Beirut weather 14.65 ° C
تاريخ النشر October 18, 2025
A A A
حزب الله يشترط وقف إطلاق النار قبل التفاوض
الكاتب: منال زعيتر - اللواء

بعد طرح رئيس الجمهورية جوزاف عون التفاوض غير المباشر مع العدو الإسرائيلي كمدخل لتثبيت الاستقرار والأمن، دخل لبنان عمليا مرحلة تفاوضية غير معلنة، تُدار في الكواليس بين واشنطن وبيروت مباشرة، وعبر قنوات دبلوماسية عربية وأوروبية ناشطة… ولكن، وبما ان القرار لا يعود لعون وحده، نقلت مصادر مطّلعة على أجواء حزب الله ان ما هو مطروح من مفاوضات غير مباشرة مع العدو الإسرائيلي يجب أن يسبقه التزامه بالقرار ١٧٠١ ووقف الاعتداءات والانسحاب من الأراضي اللبنانية واستعادة الأسرى… بمعنى أوضح وفي أول موقف ينقل عنه حول المفاوضات غير المباشرة، حدّد حزب الله للدولة اللبنانية المندرجات التي قد يوافق على أساسها بمبدأ التفاوض غير المباشر، وهو قد سبق وأبلغ من يعنيهم الأمر بهذا القرار، ومن الطبيعي وفقا للحزب أن لا تخضع أي مفاوضات غير مباشرة لأي ضغط عسكري يمارسه العدو ومن شأنه التأثير على عملية التفاوض.
من الطبيعي أيضا، وفقا للمصادر، أن يكون حزب الله أكثر تشدّدا في التعاطي مع أي طرح للمفاوضات غير المباشرة إذا لم يسبقها وقف الاعتداءات على الأقل إذا لم نقل الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية واستعادة الأسرى، فقد سبق ان كان للبنان تجربة مع الأميركي والفرنسي لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار ١٧٠١، وهما لم يتقيّدا بمتطلبات دورهما كضامنين لهذا الاتفاق، ولهذا بات لزاما أن يخضع أي تفاوض لمعايير وقواعد لا تكرر التجربة السابقة التي أخلّ بها العدو والضامن على حد سواء.
ولكن، انطلاقا من حرص حزب الله على لبنان، تؤكد المصادر بأنه يقف خلف الدولة في كل ما من شأنه إيقاف العدوان وتحقيق الانسحاب واستعادة الأسرى، من هنا لا ينظر الحزب بسلبية لطرح الرئيس عون ما دام الهدف هو تحقيق الاستقرار ضمن ضوابط السيادة والمصلحة الوطنية… وعلى غرار الرئيس عون، استشهد حزب الله بتجربة المفاوضات غير المباشرة التي جرت لترسيم الحدود البحرية للقول بأننا وافقنا سابقا عليها لما فيه مصلحة لبنان، ونحن اليوم مستعدون لإعادة الكرة طالما ان الهدف هو تحقيق الانسحاب واستعادة الأسرى ووقف اطلاق النار وإعادة الإعمار.
أكثر من ذلك، يتسلّح حزب الله بالبند ١٣ من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع في تشرين الثاني ٢٠٢٤ لإنهاء عدوان أيلول، للقول ان هذا البند ينص بوضوح على إجراء مفاوضات غير مباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي.
بكلام أوضح، هذا يعني أن فكرة التفاوض غير المباشر ليست تنازلاً سياسياً من الحزب أو من الدولة اللبنانية، بل هي جزء من التفاهمات التي أنهت الحرب ووافق عليها الجميع في حينه، بمن فيهم حزب الله نفسه، ولذلك يمكن اعتبار هذا البند كمرجع لتفسير موافقة الحزب المبدئية على فكرة التفاوض غير المباشر مع العدو، ولكن شرط أن تتم بعد وقف العدوان، لا تحت ضغط النار.
ولكن كيف سيتعاطى حزب الله مع الطرح الأميركي الذي سرّبته مصادر دبلوماسية وأخرى لبنانية رفيعة المستوى حول ضرورة تشكيل لبنان لوفد «عسكري – مدني» للمشاركة بالمفاوضات غير المباشرة برعاية واشنطن ، ودولة عربية أخرى رفضت المصادر الإفصاح عنها:
اكتفت المصادر بالقول ان حزب الله يمكن أن يكرر الموقف ذاته الذي اعتمده في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية لجهة الموافقة على تشكيل وفد عسكري يمكن تطعيمه بتقنيين إذا اقتضت الحاجة لذلك، مع رفضه القاطع لأي تمثيل سياسي في عداد الوفد.
ربطا بما تقدّم، يمكن تأكيد المعلومات التي كشفت عن تفاهم أوّلي بين بعبدا والثنائي الشيعي حول مقاربة ملف المفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي، وان عون نسّق خطواته مسبقاً مع الثنائي، تحت سقف تأكيده والتزامه بأنه لا تفاوض قبل التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وانسحابها من الأراضي المحتلة وتحرير الأسرى… وكان لافتا في هذا السياق تأكيد مصادر سياسية عن لقاءات غير معلنة جرت في الساعات الأخيرة لترتيب موقف لبناني موحّد حول موضوع التفاوض، والآلية التي سينطلق منها، والمحددة بالتالي:
أولا: الانطلاق من قرار مجلس الأمن الدولي ١٧٠١.
ثانيا: العودة الى اتفاقية الهدنة في ١٩٤٩.
ثالثا: تطبيق العدو لاتفاقية وقف إطلاق النار في تشرين الثاني ٢٠٢٤.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر عن أن الوفد الذي سيُشكّل للتفاوض، سيضم شخصيات قريبة من مختلف القوى السياسية، بما فيها ممثلون عن الثنائي الشيعي وفقا لمعلومات المصادر السياسية طبعا، ما قد يعكس تنسيقاً مسبقاً بين الرئاسة والثنائي الشيعي، أو على الأقل تفاهماً ضمنياً على عدم الاعتراض على شكل التمثيل طالما انه ليس سياسيا، وطالما أن التفاوض يتمّ في الإطار ذاته الذي تم فيه ترسيم الحدود البحرية، أي بوساطة أميركية غير مباشرة ومن دون أي بُعد تطبيعي…