Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر November 11, 2023
A A A
دولار الحرب مثل دولار السلم… ولى زمن المضاربين
الكاتب: ليندا مشلب - لبنان الكبير

لم يعد يهتم اللبنانيون بسعر الصرف ويعيشون استقراراً نقدياً وصلنا اليه “بين المزح والجد”، فتخبئة الدولار الأبيض طمعاً بسعر أفضل في السوق الأسود أصبحت انتظاراً من دون جدوى! والسبب يعود الى عدة عوامل تقصاها موقع “لبنان الكبير” من مصادر المصرف المركزي التي أكدت أن السبب الأول يعود الى ارتفاع مستوى قدرة “المركزي” على التحكم بالكتلة النقدية بالعملة الوطنية، اذ في الأيام العشرة الأخيرة فقط، تراجعت الكتلة من ٦٢ ألف مليار الى ٥٥ ألف مليار، وهذا يعد خرقاً كبيراً قياساً الى ما يحصل في المنطقة، فاسرائيل التي تعد الأقوى اقتصادياً والأكثر دعماً استعملت حتى الآن ثلث احتياطي المركزي وتراجع الشيكل ٢٠٪؜ والأمر ينسحب على مصر وتركيا والأردن، اما لبنان فلم يتأثر لأن الكتلة النقدية محدودة وتمت السيطرة عليها أكثر من ذي قبل، ولكن السؤال هل سيبقى الوضع مضبوطاً اذا دخلنا الحرب؟ تجيب المصادر: “ان المشكلة ستكمن في تأمين مصاريف المعركة واحتياجاتها، وليس في اهتزاز وضع الدولار ولعب سعر الصرف، ولو كنا تحت النار”.

وتؤكد المصادر أن الحاكم بالانابة وسيم منصوري أبلغ الحكومة أنه لن يصرف فلساً من دون قانون من المجلس النيابي، ولن يتصرف مهما كانت الاحتياجات بالاحتياط من دون قانون، واذا أرادوا القيام بخطوات استباقية contingency plan)) فليذهبوا اليها الآن ويصوّتوا على قانون يتيح للمصرف المركزي الصرف وتأمين احتياجات الحكومة من احتياطي المودعين، اذا اندلعت الحرب، والا لا مخالفة للقانون، لأنه كما درجت العادة بعد أن تضع الحرب أوزارها تبدأ المحاسبة ولن تذكر الناس سوى صرف الأموال وتقوم القيامة. تماماً كما حصل مع أموال السحوبات الخاصة، الـsdr، التي صرفت أمام عيون النواب والجميع على مدى سنتين ولم يتذكروا المحاسبة الا بعد أن استنفد المبلغ كاملاً، اذ لم يبقَ من المليار و١٣٥ مليون دولار سوى مبلغ بسيط جداً سيدفع لفوائد الـsdr، لسنة واحدة فقط.

الوضع سيء جداً تقول المصادر لكن الناس تلهت بالمغتربين ومن ثم بالحرب على غزة والوضع في الجنوب، فالحصار على لبنان كامل ومستمر، ولن ينتهي الا بحل سياسي. وتستطرد المصادر هنا في التوصيف لتقارن بالدعم العالمي الذي تلقاه الكيان الاسرائيلي وقضى على حريات التعبير في العالم الغربي، فمن كان يتوقع أن يقمع الشعب الأوروبي والأميركي ويمنع من الدعوة مثلاً الى الكف عن قتل أطفال غزة على الرغم من الأصوات الخجولة التي تسمع، والمعركة الاعلامية التي خاضها الصهاينة خطيرة جداً وكشفت هشاشة الدول والأنظمة أمام المصالح الكبرى والكارتيلات العالمية، (أكبر شركات الاستثمار أصولها يهودية black rock تدير أصولاً بقيمة 8.6 تريليون دولار وشركة vanguard التي تدير أصولا بقيمة 8.1 تريليون دولار)، الصهيونية العالمية تسيطر على العالم والمعركة لن تكون سهلة على الرغم من التحولات. وهذا الاستطراد تقول المصادر، “لنتذكر وندرك كم هو حجمنا لذلك على قد بساطنا رح نمد اجرينا، ونشكر الله كيف يلطف بنا”.

اذاً لبنان ليس سوى نقطة في بحر التحكم العالمي وبصعوبة قصوى يحاول السيطرة على أزمته المالية والنقدية، وبما تيسر له من اجراءات، نجح آخر ما اتخذ منها بضبط سوق الصرف، اذ يكشف مصدر مالي بارز لـ “لبنان الكبير” أن ضبط المضاربين كان له الوقع الأكبر على استقرار الدولار عندما تم تجريد أسلحتهم من الرصاص (العملة اللبنانية)، والعامل الآخر هو التحكم برواتب القطاع العام التي تبلغ قيمتها ٨٠ مليون دولار يتم تأمينها وسحبها من السوق تباعاً بطريقة تدريجية هادئة بالتعاون مع المصارف مع مراقبة مصدر الأموال high compliance لنتجنب الدخول في عمليات التدقيق بتهمة تبييض الأموال، بالاضافة الى فك ارتباط مصرف لبنان عن مسؤولية اختلال الميزان التجاري، ولا ننسى توقف صيرفة التي شكلت أكبر هدر للدولارات والتي استفاد منها ٤٢٠ ألفاً من كبار التجار ومدراء البنوك و”المضاربجية”.

الخلاصة أن استقرار سعر الصرف لأول مرة ليس وهمياً بل حقيقة، والقول ان الدولار يستحيل أن ينخفض أكثر ليس واقعياً فاذا أضيف الى هذه الاجراءات استقرار سياسي وحل للأزمة اللبنانية يفتح الباب أكثر أمام انخفاض أكبر حتى من دون دخول ودائع ومساعدات وقروض خارجية، فالسعر ليس مشكلة وكل شيئ يمكن فعله اذا وجد الحل عبر تطوير الخدمات واعداد خطة اقتصادية قابلة للتنفيذ.

وفي المعلومات أن الخطوات التي يقوم بها منصوري تواكب باجراءات أمنية مشددة ومحكمة على المضاربين، وهذا له تأثير كبير على استقرار سعر الصرف اذ تم توقيف غروبات “الواتس اب” للصرافين، فقد مر لبنان بأحداث كبيرة منذ مدة من الكحالة الى عين الحلوة وآخرها وأخطرها غزة والجبهة الجنوبية ولم يتأثر سعر الدولار، بينما كان في السابق عرضة للجنون مع اعلان موقف سياسي فكيف بأحداث؟

انه القرار السياسي دائماً وأبداً.