Beirut weather 28.7 ° C
تاريخ النشر April 13, 2025
A A A
خمسون سنة على ١٣ نيسان
الكاتب: الباحث روي عريجي - موقع المرده

١٣ نيسان ١٩٧٥ – ١٣ نيسان ٢٠٢٥ خمسون سنة على بداية واحدة من أبشع الحروب التي مرّت على لبنان..
هذه الحرب التي بدأ يتحضّر لها، ليس بشكل مباشر (!!)، منذ توقيع لبنان اتفاق القاهرة في عهد الرئيس شارل حلو في سنة ١٩٦٩ والذي ينسب الشهيد طوني فرنجيه الى هذه الاتفاقية اسباب حرب لبنان في آخر حديث صحفي له مع الإعلاميين عوني الكعكي (نقيب الصحافة الحالي) والإعلامي خليل خوري، على صفحات جريدة الشرق في حزيران من سنة ١٩٧٨ قبل يومين على واحدة من أبشع المجازر مجزرة اهدن.
سأله الصحافيان: ما هي الصيغة المقترحة للتفاهم من الآن وحتى حل مشكلة الفلسطينيين، وهل سيبقى وضع لبنان مرتبطاً بالقضية الفلسطينية؟
فجاوبهما: لسنا نحن الذين نربط بين القضيتين اللبنانية والفلسطينية. نحن نخشى من عمل واحد وهو أن يطير بلدنا قبل أن يعودوا إلى بلدهم، وهذا امر كاد ان يحصل ولا أعتقد اننا نطلب منهم الكثير اذا طلبنا بأن نبقى في بلادنا. لقد عشنا معا ثلاثين سنة كانوا خلالها معززين مكرمين ولم نختلف معهم إلا عندما بدأوا يتسلحون في بلدنا. حتى اننا سمحنا لهم بحمل اسلحة معقولة عبر “اتفاق القاهرة”. وكلنا رأيناكم.. احترموا توقيعكم على “اتفاق القاهرة”. حتى الرئيس عبد الناصر أبدى استغرابه كيف نقبل بـ ”اتفاقية القاهرة”؟ (…)”
وزد على ذلك الازدهار غير المسبوق الذي عاشه لبنان خلال عهد الرئيس سليمان فرنجيه الذي من الممكن انه لم يرق للعديد من الدول فبدأت تشعل الحوادث المتفرقة وصولا الى حادثة عين الرمانة.
لست هنا بصدد سرد أحداث الحرب الأهلية، انما من خلال لقاءاتي الكثيرة مع المشاركين في حرب لبنان وشغفي للتعرف على ما حصل في منطقتنا زغرتا-الزاوية، التي لم يُذكر دورها الأساسي في اسقاط مشروع توطين الفلسطينيين لإراحة إسرائيل، يدفعني اكثر فأكثر الى نبذ كل اجواء الحروب، لماذا؟

لأنك عندما تلتقي بذاك الرجل الذي كان طفلاً وقت استشهد والده ويأخذك تفكيرك بكيف كانوا يقضون الأعياد من دون أب، او عندما تبدأ بالبحث في مجريات المعارك مع مقاتلين ابطال يروون في معرض حديثهم كيف سقط برصاصة قنّاص رفيقهم الذي كان قبل لحظات يروي لهم كيف التقى بأهله وزوجته التي اولدت له طفله الأول من حوالي اشهر قليلة في اهدن، او عن تلك الأمّ التي اصبحت مسؤولة العائلة بعدما فقدت شريكها ولبست الأسود الى الأبد وكما تقول: “زوجي راح فدى زغرتا وفدى لبنان بس الزعل صار رفيقنا بكل حياتنا وولادي بيضحكو بس بحزن، السند راح”، او عن ذلك الشاب الذي فقد احد اعضائه وهو بأول عمر الشباب لتتبدّد احلامه التي رسمها في الجامعة قبل الحرب، وغيرها من المرويّات التي تكفّرك بالحرب.
واليوم وبعد ٥٠ عاما على الحرب ومن خلال موقعي كشاب لم يعش الحرب انما رأى والده واقرباءه وآباء اصدقاءه وأصدقاء ابوه، من المشاركين فيها كيف تبدّدت احلامهم وفقدوا طموحاتهم، وكشاب اوثّق مرحلة حرب السنتين في زغرتا، اطلب أن يتمّ التروّي والتمعن في عوائل الشهداء ويغرفوا قليلاً في داخل هؤلاء ليكتشفوا المأساة التي يعيشونها عند كلّ مفترق عائلي.
لذلك أطلب من كل المسؤولين الدينيين والزمنيين ومراكز ابحاث الجامعات وضع الأسس العملية لمشىروع “تنقية الذاكرة الجماعية من ذيول الحرب” لأننا كلما ابقينا القفازات في أيادينا ولا نتكلم بهذا الحدث او ذاك بشكل علمي ستنعدم الثقة بيننا اكثر فأكثر وستزيد أزماتنا اكثر وسنذهب بأرجلنا مرة أخرى الى حرب لا يمكن لأحد معرفة مصيرها.
فبالحوار الشفاف حول الحرب نستخلص العبر والدروس..
بالحوار نكون فعلا كرّمنا وأحيينا ابطالنا الشهداء وحققنا هدفهم ببناء وطن سيّد حرّ موحدّ ومستقل ليبقى لبنان وطن الرسالة. ”

*الصورة بعدسة المهندس خليل معوض