Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 22, 2017
A A A
حلبة ترامب – ٢ – سقوط بانون بالنقاط
الكاتب: راجح الخوري - النهار

إنها فعلاً”حلبة ترامب للملاكمة”، تماماً كما كتبتُ يوم الجمعة الماضي، وآخر الذين سقطوا كان ستيفن بانون الأكثر تطرفاً والأكثر اثارة للمشاكل، والذي جعل الأشهر الثمانية منذ دخول دونالد ترامب البيت الأبيض، استعراضاً فاضحاً للمشاكل والمناكفات التي تكاد أن تدمر هيبة الرئاسة الأميركية.

أخيراً سقط صانع البغضاء ومقاول اليمين المتشدد بالنقاط، لكن قبل الحديث عن بانون يتعيّن طرح السؤال: كيف يمكن الرئيس الذي لا يعرف كيف يختار الرجال الصالحين لإدارته والطاقم الذي يفترض ان يساعده في صنع القرار، كيف يمكنه ان يحكم الأمبراطورية الأميركية التي يمتد نفوذها السياسي والعسكري الى كل بقاع الأرض، وتضع بصماتها على الخريطة الديبلوماسية في العالم؟

على خلفية هذا السؤال تسربت في الأيام الماضية الأنباء والإشاعات التي تتحدث عن احتمال استقالة أو إقالة ترامب، دعونا من مسألة التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات، لنتأملّ في الأداء وفي الأسلوب وفي حلبة الملاكمة بين رجال البيت الأبيض، ذلك ان إقالة بانون هي الحادية عشرة في قائمة المسؤولين الكبار الذين استقالوا أو أقيلوا في خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة.

قد تكون حادثة العنف في تشارلوتسفيل هي التي قصمت ظهر بانون، الذي قيل إنه أوحى الى ترامب بأن يوجه الإدانة الى الطرفين ويساوي بين القوميين البيض المتعصبين والنازيين الجدد، واليساريين الذين اصطدموا معهم، وهو ما أثار موجة من الانتقاد في أوساط الديموقراطيين والجمهوريين على السواء.

لكن بانون كان قد أوجد كثيراً من الخصوم والخصومات داخل البيت الأبيض، وخصوصاً مع ريموند ماكماستر مستشار الأمن القومي الذي خلف مايكل فلين، وكانت مناوراته بالتعاون مع رينس بريناس رئيس أركان البيت الأبيض السابق هي التي أدت الى إقالة الأخير في تموز الماضي، وأخيراً وصلت يد بانون الى ذقن صهر ترامب جاريد كوشنير.

كان بانون الذي لعب دوراً مهماً في استقطاب أصوات اليمين العنصري والبيض المتشددين لمصلحة ترامب في الانتخابات من خلال موقع “بريتبارت” الإعلامي، يدرك على ما يبدو أنه سيخرج من منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين، لهذا قال عشية إقالته لمجلة “أميركان بروسبكت” ان التهديد العسكري الأميركي لكوريا الشمالية يثير السخرية، بما اعتُبر سخرية من ترامب، ولم يوفّر خصومه السياسيين داخل الإدارة حين وجّه اليهم انتقادات سوقية بالقول إنهم يوسّخون ثيابهم هلعاً منه! لكن من الواضح ان رئيس أركان البيت الأبيض الجديد الجنرال جون كيلي، الذي استدعاه ترامب لأنهاء الفوضى الضاربة، تمكن كما يقال من قطع رأس بانون الأقوى أو المستقوي، بما قد يساعد نسبياً في تنظيم الملاكمة على حلبة ترامب، ويوجد مساحة تسمح لأصوات الاعتدال بالتأثير في القرار، وخصوصاً عند ريكس تيلرسون في السياسة الخارجية!