Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر August 31, 2016
A A A
خطر داعش وعدوانية الناتو
الكاتب: أشرف كمال - سبوتنيك

مع انهيار الاتحاد السوفيتي واختفاء حلف “وارسو” وانتهاء الحرب الباردة، كان من الطبيعي أن يختفي حلف الـ”ناتو”، لكن الولايات المتحدة التي سعت إلى استمرار وجودها عسكريا في أوروبا الغربية ثم التوسع؛ يستمر الحلف في أداء دوره وتغيير استراتيجيته التي تدفعه إلى التدخل عسكريا في شؤون الدول المستقلة، على غرار ما حدث في يوغسلافيا ويجري حاليا في ليبيا.

محاولات فرض حلف شمال الأطلسي على المجتمع الدولي كقوة عسكرية بعيدا عن الشرعية الدولية، والتدخل في تسوية أزمات المجتمع الدولي وتجاهل مجلس الأمن، ما هي إلا محاولة لإدراة الأزمات الدولية وفق مصالح واشنطن واستراتيجية الحلف العسكري الذي لم يعد هناك مبرر فعلي لاستمرار وجوده.

صناعة “داعش”
وحتى يستمر الحلف كأداة من أدوات واشنطن في مناطق مختلفة من العالم خاصة أوروبا والشرق الأوسط، وضمان تحمل الدول الأعضاء مسؤولية توفير التمويل المالي والدعم العسكري والسياسي، كان يجب خلق مصادر تهديد جديدة وإدخال تعديلات على العقيدة العسكرية وإعادة هيكلة قوته، من خلال سياسة توسعية بضم عدد من دول الاتحاد السوفيتي السابق والحيلولة دون تحقيق أي توازن جديد في القوى إقليميا ودوليا تعتبره واشنطن تهديدا لمصالحها.

ارتفع عدد التنظيمات الإرهابية خلال السنوات السابقة، وأصبح الخطر الذي تمثله هذه التنظيمات مثيرا للقلق بالنظر إلى المناطق التي تشهد نشاطا متزايدا للعناصر المتطرفة في المنطقة العربية وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء. هناك من يستخدم التنظيمات الإرهابية أداة لتحقيق أهداف سياسية، والحرب التي بدأت عام 2001 من أفغانستان، انتقلت إلى العراق ثم سوريا وليبيا ومالي ونيجيريا، ولم تكن تستهدف سوى خلق الفوضى، وتصاعد العمليات الإرهابية حتى وصل المجتمع الدولي إلى المشهد الراهن.

ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي، في حديث سابق لـ “سبوتنيك”: الولايات المتحدة تعمل على استدراج وتوظيف هذه الجماعات، بما يخدم مصالحها الاستراتيجية والجيوسياسية، وأن كثيرا من الدول العربية التقت مصالحها مع السياسة الأميركية، فضلاً عن أن مصالح المقاتل الإرهابي توافقت مع مصالح واشنطن”

واعتبر الباحث “خطط تنظيم القاعدة تلاقت مع فكر مستشارة الأمن القومي الأميركي كونداليزا رايس، التي كانت تعتمد على الفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الأوسط،، حيث أن التوحش يصنع الفوضى في المنطقة، وهذا ما يعمل عليه تنظيم “داعش”.

طريق الإرهاب والتطرف
التدخل العسكري للحلف أو للدول الأعضاء فيه، سواء في إطار القيادة العسكرية الموحدة أو في إطار فردي من جانب الدول الأعضاء، وعدم الالتزام بقررات الشرعية الدولية وانتهاك القانون الدولي المعاصر من الأسباب الحقيقية لاشتعال فتيل الحروب والتقسيم على أساس طائفي وعرقي في مناطق مختلفة من العالم.

وتدخل الحلف في ليبيا عام 2011، قد سبب في وصول البلاد إلى المشهد الراهن، حيث الانقسام السياسي والعسكري في أجواء من الفوضى، وباتت الأراضي الليبية ملاذا آمنا لبؤر التطرف والإرهاب، فضلا عن العشوائية في انتشار السلاح وما يمثله من تهديد على البلاد وعلى دول الجوار، وأصبح أمام ليبيا طريق طويل لاستعادة الأمن والاستقرار.

يتحمل حلف شمال الأطلسي الجريمة التي أودت بليبيا إلى أن تكون دولة “فاشلة”، عاجزة عن تقديم تشكيل مؤسسات قوية قادرة على تعزيز دور الدولة في بسط الأمن ورعاية وحماية المواطنين.

الاستراتيجية الجديدة للـ”ناتو” تضع منطقة الشرق الأوسط في أولوية عملياتها العسكرية الخارجية، باعتبارها منطقة صراع ونزاعات قريبة من مناطق نفوذه، الأمر الذي يجعل من الدول العربية هدفاً للتدخلات العسكرية من جانب قوات الحلف، بذرائع مختلفة، بينما المحصلة هي إفساح المجال أمام تنامي وتصاعد خطر “داعش” والجماعات الإرهابية الأخرى والمليشيات المسلحة، وخلق أجواء من التطرف العنيف والفوضى.

التوسع شرقا
تمثل منطقة شرق أوروبا عنصرا مهما في الاستراتيجية الجديدة لحلف شمال الأطلسي، حيث يهدف إلى خلق نقاط ارتكاز في منطقتي شرق أوروبا ووسط آسيا بما يعني التهديد المباشر للمصالح الروسية والأمن القومي الروسي.

ويعمل الحلف على نشر تعزيزات عسكرية في أوروبا الشرقية، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا، ورومانيا وبلغاريا، فضلا عن قرار إنشاء قوة جديدة للتدخل السريع على الحدود مع روسيا، وتكون قادرة على الانتشار في حالات الأزمة، وقرار تأسيس ستة مراكز متعددة الجنسيات للقيادة شرق أوروبا.

نجحت واشنطن في بقاء الـ”ناتو” واستمرار دوره في إطار استراتيجية الولايات المتحدة للهيمنة وبسط النفوذ في مناطق مختلفة من العالم، خصوصا تلك التي تزخر بمصادر الطاقة المختلفة، وهذا ما يفسر عمليات الحلف العسكرية والتحرك السياسي للدول الأعضاء، في ليبيا وكييف، فضلا عن الاستراتيجية التوسعية الجديدة والتي من شأنها توفير أجواء من الفوضى ودائرة واسعة من الفراغ الأمني الذي يسمح بانتشار الإرهاب والتطرف.

الخلاصة
الفوضى هدف مشترك من سياسة حلف شمال الأطلسي، وتحركات الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا ومناطق أخرى، وكما أن “داعش” والقاعدة” من قبل أداة الغرب بقيادة واشنطن في تغيير الأنظمة الحاكمة وفرض السيطرة والنفوذ، فإن حلف شمال الأطلسي الذي ينتهج عقيدة عسكرية عدوانية لا يختلف عن تلك الجماعات، حيث يعمد على نشر الفوضى وتقويض نظم الحكم في دولة تتمتع بالاستقلالية والسيادة.