Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 3, 2016
A A A
“حكومة كلّ لبنان”؟
الكاتب: الياس الديري - النهار

عندما كلَّف الرئيس سليمان فرنجية “تقي بك” تأليف حكومة تكون “غير شكل”، كانت المرَّة الأولى والتجربة الأولى والتكليف الأوّل بالنسبة إلى “بك السياسة” ومستنبط المخارج والحلول.
الطريف واللافت أن الرئيس الصلح وجد نفسه للمرّة الأولى يبحث عمّن يساعده في التفكير والاستنباط، و”أيّة حكومة نؤلّف وأيّ شعار نرفع”؟
بعد الأخذ والردّ، واستمزاج “بحر الأفكار والشعارات” منح بك الصلح، رسا القرار على أن تكون التشكيلة جامعة ومؤهَّلة لحمل شعار “حكومة كل لبنان”، وأن يكون أعضاؤها أهلاً لترجمة الشعار أفعالاً.
ما زلت أذكر كيف كان الرئيس الخلوق الأنيق المترفِّع والمتواضع ينفجر ضحكاً وهو يردِّد مازحاً: حكومة كل لبنان ودعناها من زمان، لتحلَّ محلّها حكومة كلّ المشاكل…
على رغم ما عانته حكومة “تقي بك”، وما حلَّ بها، تجدنا نسارع الى الاقتراح على الرئيس سعد الحريري أن يجرِّب بدوره، وبأسلوبه، وبثقة العهد الجديد والناس أجمعين به، تأليف حكومة تنسجم مع شعار “حكومة كل لبنان”، وتترجم مضمون هذا الشعار أفعالاً وانتاجاً، وممارسات تجعل الناس يقولون عنها إنها فعلاً حكومة كل لبنان، بل كل اللبنانيّين. وباستحقاق.
والأهم من ذلك كلّه أن يكون قرار التعجيل، لا الاستعجال، قد اتخذ وسيُمارس بدقّة وتأنٍ، بعيداً من كل ما من شأنه وضع العصي في الدواليب، وفتح باب المنافسة أمام أصحاب الشهوات والرغبات، والمتطلّعين دائماً إلى ما تحدّثنا عنه أمس وسمّيناه “الوزارات التي تبيض ذهباً”.
إنّها الحكومة الأولى بالنسبة إلى عهد الرئيس ميشال عون، كما بالنسبة إلى الرئيس الحريري الذي لم تكتمل تجربته الحكوميّة الأولى، ولم يُفسح له في المجال ليقول ويفعل ويحقّق كل ما يريده، وما يخطِّط له في سبيل لبنان يفتقر إلى من ينتشله من حال الشلل والتعطيل والفراغ إلى وضع جيد يصبُّ في بوتقة الازدهار من أول وجديد…
وها هي الأيّام والتطوّرات تتيح له فرصة جديدة ومؤاتية، في إمكانه أن ينطلق منها كما يحبُّ ويشتهي. وكما يحب لبنان ويشتهي اللبنانيّون.
ثمة لوائح ممتلئة بالمطالب، والشكاوى، والانتظار حتى اليأس، في إمكان “حكومة كل لبنان” أن تلبّي الكثير منها باعتبارها تتعلّق بأمور ومشكلات معيشيَّة، فضلاً عمّا فعله الفراغ في الأسواق، والمتاجر، والمصانع، وكل حقول الانتاج ودورة الحياة الاقتصادية، والاجتماعيّة، والإنتاجيّة.
بل على كل الصعد، وبدءاً من مواسم السياحة والاصطياف التي شهدت مسلسلات متتالية من الحروب والأزمات المفتعلة.
أمّا بالنسبة الى الانتخابات وقوانينها، ففي الوقت والمجال متّسعٌ كافٍ… وغير مستعجل.