Beirut weather 15.41 ° C
تاريخ النشر August 28, 2024
A A A
حرب دينية صهيونية تتزامن مع الإبادة.. محوِ غزة وتهويد الأقصى!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

بدأت بعض الصحف الاسرائيلية تطالب من خلال كتّابها بـ”إنقاذ الكيان من جنون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو”، متهمة إياه بـ”عرقلة صفقة التبادل، وبالتالي وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب”، داعية مؤسسة الجيش الى “أن تشرح للمجتمع الاسرائيلي الآفاق المسدودة في غزة وحالة الاستنزاف التي تعاني منها وخطر الانهيار الذي تواجهه”.

لا شك في أن محاولة الجيش الاسرائيلي ركوب موجة هروب أحد الأسرى من قبضة حماس، وإقناع المجتمع الاسرائيلي بأنه هو من قام بتحريره وأنه سجل إنجازا جديدا في هذا الاطار، قد إنقلب عليه وعلى حكومة نتنياهو الذي تباهى بالعملية، حيث نشرت الصحف مقارنة بين أشهر الحرب وعدد الأسرى الذين تم تحريرهم، فتبين أن عددهم ثمانية فقط في أحد عشر شهرا، ما ضاعف من المطالبة بضرورة وقف إطلاق النار وإتمام الصفقة، لأنه إذا كان الجيش الصهيوني سيحرر أسيرا واحدا كل شهر فإن تحرير الجميع بالقوة سيتطلب عقدا من الزمن.

ثمة قناعة لدى المجتمع الاسرائيلي، أن نتنياهو يريد حربا دائمة، لأن وقفها يتعارض مع مصلحته الشخصية كونها تحيله فورا الى المحاكمة والسجن، ما جعل المعارضة أفقية لخياراته من المؤسسة العسكرية الى يائير لابيد الى أهالي الأسرى الى اليسار الاسرائيلي الى الحريديم، وهذا يؤكد أن رئيس الحكومة يسير بعكس التوجهات الاسرائيلية ويحاول إستغلال الحرب لفرض رأيه على الجميع، متحصنا باليمين ومتطرفيه الذين يقدمون له الدعم، ومستغلا ضعف المعارضة، وتراجع تحركات أهالي الأسرى أمام القمع المفروض عليهم.

وتمتد القناعة الاسرائيلية الى أن الحرب على غزة إستنفدت كل أهدافها، ولم يعد فيها من شيء سوى قتل الفلسطينيين وتعذيبهم وتهجيرهم أو تدمير منازلهم فوق رؤوسهم، وهذا لم يسبق أن حصل في أي حرب، كما أن ذلك لا يصنع نصرا مهما طال الزمن.

لا شك في أن ما حصل في 7 أكتوبر أدى الى زعزعة المجتمع الاسرائيلي الذي لم يعد يشعر بالأمان ضمن الكيان الغاصب، ما أدى الى هجرة عكسية لدى البعض والى حالات رعب لدى البعض الآخر، ويعرف نتنياهو كيف يجيّر هذا الرعب لمصلحته ويستفيد منه في المجتمع الاسرائيلي محاولا إقناعه بأن حمايته لا تكون إلا بإستمرار الحرب والقضاء على من نفذ عملية طوفان الأقصى، وطبعا فإن تراجع حضور المعارضة الاسرائيلية لا سيما بعد التماهي مع الحكومة والمشاركة فيها ومن ثم الخروج منها كله يساعد نتنياهو في مهمته الداخلية.

في المقابل، سارع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الى دعم الحرب الدينية التي يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لجهة بناء كنيس يهودي في المسجد الأقصى والسماح لليهود بالصلاة فيه، فضلا عن مصادقته مع مجلس الأمن القومي على خطة وزير التراث عميحاي إلياهو بتخصيص مبلغ 543 ألف دولار أي ما يعادل مليونيّ شيكل، لتمويل إقتحامات إستيطانية منظمة لإنتهاك حرمة المسجد الأقصى وتهويده وصولا الى هدمه وبناء الهيكل المزعوم.

وتهدف جولات الاقتحام للمسجد الأقصى الى تعزيز الرواية الإسرائيلية من خلال اقتحامات إرشادية تستهدف عشرات الآلاف من اليهود والزوار الأجانب، وذلك بالتزامن مع جهود ايتمار بن غفير، لتغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى.

أمام هذا الواقع، يبدو أن نتنياهو يريد أن يتجاوز أهداف حربه التي فشل في تحقيقها، نحو أهداف جديدة لجهة محو غزة عن الخريطة، وتغيير واقع الضفة الغربية، وتهويد المسجد الأقصى وتزوير التاريخ، من دون أن يقيم أي وزن للدول العربية والاسلامية.