Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 20, 2022
A A A
دجاجة رفع تعرفة الكهرباء قبل أم بيضة التغذية بالتيار؟
الكاتب: مرسال الترس - سفير الشمال

في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وعندما كانت المناطق اللبنانية كافة تعاني من التقنين في ساعات التغذية بالتيار الكهربائي صفق اللبنانيون عندما سمعوا قراراً من رئيس الحكومة آنذاك الرئيس رفيق الحريري بانه ينوي جلب بواخر تنتج الطاقة الكهربائية من اجل تأمين التيار لجميع المناطق بساعات تغذية أوسع وربما لإربع وعشرين ساعة.

بعد عقد ونيّف استشهد الرئيس الحريري وبعد عقد آخر رست بواخر انتاج الطاقة على الشواطئ اللبنانية وهدرت الدولة اللبنانية (كما تقول الأرقام الرسمية) عشرات المليارات من الدولارات الأميركية، ووصلنا للعام 2022 وبالكاد يرى اللبنانيون “كهرباء الدولة” ساعة او ساعتين في اليوم بعد غياب متواصل لأيام وأيام. حتى تردّد أمامهم خبر يتضمن التالي: “قرار رفع تعرفة الكهرباء لتأمين 8 ساعات تغذية ما زال معلقاً اذ انه يتطلب رفعها لمدة ثلاثة اشهر مع الابقاء على ساعة تغذية يومياً ما جوبه بالرفض الوزاري والاصرار على عدم زيادة التعرفة قبل زيادة التغذية”.

إذاً بعد ثلاثة عقود بالتمام والكمال لم يستطع المسؤولون في لبنان أن يحددوا ما اذا كانت بيضة التغذية بالتيار الكهربائي هي قبل أم أن دجاجة رفع تعرفة الكهرباء يجب ان تسبقها.

وفي كل الحالات ما ذنب المواطنين الذين باتوا يدفعون الكلفة الأعلى التي تقضم معظم مداخيلهم مقابل ساعات التغذية بالتيار الكهربائي بواسطة المولدات الخاصة.

وما هو ذنب المرضى الذين يحتاجون لالآت تنفس اصطناعي تتطلب طاقة دائمة ليبقوا على قيد الحياة. وهل يستطيعون الانتظار لسنوات وسنوات كي تستطيع الدولة إتخاذ القرار المناسب لتأمين التيار لمواطنيها.

وما هو ذنب الأطفال حديثي الولادة الذين يحتاجون لعناية خاصة في غرف تتطلب تأمين التيار الكهربائي طوال اليوم. وهل بمقدورهم الانتظار سنوات كي تحزم الدولة أمرها، وبخاصة أن امثالهم كانوا يهلكون في ما مضى عندما لم يكن الطب قد تطور الى المستويات الحالية.

وهل بمقدور الصناعة في لبنان ان تكافح سنوات وعقوداً كي تؤمن الاستمرار في انتاجها، أم تراها تقرّر التفتيش عن ملاذ أو بلد آخر، وكذلك الأمر بالنسبة للزراعة وكل المكونات الانتاجية. هذا اذا لم نرغب في فتح باب الحديث عن السياحة والاتصالات الحديثة وما يرتبط بها من عوالم التواصل الاجتماعي!

يبدو أن فكرة ان لبنان قد أصبح دولة فاشلة تتقدم على ما عداها، والمطلوب الوصول الى نظام متجدد يستطيع ان يتخذ قرارات ليس في الكهرباء وحسب، وانما في مجمل الأمور التي تحولت الى أزمات تتفاقم ساعة بعد أخرى.