المطاعم والأماكن العامة والتظاهر تحت منزل الرئيس المكلف، بينما المطلوب خطة متكاملة تستطيع من خلالها الثورة فرض شروطها وفقا للآليات الدستورية المتبعة والتخلي عن كل ما من شأنه أن يزيد التوترات التي تسعى التيارات السياسية إليها لوأد هذا المولود الذي أعطى أملا لكل اللبنانيين.
أمام هذا الواقع فإن أكثرية اللبنانيين يعبرون عن غضبهم من “عنتريات” حسان دياب، ومن “تقاعس” سعد الحريري، ومن “عشوائية” الثورة، وهم باتوا يتطلعون الى عملية إنقاذ حقيقية من أي جهة أتت، تكون قادرة على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وقبل فوات الأوان.