Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 17, 2019
A A A
حكومة الواتساب: 6 دولارات على كل مشترك
الكاتب: الاخبار

شارفت جلسات مجلس الوزراء المخصّصة لمناقشة مشروع الموازنة على نهايتها. ولذلك لم يعد من مجال لتأخير الإجراءات «غير الشعبية». وقد أتت المفاجأة من عند وزير الاتصالات، الذي اكتشف أن الواتسآب يشكّل أحد أسباب خراب الهيكل. ولذلك اقترح وضع رسم عليه، ووافقه مجلس الوزراء مجتمعاً. وعلى المنوال نفسه اقترحت الحكومة وضع رسم على السجائر، ليُبحث اليوم إمكان فرض رسم جديد على المشتقّات النفطية، كما اقتراح رفع الضريبة على القيمة المضافة. جلسة مجلس الوزراء أمس، وتلك التي ستليها، فيهما الكثير من الاقتراحات التي تكشف أن الحكومة متمسّكة بسياساتها التي أدّت إلى الأزمات التي يعاني منها لبنان، فضلاً عن فتح الباب أمام الخصخصة (إدارة المرفأ)، والتقشّف المضرّ (وقف النفقات الاستثمارية مثلاً)، وزيادة الضرائب والرسوم على الاستهلاك، وتحميل الطبقات الدنيا مسؤولية الخروج من الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد، ورفض أي إجراء إصلاحي جدي، وتحريم المسّ بامتيازات الأثرياء.
وجدها مجلس الوزراء. اكتشف أخيراً أن تطبيق «واتساب» هو سبب الأزمة المالية – الاقتصادية، وربما النقدية، ففرض رسماً على الاتصالات عبر الانترنت. تلك الفكرة العبقرية، كان وزير الاتصالات يمهّد لها عند كل مناسبة. أرقام شركتي الخلوي تقول إن العائدات لم تنخفض بأكثر من 2 في المئة، فيما الأموال التي تحوّل إلى الخزينة تراجعت 18 في المئة من جرّاء المصاريف التشغيلية والرأسمالية التي ارتفعت أكثر من 32 في المئة. لم يرَ مجلس الوزراء ذلك، لكنه وافق وزير الاتصالات على ضرورة أن يضع رسماً على استعمال «واتسآب» وأخواته، علّها تؤدي إلى إيرادات للخزينة. وعليه، قرّر المجلس اقتراح فرض رسم بقيمة 20 سنتاً على أول مكالمة يُجريها المشترك عبر الانترنت يومياً، على أن تكون الاتصالات التي تلي غير خاضعة للرسم. ذلك يعني أنه في حال أقرّ مجلس النواب هذا الاقتراح، فإن كل مشترك يستعمل تطبيقات الاتصالات الصوتية عبر الانترنت سترتفع فاتورته بنحو 6 دولارات شهرياً، تضاف إلى المبالغ المضخّمة التي يدفعها للخزينة جوراً لمجرد استعماله الهاتف الخلوي. وهكذا فإن المشترك المقيم في لبنان والذي يدفع فاتورة اتصالات ربما هي الأعلى في العالم ويتوقّع تخفيضها، سيجد نفسه أمام رفع جديد للأسعار، خلافاً لأي منطق اقتصادي أو حقوقي.
تقنياً يؤكد أكثر من خبير اتصالات أنه تستحيل معرفة ما إذا كان الهاتف الذي يصرف «داتا»، يصرفها على الاتصالات أو على تصفّح الانترنت أو أي شيء آخر، أضف إلى ذلك عدم وجود نظام فوترة يسمح بتحديد هذه المكالمات المدفوعة وتحديد كلفتها في الفاتورة. مع ذلك، فإن وزير الاتصالات أكّد لنظرائه إمكانية تحديد الاتصالات عبر الانترنت عبر تقنية تسمح بالتمييز بين استعمال الإشارة (Signal) واستخدام النص، مشيراً إلى أنه يحتاج إلى بعض الوقت والمعدات ليصبح الأمر قابلاً للتطبيق. علماً أنه تبيّن أن هذا الرسم سيوضع في الفترة الأولى على الاتصالات المنفّذة عبر داتا شركتي الخلوي، لا عبر الـ«واي فاي»، بسبب الحاجة إلى آلية قانونية مختلفة للسماح لتحديد الاتصالات التي تتم عبر شبكة «أوجيرو» وشركات الخدمات. بعد أن يتحقق ذلك، سيُحسم الرسم من اشتراك الانترنت الذي يقدم خدمة الواي فاي، إن كان منزلاً أو شركة أو مكاناً عاماً. تلك الفكرة البديعة، يتوقع أن تحصّل نحو 219 مليون دولار سنوياً، قدّرت على اعتبار أن نحو 3 ملايين مشترك من أصل 4.5 ملايين مشترك بالهاتف الخلوي، يستخدمون تطبيق الواتسآب. لكن إلى حين إدخال الاتصالات عبر الواي فاي في ذلك النظام، فإن التوقّعات بأن ينخفض دخل هذا الرسم نحو 40 في المئة.
الرسم الثاني الذي اتفق عليه هو الرسم على السجائر، فقد تقرّر أن يضاف رسم بقيمة 2000 ليرة على كل علبة سجائر مستوردة مقابل 750 ليرة على السجائر المحلية. لكن هذا القرار لن يُطبق دفعة واحدة، بل على مراحل، لسببين، الأول قطع الطريق على التجار الذين بدؤوا بتخزين الدخان بالفعل، وثانياً للتأكد من تأثيره على مسألة التهريب. هنا، لا بد من الإشارة إلى أن الهدف ليس تخفيف الفاتورة الصحية أو الوقاية من الأمراض. الهدف هو حصراً تحصيل الإيرادات.
تبقى الضريبة على القيمة المضافة التي لم يتم حسمها أمس، ويتوقع أن يصدر القرار بشأنها اليوم، حيث تدور الاقتراحات حول ثلاث:
– زيادة الضريبة على الكماليات إلى 15 في المئة، وزيادتها تدريجياً إلى 15 في المئة على باقي الأصناف الخاضعة للضريبة، على أن يُطبق نصف هذه الزيادة في عام 2021 ونصفها الآخر في عام 2022 (اقتراح الرئيس سعد الحريري).
– زيادة الضريبة إلى 15 في المئة على الكماليات، وإمكانية زيادة هذه النسبة بعد ثلاث سنوات (لجنة الخبراء).
– زيادة الضريبة إلى 12 في المئة على كل السلع الخاضعة للضريبة حالياً.
ضريبة البنزين بدورها لم تُحسم، مع ترجيح احتمال أن تنضم المشتقات النفطية إلى لائحة السلع التي أخضعت لضريبة 3 في المئة على الاستيراد في موازنة عام 2019. (اقتراح كتلة لبنان القوي)، علماً أن هذه النقطة لا تزال عالقة على قاعدة أن الزيادة ستكون بمعدل 750 ليرة على الصفيحة، وهي زيادة يعتبرها بعض الوزراء متدنية، ويسعى إلى رفعها. مع الإشارة إلى أن مسألة وضع رسم مقطوع بقيمة 5000 ليرة قد سقطت من الحسابات، وكذلك حصل مع اقتراح وضع حد أدنى وحد أقصى لسعر الصفيحة.