Beirut weather 15.41 ° C
تاريخ النشر August 22, 2016
A A A
حلب تتحضّر لمعركة كبرى هدفها… الراموسة
الكاتب: ايليا ج مغناير - الراي

علمت «الراي» من مصادر قيادية في حلب، أن معركةً كبرى تتحضّر على محور الراموسة لإعادة إغلاق الثغرة التي استطاع الجهاديون ومعهم المعارضة المسلحة خرْقها قبل أسابيع بعدما كان النظام السوري وحلفاؤه تمكّنوا من إطباق الحصار على حلب والذي لم يدم لفترة طويلة.

وتقول المصادر لـ «الراي» إن «جميع القوى الحليفة للجيش السوري حشدت الآلاف من القوات الجديدة حول حلب وان ساعة الصفر لن تتأخر كثيراً الى حين انتهاء سلاح الجو الروسي من قصف كل المناطق التي يُعتزم استهدافها في الهجوم المقبل وأهمها محيط الشقق 1070 والكليات الحربية المتعددة».

وتؤكد المصادر نفسها أن «تجميع القوات بدأ قبل أكثر من أسبوع، إلا ان الهجوم انتظر انتهاء المناورة العسكرية الروسية التي استُخدمت فيها القاذفات والصواريخ المجنحة وأن مسلّحي المعارضة قرروا إبقاء استحكاماتهم ومواقع ثابتة داخل الكليات لمجابهة قوى المشاة التي لم تستطع إحراز أي تقدم استراتيجي يُذكر في الأسابيع الماضية رغم استعمال الجيش السوري وحلفائه صواريخ«كورنت»المضادة للدبابات ضد استحكامات الجهاديين وكذلك استخدام قصف الطيران الروسي المكثف في الأيام الماضية».

وتنتظر القوى المهاجِمة – التي سجّلت حشداً غير مسبوق – انتهاء القصف الروسي من إنهاك المسلحين قبل الهجوم النهائي لتقليل الخسائر البشرية وضرْب معنويات الخصم – من خلال قصف الطيران المستمر – قبل عملية الاشتباك وجهاً لوجه، إذ هناك مؤشرات كثيرة تدلّ على ان المسلحين لن يسلّموا بسهولة.

وكانت تركيا لعبت دوراً مهماً بالسماح للجهاديين والمعارضة المسلحة باستخدام أراضيها لتعزيز القوة العسكرية لديهم للهجوم على حلب وفك الحصار كما صرّح قادة هؤلاء وعلى رأسهم «أحرار الشام» و«الحزب التركستاني الإسلامي» ونور الدين زنكي. ألا أنها تواجه في هذه الفترة وضعاً متقلّباً يقلق الجهاديين وحلفاءهم، ولا سيما بعدما صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن «الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يلعب دوراً انتقالياً في المرحلة المقبلة (…) وأن تركيا لن تسمح بتقسيم سورية الى عرقيات مختلفة».

aleppo

وما قصده المسؤول التركي هو وضع أكراد سورية على الحدود السورية – التركية، وخصوصاً بعدما أبلغ هؤلاء – في منطقة الحسكة – قوات الدفاع الوطني السوري ضرورة مغادرة الحسكة وتسليم كل مقراتهم «لقوات حماية الشعب» الكردية.

وتدور معارك شرسة – تتوقف حيناً وتشتدّ حيناً آخر – بين قوات النظام السوري والقوات الكردية التي تتفوّق عليها عدداً وتسليحاً في محيط مناطق النشوة وكذلك الفيلات الحمر.

ومن الطبيعي أن تتفوّق القوى الكردية على قوى النظام في المناطق الشمالية الكردية، إلا أن اللافت في الأمر استخدام النظام السوري لطائرات نفاثة بضربه للأكراد في منطقة تواجد قوات المارينز الأميركية، التي هدّدت باستخدام القوة من دون تنفيذ وعودها.

ويفسر المراقبون أن الضربة الجوية أتت من دمشق لتتناغم مع التغيير الحاصل في الموقف التركي تجاه الأسد. واعتُبرت هذه الضربة رسالة مفادها أن دمشق هي القوة الوحيدة على أرض سورية التي تستطيع منْع الأكراد من تحقيق أحلامهم بالاستقلال وإعلان «روجافا» كفيديرالية لهم بتشجيعٍ من الولايات المتحدة وأوروبا اللتين أصبحتا تملكان قوات نخبة ورجال أعمال يتعاملون مع أكراد سورية كأكراد العراق شبه المستقلين في كردستان.

وعلى رغم استخدام أميركا لقاعدة أنجرليك التركية لحماية الأكراد وفتح الطريق أمامهم للسيطرة على مناطق شمالية – حدودية مع تركيا – على حساب تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، إلا أن تركيا ترفض تماماً دويلة كردية على حدودها تدعمها أميركا وأوروبا. لهذا، فإن تركيا تبحث عن شركاء يشاركونها نفس الهدف المشترك لمنع أكراد سورية وأميركا من تحقيق أهدافهم في بلاد الشام، وهي وجدت في دمشق وطهران وموسكو الشركاء.

وها هي أنقرة تحضّر المئات من مسلحي «الجيش الحر» للدخول من أراضيها لمحابة «داعش» في جرابلس لقطع الطريق على أكراد سورية وأميركا من وصل مناطقهم الشمالية ببعضها البعض. ولأردوغان أقوى النفوذ في سورية وله السيطرة على الشمال الغربي السوري من خلال تنظيمات قوية وفعالة على الأرض، إلا أن غرائب الحرب في سورية تدفع بالأصدقاء للتحالف على ملف والاقتتال في ملف آخر من دون أن تفسد المودة في ما بينهم ويستمرّ التحالف الاستراتيجي على ملفات عامة.

ويبدو أن أكراد سورية لا يقاتلون لوحدهم في الشمال السوري فهناك أكراد من العراق ومن تركيا انضموا إليهم. إلا أن الخطر الذي ينتظرهم يأتي من أكثر من زاوية:

– منطقة عفرين الكردية التي تقع شمال حلب ووسط مناطق عربية وأهمها نبل والزهراء.

– رفض إيران سابقة في سورية باستقلال أكراد سورية وتقسيم البلاد وإيجاد موقع قدم ثابتة للولايات المتحدة في قلب «محور المقاومة».

– رفْض تركيا لوجود دولة أو فيديرالية مستقلة كردية على حدودها وعزْمها على محاربتها عن طريق حلفائها في سورية ومباشرة لإضعاف أكراد سورية.

– رفْض روسيا لوجود نفوذ أميركا – من خلال الأكراد السوريين – داخل بلاد تتوسع فيها قواتها الجوية والبحرية وتملك فيها القاعدة الوحيدة في الشرق الأوسط.

– توسُّع الأكراد في مناطق كردية وعربية شمالية، ما يعرض أكراد سورية الى ضرورة تهجير العرب لإنشاء فيديرالية أو وضع هؤلاء تحت حكم الفيديرالية.

ومن اللافت أن دمشق لم تكن تدفع بطائراتها لقصف مناطق كردية للمرة الأولى من دون موافقة روسية. إلا أن هذا لم يمنع الجنرالات الروس الموجودين في قاعدة حميميم من التوجه الى الحسكة لإيجاد حل في عقر دار أميركا الموجودة قواتها داخل المدينة. وهذا يدلّ على أن أكراد سورية يواجهون أعداء من كل جانب لن يسهل التعامل معهم. وبدأ سكان الحسكة بمغادرتها خوفاً من الاشتباكات، إلا أن هذا هو بداية التهجير لأكراد بلاد الشام.

هو سباق الأكراد من المالكية على الحدود السورية الغربية الى عفرين في أقصى الشمال – الغربي السوري لتحقيق التواصل وإعلان الفيديرالية المستقلة، وطريق مملوء بالأخطار والمعارك.

فها هي تركيا ترسل قوات سورية الى الحلوانية لتكون قريبة من جرابلس – مدينة «داعش» الموقتة – وتَدخلها قبل الأكراد لتقطع عليهم طريق الاستقلال والدولة المرتقبة. وتحولت تركيا من منادٍ بمنطقة آمنة بعمق 110 كيلومترات وعرض 40 كيلومتراً ليكون لها موطئ قدم ثابت في سورية، ليأتي الأكراد ليأخذوا دويلة وحلم أردوغان الذي لن يرضخ بسهولة حتى ولو اضطر لوضع يده بيد الأسد.

وهذا إن دلّ على شيء فعلى أن الحرب في سورية تزداد تعقيداً ما يوجب حلها بأسرع وقت، أو الاستعداد لسنوات طويلة يتحارب فيها حلفاء الأمس في ما بينهم.