Beirut weather 11.88 ° C
تاريخ النشر January 18, 2025
A A A
حكومة لحل الأزمات.. وليس لإدارتها!
الكاتب: مرسال الترس

كتب مرسال الترس في “الجريدة”

لن يتوقف اللبنانيون، بمختلف توجهاتهم السياسية، وبعد الذي عانوه وخبروه في حكومات ما بعد الطائف، عند شكل الحكومة، سواء كانت برلمانية أم مطعمة أو اختصاصيين، وعند عدد أعضائها، سواء كانت مصغّرة أم موسعة أو حتى فضفاضة. كل ما يعنيهم هو أن تكون الحكومة الأولى في عمر عهد الرئيس العماد جوزاف عون وبرئاسة نواف سلام، حكومة قادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة لحل الأزمات المعقدة وغير المسبوقة، ليس في تاريخ هذا الوطن وحسب وإنما في تاريخ الأوطان ككل، وليس اعتماد مبدأ إدارة الأزمات الذي لم يحصد منه أهل الوطن إلاّ الخيبة الممزوجة بأنواع شتى من الحسرة على المراهنات الخاطئة على هذه الشخصية أو ذاك المسؤول.

لا همّ لدى اللبنانيين أن تكون الحكومة من السياسيين، وقد مرّ عليهم، خلال المئة سنة المنصرمة من تاريخ لبنان الكبير، ما يكفي من الذين قدموا لهم الوعود وبنوا لهم القصور من الأحلام لينتهوا في غياهب النسيان. حتى أن العديد منهم قد غابت أسماؤهم فور خروجهم من الحكم، وآخرين ما زالوا يذكرونهم بفسادهم… وقس على هذا المنوال. وقلائل جداً هم الذين تركوا أثراً طيباً، ولكنهم ضاعوا بين جحافل الآخرين ونزقهم.

ولا همّ للبنانيين أن يكون أعضاء الحكومة من الاختصاصيين في مجالات عملهم، فهم قد سمعوا بين أسماء عشرات الحكومات التي تعاقبت على إدارة الشأن العام، العديد من الأسماء اللامعة في مجال عملها، ليجدوا أنها قد مرّت مرور الكرام، لا بل إن العديد منها قد ترك أثراً سيئاً جداً، لأن من ينجح في إدارة أعماله الخاصة ليس بالضرورة أن يُبدع في المجال العام الذي حوى الكثير من أهل الفساد والمحاصصات. وقلائل هم الذين كانوا صادقين مع أنفسهم، ففهموا اللعبة منذ بداية الطريق، وأداروا ظهورهم للكراسي والسلطة حتى لا يتلوثوا بفسادها.

فاللبنانيون يدركون جيداً أنهم لا يطلبون حكومات على “النمط السقراطي” الذي يعكس تلك “الدولة الفاضلة”، ولكنهم يتمنون ان تأتيهم حكومة تنتشلهم مما تركه العديد من سياسييهم من فساد، والعديد من اختصاصييهم من قلة إدراك بخبايا الشأن العام، ليصلوا إلى بلد يستطيعون العيش فيه بكرامة وعدالة، وأن يكون لديهم مسؤولون لا يبيعونهم المزيد من الأوهام!