Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 10, 2019
A A A
حسن حمادة لموقع “المرده”: أميركا ما عادت سيدة العالم ولا تستطيع ليّ ذراع الصين
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

أكد الباحث والمحلل السياسي الدكتور حسن حمادة في حديث خاص لموقع “المرده” أن “الصراع الصيني الاميركي هو صراع لا بدّ منه، لان هناك حقيقة القوة الاقتصادية للصين التي لا يمكن ابداً لا تناسيها ولا حذفها من المشهد الاقتصادي الاستراتيجي في العالم فهذه الدولة دخلت في المشهد وفي اقتصاد السوق وبرعت فيه، واستطاعت الدخول الى اقتصاديات الغرب وحققت شراكة متينة مع الاقتصاديات الغربية وبات مصير الاقتصاد الصيني مرتبطاً الى حد بعيد بالاقتصاد الاميركي ولكن مصير الاقتصاد الاميركي بات ايضاً مرتبطاً الى حد بعيد وبعيد جداً بالاقتصاد الصيني وهذا ما لا يتقبّله العقل الاميركي المتغطرس والاحتكاري والذي تعوّد على مدى اكثر من مئة عام ان يسود بالكامل العلاقات الاقتصادية والمبادلات التجارية على مستوى الكرة الارضية”.

ولفت حمادة الى أن “المشاريع التي اتّخذتها الصين اصبحت تستقطب مساهمات وشراكة في العالم الثالث ونعني بذلك آسيا وافريقيا بشكل أولي وأوروبا ومشروع طريق الحرير الصيني يجعل من بكين عملياً وبشكل تدريجي نقطة المركز على صعيد الاقتصاد العالمي، ولقد تنبّه الى هذا الموضوع منذ اكثر من ثلاثين سنة الرئيس الاميركي الاسبق ريتشارد نيكسون الذي قال ان “نقطة الثقل المركزي في العالم قد انتقلت الآن من الغرب الى الشرق الاقصى وتحديداً الى الصين وكوريا واليابان وفي الوضع الحالي غدت الصين هي مركز المركز اي قلب المركز، متسائلاً في هذا الاطار: “هل نستغرب كيف أن أرباب الصناعات الاميركية لا يتحملون هذه الحقيقة التي تنزعهم عن عرش الاقتصاد العالمي والتحكم بدورة الحياة الاقتصادية والمالية في العالم؟ موضحاً انه لا يجوز ان نستغرب ذلك”.

ورداً على سؤال حول ما اذا كان هذا الصراع التجاري بين الطرفين سيؤدي الى نتائج سلبية، قال حمادة: “هناك تهديدات كثيرة في هذا السياق ومن المعروف ان اميركا هي القوة النووية الاولى في العالم وهذا الصراع يجعلها في وضع تهديد دائم بالقوة العسكرية وبالحصار الذي هو عمل حربي عدواني لذلك تلجأ واشنطن الى التهديد العسكري لانها لا تستطيع ان تواجه على المستوى الاقتصادي وتحديداً على صعيد المبادلات التجارية، وبالمقابل على ما يبدو وكما هو ظاهر لم يعد باستطاعة هذه القوة الاميركية ان تفرض على اقتصاديات العالم الصاعد أن يركع أمامها وبالتالي الركوع ليس “وارداً” والا سيكون هناك مواجهة عسكرية وهذا هو المقصود خاصة وان الكرة الارضية أصبحت على كفّ عفريت ولا يمكن ان نتجاهل ان اميركا يمكنها أن “تُدمِّر ولكنها تُدمَّر في الوقت عينه ولا يجب الاستخفاف بهذا الموضوع خصوصاً وان دولة كالصين التي تتمتع بقدرة مالية هائلة وباقتصاد صلب على مستوى العالم دخلت في معترك التسلح الحديث لحماية مصالحها لأن العدوانية الاميركية لا تقف عند حدّ وهنا يطرح السؤال: هل لدى واشنطن ما تقدمه للعالم غير التهديد واجراءات تجويع الشعوب التي تُسمى “غطرسةً” وبالتالي هي ليست محكمة العالم لكي تفرض عقوبات من هنا وهناك، لافتاً الى أن “هذه عنصرية الرجل الابيض” وهي عنصرية كريهة ولا تعرف واشنطن الا ان تلعب دور “أزعر العالم”؟.

ومضى في حديثه يقول: “الصين بدأت في بناء حاملات الطائرات التي هي اكثر تطوراً ومناعة من الحاملات الاميركية وذلك بحسب ما يقوله تقنيون مختصون في هذا المجال ووضع حاملات الطائرات الصينية أسلم على صعيد تلقي الضربات من وضع نظيراتها الأميركية، والصين قادرة ان تنتج المزيد من الطاقة الذرية والحقيقة القائمة هي ان لا تستطيع واشنطن ولا غيرها أن تلوي ذراع الصين وكما يقول المثل “لا بدّ ان يضعوا قليلاً من الماء في خمرتهم” وعلى الاميركيين ان يعوا ويقبلوا بانهم ما عادوا أسياد العالم ولا شرطي العالم ولا القوة التي تستبدّ في العالم كيفما تشاء وتجلد الشعوب وتهين الدول وكرامات الثقافات في العالم”، مشدداً على ان الاميركيين يجب ان يتكيّفوا مع حقيقة تعدد الاقطاب في العالم.

وحول ما اذا كانت هذه الحرب التجارية كفيلة بتقليص النفوذ الاميركي، أجاب حمادة قائلاً: “أميركا كانت سيدة العالم وتحاول ان تحافظ على هذا الموقع ولكنها لا تمتلك القدرة الاقتصادية والعسكرية لذلك، ولكنها القوة الاقوى بلا شك ولو سلمنا جدلاً باللجوء الى الخيار العسكري لن يستطيع احد الاختباء خلف اصبعه على الاطلاق لأن الديكتاتورية الدولية المستبدة لا تجدي نفعاً وفي النهاية ستكون الولايات المتحدة مضطرة الى التعايش مع الآخرين والا سيخرج الاميركيون خاسرين وان الوضع الاقتصادي في اميركا ليس سليماً وحالات الفقر تسير فيها كالنار في الهشيم والاكاذيب لم تعد تسري على احد، مستطرداً بالقول: “الولايات المتحدة لم تعرف كيف تحافظ على مكانتها الاولى في العالم ولم تعرف أصول التعامل مع الشعوب بالحد الادنى”.

ورأى حمادة أن “التعدّدية القطبية على الصعيد الاقتصادي في العالم هي لخير البشرية ولكن ما يحدث ان النظام الاقتصادي العالمي الأحادي المعمول به الآن لن تُكتب له الاستمرارية لان هناك قواعد تعامل اقتصادية وتجارية جديدة على ضوء حقائق اقتصاد السوق”.

وأكد حمادة أن “روسيا والصين عملاقان أدركا أن عليهما الوقوف صفاً واحداً لانه ان لم يتكاتفا فربما يكون بامكان الاميركيين اللجوء الى خطوات متهورة على الصعيد العسكري وان الغطرسة الاميركية والتوحش الاميركي ليسا في عهد الرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب بل في العهود التي سبقته لان ترامب هو أوباما بلا قناع وترامب هو بوش بلا قناع…
ولا يمكن لموسكو وبكين الا ان تستمرّا في درب التكامل في العلاقات الاقتصادية والامنية والدفاعية”.

وختم حمادة بالاستناد الى واقعة تاريخية فقال: “منذ حوالى الـ75 سنة والولايات المتحدة ترتكب الخطأ تلوَ الخطأ مع الصين فقبل مؤتمر “بوتسدام” توجه الجنرال الاميركي جورج مارشال الى الصين وكان الصراع دائراً بين قوات الشيوعية وقوات “تشانغ كاي شيك” الموالية للغرب وحمل الجنرال بُشرى الى اميركا عن رغبة صينية من اكثر الشخصيات نفوذاً باقامة علاقات استراتيجية وتوطيد العلاقات والحوار وهذا الامر لم يصدقه الجنرال واذا بالوضع الصحي للرئيس الاميركي السابق روزفلت يتدهور فقالت زوجته يومها “كيف لنا ان نقيم علاقة مع هذا المتوحش ونترك قوات “تشانغ كاي شيك”؟ ورأى حمادة ان “هذه الواقعة كانت خطيئة فظيعة ويتّضح أمامنا انه ومنذ زمن بعيد واميركا تسيء التصرف مع الصين والاميركيون لا يقيمون علاقات بناءة مع أحد”.