Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر October 4, 2017
A A A
“خلايا نائمة” لمئات الإرهابيين في لبنان
الكاتب: علي بردى - النهار

يعترف مسؤولون في الأمم المتحدة وديبلوماسيون في مجلس الأمن بأنّ لبنان حقق في الأشهر القليلة الماضية إنجازاً رئيساً، إذ تمكنت قواته المسلحة من القضاء على بؤر نائية على الحدود اللبنانية – السورية حوّلتها “الدولة الإسلامية – داعش” أرضاً خصبة ومنطلقاً لنشاطاتها الإرهابية. غير أنهم حذروا السلطات اللبنانية من الاستكانة لخطر “المجموعات النائمة” التي يمكن أن يصل عدد أفرادها إلى المئات في عمق لبنان.

تلقت الجماعات الإرهابية عبر العراق وسوريا ولبنان ضربات قاصمة خلال الأشهر الماضية. وتسابقت العمليات العسكرية للقوى والتحالفات الدولية والإقليمية والمحلية في محاولة لسحق “داعش” والقضاء عليه. تجلى السباق في سعي القوى العربية والكردية – مدعومة بتحالف دولي إقليمي من أكثر من ٦٥ دولة بقيادة الولايات المتحدة – إلى السيطرة على مدينة الرقة التي جعلها “داعش” عاصمة الخلافة في الدولة الإسلامية بقيادة أبو بكر البغدادي. وكذلك ظهر السباق محموماً في جهود القوّات النظامية السورية – بدعم من تشكيلات عسكرية روسية وقوات إيرانية الهوية أو الهوى وفي مقدمها “حزب الله” – أملاً السيطرة الكاملة على مدينة دير الزور، شرق نهر الفرات. يعتقد ديبلوماسيون أنّ نهاية “داعش” اقتربت، غير أنّ القضاء على جهاديي الجماعات الإرهابية لا يزال بعيد المنال.

معركة الخلايا النائمة
لا توجد لدى الأجهزة الخاصّة بمكافحة الإرهاب في منظومة الأمم المتحدة أرقام نهائية عن عدد الإرهابيين المحتملين في لبنان، غير تلك التي توفّرها المصادر الموثوقة في السلطات اللبنانية. على الرغم من الجهود الناجحة التي بذلتها، ولا تزال تبذلها القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية المختلفة للقبض على المشتبه فيهم وتقديمهم للعدالة، ترجّح بعض المعلومات أن يكون هناك قرابة ٨٠٠ شخص من جنسيات لبنانية وغير لبنانية يمكن أن ينشطوا في أوقات غير محددة. وخلافاً للمواجهات التي دارت على طول الحدود اللبنانية – السورية حيث اضطلع “حزب الله” بدور رئيس في طرد المسلحين، من إرهابيين وغير إرهابيين، من هذه المناطق واستعادتها، فإنّ الجيش اللبناني والقوى الأمنية المختلفة وأجهزة الاستخبارات الرسمية اللبنانية تولّت حتى الآن الدور الرئيس في رصد الإرهابيين وإحباط نشاطاتهم والقبض عليهم داخل الأراضي اللبنانية.

يكمن الخوف الأكبر لدى الخبراء الدوليين في مكافحة الإرهاب، في إمكان ظهور نسخة ثالثة أكثر وحشية ودموية من التنظيم الإرهابي، باعتبار أنّ النسخة الأولى تمثلت بـ “الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش” والثانية بـ “الدولة الإسلامية – داعش”. ثمة نسخ أخرى أبرزها تنظيم “القاعدة” وجماعات عديدة أخرى اعتنقت مذهبها الإرهاب.

يمكن الجماعات الإرهابية أن تستثمر في “الخلايا النائمة” عبر لبنان وغيره من دول الجوار.

عمل واحد ومتناسق
مجلس الأمن استبق ما يمكن أن يحصل من “التهديدات للأمن والسلم الدوليين بسبب الأعمال الإرهابية”. في الذكرى السنوية السادسة عشرة لاعتماد مجلس الأمن القرار ١٣٧٣ عام ٢٠٠١، استمع أعضاؤه إلى إحاطة هي الأولى لوكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف، وهو ديبلوماسي روسي استذكر عشرات الآلاف من ضحايا الإرهاب حول العالم، آملاً أن يؤدي مكتب مكافحة الإرهاب الذي شكله الأمين العام أنطونيو غوتيريس إلى إحداث فرق نوعي في دعمنا للدول الأعضاء، من خلال إبراز القيادة وحشد الموارد وتطوير إطار عمل واحد ومتناسق لمحاربة الإرهاب ومنع التطرف العنيف المؤدي للإرهاب، مع هيئات الأمم المتحدة في المقرّ الرئيسي والميدان. وقال: “إنّ دعم الدول الأعضاء ومساعدتها أمران رئيسان في هذا المجال”. وأكد أنه سيعمل عن قرب مع جميع الدول الأعضاء ومجلس الأمن والجمعية العامة وكل الجهات المعنية. وأشار إلى أنه عقد أكثر من ٥٠ اجتماعاً رفيع المستوى مع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية على هامش المداولات العامّة للدورة السنوية الـ٧٢ للجمعية العمومية. وبناءً على المشاورات وكلمات الدول في المداولات العامة، حدد المسؤول الدولي ستة مجالات رئيسة في مجال جهود مكافحة الإرهاب هي: تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، منع التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب في سياق الركن الأول لاستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، التصدي لاستخدام الإرهابيين لشبكة الإنترنت، تعزيز الحوار بين الثقافات، التصدي لتهديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، زيادة تبادل المعلومات وأفضل ممارسات مكافحة الإرهاب.

وتحدث فورونكوف عن ضرورة التنسيق بين جهود الأمم المتحدة في هذا المجال لتطوير إطار عمل منسّق لهذه الجهود. وأكد ضرورة أن تحشد الدول الأعضاء الإرادة السياسية والموارد الضرورية، خاصّة عبر التطبيق الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاقات محاربة الإرهاب.

وقال المسؤول عن المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب ديفيد شاريا، إنّ المديرية عملت منذ تقويمات الدول إنشاءها على تزويد لجنة مكافحة الإرهاب بتقويمات مستقلة لتنفيذ الدول الأعضاء لقرارات المجلس المتعلقة بالإرهاب، موضحاً أن من الأدوات الرئيسة المستخدمة في تلك العملية الزيارات القطرية – وهي عملية تعاونية تضمّ خبراء من العديد من المنظمات الشريكة. وعلى العموم، قامت المديرية التنفيذية بـ ١٣٣ زيارة إلى ٩٦ دولة عضواً، منها ٤٥ زيارة منذ عرضها السابق. وقد تحقق الكثير من خلال تلك العملية، بما في ذلك القوانين الوطنية والإقليمية الجديدة التي سنّت، وإنشاء مؤسسات جديدة وتعزيز القدرات. وقال إنّ المديرية التنفيذية تعلّمت من خلال تلك الزيارات أنّ العديد من الدول لم تتخذ بعد جميع تدابير مكافحة الإرهاب. وقال إنه يجب العمل على توصيات اللجنة بسرعة أكبر وعلى نطاق أوسع، مشدداً على ضرورة تجنب أيّ تصور بأن المساعدة التقنية شرط مسبق لتنفيذ القرارات الملزمة لمجلس الأمن.

وقال المندوب المصري عمر أبو العطا رئيس اللجنة، إنّ الزيارات القطرية كانت أيضاً أداة هامّة للجنة مجلس الأمن المنشأة عملاً بالقرار ١٣٧٣ بشأن مكافحة الإرهاب. وأضاف أنّ التهديد الإرهابي السريع وسعته يعنيان أنّ هذه الزيارات أصبحت أكثر تعقيداً، مشيراً إلى أنّ المجلس اعتمد في غضون فترة قصيرة ستة قرارات جديدة بشأن مكافحة الإرهاب. ولاحظ أنّ بعض الدول لم تتخذ بعد كل التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب، فيما تواجه بلدان أخرى تحديات في ضمان عرض التدابير القائمة حالياً وتعديلها باستمرار مع تطوير الإرهابيين لأساليب وتقنيات تشغيلية جديدة. وأضاف أنّ “تقويماتنا وتحليلاتنا تبين أنّ العديد من الدول تفتقر إلى القدرات والموارد اللازمة للامتثال الفعّال لقرارات المجلس”، مشيراً إلى أنّ تقويمات المتابعة أظهرت تقدماً غير متكافئ فى تنفيذ التوصيات.

الخروج من نيويورك
وقالت ممثلة الولايات المتحدة إنّ بلدها وشركاءها يحرزون تقدماً ضد الإرهاب، فيما ظلت الأمم المتحدة في معظمها على الجانب الآخر. واستطردت أنّ المجلس أصدر قرارات هامّة لتجريم أعمال الإرهاب وإنهاء تدفقات المعارك الإرهابية الأجنبية. “ومع ذلك، فإن هذه القرارات لن تكون إلا كلاماً على الورق إذا لم تنفذ”، وأكدت دور الأمم المتحدة في مساعدة الدول في مراحل التنفيذ. وأضافت أنّ هيئات مكافحة الإرهاب في المنظمة يجب أن تعمل معاً، مضيفة أنه يتعين على الأمم المتحدة الخروج من نيويورك وإشراك لاعبين مختلفين في هذا المجال.