Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر August 16, 2017
A A A
داعش يسعى إلى تغيير إستراتيجيته وسط الهزائم
الكاتب: الحياة

على رغم خسارة «تنظيم داعش» أكبر معاقله العراقية في مدينة الموصل، وأكثر من نصف معقله السوري في مدينة الرقة، فإن ذلك لا يعني نهاية النزاعات في هذين البلدين اللذين يواجهان تحديات ضخمة، وفق ما يشير خبراء.

ولم يعد «داعش» يسيطر سوى على مناطق محدودة في شمال العراق وغربه. وفي سورية، تمكنت «قوات سورية الديموقراطية»، وهي تحالف عربي- كردي مدعوم من التحالف الدولي، من السيطرة على أكثر من نصف معقل «داعش» في مدينة الرقة بشمال سورية، فيما تمكنت القوات النظامية السورية من طرد «داعش» من محافظة حلب (شمال) وإلحاق هزائم به في البادية، وسط سورية.

ويرى أستاذ التاريخ الدولي في معهد الدراسات العليا في جنيف محمد محمود ولد محمدو في حديث إلى فرانس برس أنه «عاجلاً أم آجلاً، سيخسر التنظيم الرقة». ورجّح ولد محمدو، وهو مؤلف كتاب «نظرية داعش»، أنه «كما في العراق، سيعود التنظيم مجدداً في مكان آخر وبمظهر جديد».

وخلال ثلاث سنوات، استطاع التنظيم السيطرة على ما يقارب ثلث مساحة العراق، ومناطق واسعة في سورية. وفي تلك المناطق التي «شبكها عسكرياً، أنشأ إدارة ذاتية»، وفق ما يذكر ولد محمدو. ويتابع أن «أثر (داعش) سيطول، وباستطاعته أن يعيد تشكيل نفسه على غرار تنظيمه في العراق بعد عام 2007 عندما أعلنت نهايته ليعود أكثر قوة» حتى وصوله إلى إعلان «الخلافة» في الموصل عام 2014.

من جهة أخرى، يشير المتخصص بشؤون العراق إلى أن «داعش» «يواصل هجماته دولياً».
ويسعى التنظيم وسط هزائمه، إلى تغيير إستراتيجيته في مواجهة دول تسعى إلى تحويل مكاسبها العسكرية إلى مكاسب سياسية.

وقال المتخصص في الحركات الجهادية ماثيو غيدير لوكالة فرانس برس إن «المصطلحات الرئيسية للتنظيم (هي) إعادة التنظيم وإعادة الانتشار».

ففي العراق، وبمجرد استعادة السيطرة تدريجياً على المدن الخاضعة للتنظيم، فإن «الانقسامات التقليدية» الطائفية والسياسية والعرقية، ستعود للظهور مجدداً على الساحة، وفق ما يتوقع غيدير. ويضيف أنه يجب مراقبة «ما إذا كان (داعش) سيستطيع الاستفادة من ذلك».

ووفق ولد محمدو، فإن ذلك يعود إلى أن التنظيم «هو التجلي العنيف والطويل والمعقد لنقاط الخلل العراقية»، لذلك من الضروري التوصل إلى «ميثاق وطني جديد».

ويرى الخبراء أن التحدي الأكبر للحكومة العراقية، التي يغلب عليها الشيعة، هو استعادة ثقة السنة، وخصوصًا في الموصل، أكبر مدنهم.

وفي الوقت نفسه، يتحتم على الحكومة المناورة بحكمة في وجه «قوات الحشد الشعبي»، التي تضم فصائل شيعية بعضها مدعوم من إيران التي تلعب دوراً إقليمياً بارزاً وتسعى إلى تعزيز نفوذها في العراق وسورية.

وبعد ثلاث سنوات من حكم «الخلافة» في سورية والعراق، تسعى دمشق وبغداد اليوم إلى استثمار الانتصارات العسكرية كدليل على قوة الدولة وأجهزتها، وعلى استعادة دورها على الساحة الدولية.

وأكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مراراً على أن بلاده، التي قال عنها البعض إنها «انتهت» في عام 2014، أصبحت اليوم «أكثر قوة داخلياً ودولياً». غير أنه لن يكون بوسع البلاد تفادي الدخول في مراجعة للأسباب التي أدت إلى تنامي قدرات «داعش».

ويرى الخبراء أن هناك تحديات كبيرة أمام حكومة بغداد، بينها المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وتواجد قوات الحشد الشعبي الشيعية في المدن السنية، ومسألة الأقليات وخصوصاً بعد المجازر التي تعرض لها الإيزيديون.

المشكلة نفسها مطروحة في سورية، بمجرد استعادة السيطرة على الرقة. فالقوات الكردية التي تشكل غالبية «قوات سورية الديموقراطية» قد تتصادم مع قوات النظام السوري.

ويؤكد خبير الجغرافيا والمتخصص في الملف السوري فابريس بلانش لفرانس برس أن النظام السوري «يريد السيطرة على المباني الحكومية في الرقة، ويرفض تأسيس إدارة حكم ذاتي في المدينة».

ويقول ولد محمدو إن الصراع في سورية «يتجاوز مسألة داعش». ويضيف أنه «تحت مسمى مكافحة الإرهاب الإسلامي، غضت حكومات غربية عدة النظر عن المجازر التي ارتكبها النظام السوري».