Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر March 12, 2020
A A A
“داء” الاقتصاد العالمي…”خبيث” مع “كورونا”
الكاتب: نداء الوطن

حتى الساعة، تبدو الوصفة الطبية لشفاء الاقتصاد من أزمة كورونا بعيدة المنال. واذا كانت الولايات المتحدة عاجزة عن حصر الضرر الاقتصادي – المالي الناجم عن هذا الفيروس الفتّاك، فأي دولة ستتمكن منه؟ لذلك يبقى الأهم، دراسة المعطيات الوافرة لمعرفة ما اذا كان الاقتصاد العالمي ككلّ قادراً على الخروج من هذه الكارثة لا سيما وأن فرص تعافيه من آثار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين كانت ضئيلة، أما أوروبا فبدورها ترزح تحت وطأة ركود مستدام.

بعد تجاهل فيروس ” Covid-19 ” أثناء انتشاره في جميع أنحاء الصين، ردت الأسواق المالية العالمية بقوة الأسبوع الماضي عندما تغلغل الفيروس إلى أوروبا والشرق الأوسط، مما أثار المخاوف من انتشار وباء عالمي وبالتالي كساد في الاقتصاد العالمي الذي أصبح أمراً واقعاً.

في العادة، عندما يضرب وباء ما دول العالم، يتمّ التصدي له إن كانت وتيرة النمو جيّدة، وهو ما ليس متوفراً اليوم في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤاً حاداً. فمن أميركا إلى الصين وصولاً الى أوروبا وحتى اليابان يتزايد الهبوط الشرس في النمو الاقتصادي لهذه الاسواق، وغالباً ما يؤدي في نهاية المطاف الى الكساد وانخفاض الأسعار كما ويُترجم انخفاضاً في معدلات الإنتاج وارتفاعاً في نسبة البطالة.

تشهد الصين على سبيل المثال نسب تباطؤ في النمو غير مسبوقة حيث انخفضت من 8% العام 2017 الى 6% قبل أن تعود وتصبح 4.5% في الربع الاخير من العام 2019. ذلك يعني أن الصين الشعبية تعاني من انكماش بليغ، فالاقتصاد الصيني خلال العام 2003 أي عندما تفشّى فيروس سارز كان بالكاد يشكل نحو 5% من الاقتصاد العالمي، فيما بات يلامس اليوم حدود الـ 16% من الاقتصاد العالمي، لذلك فإن تأثير أزمة كورونا سيكون أبلغ وأعمق لا بل شديد العنف.

بحسب الخبراء، من المرجّح أن تطول فترة هذه الشدّة مقارنة مع ما شهده الاقتصاد العالمي العام 2003 على أثر انتشار فيروس سارز الذي ادى الى انكماش اقتصادي مرحليّ تبعته وثبة مالية. ستمتد الأزمة لأشهر، وهنا لا بد من الاشارة الى ان الادوات الاقتصادية التي كانت متاحة في السابق ليست كذلك اليوم لا سيما وان اميركا سبق وخفضت معدلات الفائدة لتحسين نسب النمو. ذلك يعني أنه لم يعد من الممكن خفض معدلات الفوائد وهو ما كان يحصل في العادة من أجل إطلاق العجلة الاقتصادية في حالات مشابهة. الى ذلك، فإنّ ضخّ الاموال والسيولة لم يعد متاحاً اليوم مع ما تشهده اقتصادات العالم بسبب مديونية الدول. فالمديونية كبيرة وهي على ارتفاع لذا فان ازمة من هذا النوع قد تكون فتاكة بالنسبة الى الاقتصاد الا اذا كان هناك علاج مناسب في وقت سريع وهو ما لا يلوح في الأفق القريب.

باختصار لم تعد الوسائل التي كانت متاحة صالحة لامتصاص آثار أي كارثة من هذا النوع، خصوصاً وأن معضلة تدني النمو والكساد كانت قد بدأت تهلك الاقتصاد العالمي قبل انتشار الكورونا لذا فإنّ الأدوات المعتادة التي يعتمد عليها صانعو السياسات الاقتصادية، مثل التخفيضات الضريبية والإنفاق التحفيزي وغيرها من تدابير لم تعد تجدي نفعاً.