Beirut weather 20.21 ° C
تاريخ النشر July 15, 2019
A A A
حسن حمادة لموقع “المرده”: العلاقات الروسية الصينية تنمو بوتيرة متصاعدة ومدروسة
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

تسعى روسيا وجارتها الصين الى تطوير علاقاتهما بالشكل الأوثق على الإطلاق في السنوات الأخيرة، بمقابل تدهور علاقاتهما بالمنافس الجيوسياسي الولايات المتحدة الاميركية.

للتوقف عند العلاقات الصينية الروسية كان لموقع “المرده” حديث خاص مع الباحث والمحلل السياسي الدكتور حسن حمادة الذي أكد رداً على سؤال حول “طلاق” روسيا والصين الدولار الأميركي أن “العلاقات بين الطرفين التي تشكل المحور في العالم المتطور الجديد الذي أسسه مصرف دولي يكون بموازاة صندوق النقد الدولي برأسمال 100 مليار دولار حال تأسيسه وهناك عملية دورة اقتصادية دولية عملياً تدور حول عمودها الفقري وهي منظومة شنغهاي وبشكل أساسي الصين وروسيا والاتجاه هو تعزيز المبادلات التجارية والتعاطي بالعملات المحلية، وهذا بالطبع على حساب الدولار الأميركي، ولكن الصين هي التي تؤخر إعلان “وفاة” الدولار الأميركي، لأننا كلنا ندرك انه عملةٌ لا تمتلك القيمة الفعلية في السوق والتي هي قيمة مفروضة فرضاً بحكم القوة العسكرية للولايات المتحدة الأميركية وليس بحكم قوتها الاقتصادية، ولكن أيضاً الدولار لا يزال قوياً لأن اقتصاد الصين مشبوك بالاقتصاد الأميركي وبالتالي بكين لا مصلحة لها بأن ينهار الدولار وسيأتي يوم في المستقبل يكون لديها مصلحة بانهياره وان تكون عملتها اقوى بكثير من الدولار، والصين لا تزال بحاجة إلى تقوية نفسها خصوصاً من الناحيتين العسكرية والاجتماعية لان هناك مئات الملايين من البشر يحتاجون في الصين إلى ادخالهم في الحياة الحديثة ورفع مستواهم المعيشي، والصين بتنظيماتها الاقتصادية والاجتماعية تقوم بعملية التحديث الكبير بشكل تدير فيه التحدي الديموغرافي السكاني بنجاح منقطع النظير، لافتاً الى ان هناك روزنامة صينية يحتاج إليها الاقتصاد الصيني والامن القومي الصيني وبالتالي ان تداخل الاقتصاديات الصينية والأميركية تجعل تأخير مرحلة ترك الدولار الأميركي يلقى مصير الانهيار، وهذا الأمر يتطلب عدة سنوات ولكن في هذا الوقت الصين تنمّي نفسها بشكل هائل وصناعاتها تغزو العالم في وقت تتقلص الصناعات الأميركية خارج اطار السلاح، وأصبحت الصادرات الأميركية في الويل وأسواق العالم الرأسمالي الغربي تغزوها الصين بشكل كامل، وكلنا نسمع ما يحدث مع هواوي وما تستخدمه أميركا من صواريخ وكبسولات في عملية غزو الفضاء هذه كلها من انتاج هواوي، اذاً الامور متداخلة ببعضها البعض، مشيراً الى أن “هواوي” هي الأقوى على صعيد الاتصالات اللاسلكية في العالم والأكثر تطوراً ناهيك عن ان الصين تملك وحدها عملياً ٧٠% من سوق المعادن الثرية وواشنطن بحاجة إلى نيل رضاها للحصول على هذه المعادن”.
وأردف حمادة: “الصين متطورة وتطورها سريع هائل ويعود الفضل الاساسي في ذلك إلى مسألة حسن إدارة التفجر الديموغرافي وقدر الصين ان تكون القوة الأقوى في العالم وقدر الصين وروسيا هو ان يعملان أكثر فأكثر على تعميق علاقاتهما ليحميا نفسيهما من الوحش الأميركي الهاجم خاصة وان “النيوليبرالية” لا تستطيع العيش بلا حروب وفي عالم هادئ وهي خطر على الجنس البشري والرادع الوحيد لها هو هذا التحالف الصيني الروسي”.

ولفت حمادة إلى أن “العلاقات الروسية الصينية من الناحيتين السياسية والاقتصادية تنمو بوتيرة متصاعدة مدروسة هادئة بل شديدة الهدوء ولكن في حالة حركة متواصلة نحو الأمام، وحدث هذا قبل حوالى الـ٢٠ عاماً أُطلق برنامج التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية على ان تكون الركيزة الإقتصادية هي القاعدة الاساس التي تنمو فوقها العلاقات السياسية وتتطور بين العملاقين الجارين لأنه فقط عبر شبك المصالح ممكن ان تنمو هذه العلاقات ويكون لها تأثير على الصعيد الدولي، ونتيجة لهذا التقارب الذي بدأ منذ اكثر من عشرين سنة بدأت تتكون منظومة شنغهاي التي التحق فيها دول عدة وبعض هذه الدول أصبح جزءاً من منظومة بريكس، مشيرا الى ان الاساس هو ان الاقتصاد الصيني استفاد من سياسات الانفتاح والتحديثات التي قام بها الزعيم الصيني البارز “دينج شياو بينج” الذي أدرك مدى خطورة البقاء داخل دوامة الثورة المتواصلة التي كانت تجري في سياق ما عُرف بالثورة الثقافية
التي أُطلقت في أواخر الخمسينات من القرن الماضي في زمن الزعيم “ماو تسي تونغ” والتي كانت على اساس تجديد شباب الحزب الشيوعي والحياة الثورية ولكن جاءت على حساب بناء الدولة الحديثة وبناء الاقتصاد المتين وعلى حساب الحد الادنى من الرخاء الاجتماعي ولم يكن هناك اي مداواة لمرض الفقر في بلد فيه تحدّ ديمغرافي سكاني فظيع الشكل يعجز اي نظام سياسي في العالم من ان يحتويه ويديره والصين كانت متخلفة عن ركب الحياة العامة التي وصل اليها الغرب، اذا الصين وهي في ذروة الثورة المتواصلة تمكنت من اطلاق ترسانتها النووية وحتى ان تصل الى انتاج القنبلة الهيدروجينية والى جانب ذلك كان هناك تخلفاً فظيع الشكل وفي فترة الثورة الثقافية التي اطلقها الزعيم “ماو تسي تونغ” كان هناك عداءً ما بين الصين وروسيا ووصل ذلك العداء الى اعتبار الصين ان الاتحاد السوفياتي هو العدو الاول قبل الولايات المتحدة الاميركية وجرى الحديث عن حرب نووية صينية سوفيتية”.

واضاف حمادة: “لقد تمكن التيار التحديثي وهو تيار شيوعي صيني من ازاحة العصابة ووجد ان هناك ضرورة لاتباع نظرية اقتصادية خاصة بالصين في اطار المفاهيم الماركسية كايديولوجيا تشكل دليل عمل وكان المفروض الاتجاه الى سياسة لا تشكل نهجاً للنموذج الشيوعي المتعارف عليه”.
وشدد حمادة على أن “الصين على قاب قوسين من ان تصبح الدولة الاولى وتتقدم على اميركا،
واستطرد قائلاً: “في العهد الجديد في روسيا الذي يتمثل بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعادل القائد الصيني التحديثي “دينج شياو بينج” وقد ادرك العملاقان ان قدرهما ان يتحالفا وان يقيما حلفاً استراتيجياً قاعدته الاقتصاد وقمته السياسة ومن دون هذا التحالف فان النيوليبرالية الاميركية وهي اقصى درجات الرأسمالية المتوحشة ممكن ان تستفرد بكل دولة على حدة وان تقضي على روسيا والصين”.