Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر May 14, 2018
A A A
حدود «اللعب الماروني» على حبال انهيار الطائف!
الكاتب: اللواء

من لبنان الضعيف إلى لبنان القوي
*

ثمّة سؤال محيّر ومربك في آن معاً: إلى أين يُمكن لتكتل لبنان «القوي»، أو لتكتل «الجمهورية القوية»، أو لكتلة القاعدة الماسية أو الذهبية: جيش، شعب، المقاومة، أن تأخذ البلاد والعباد؟

منهجياً، تقتضي الإجابة، الإضاءة إلى معادلة تاريخية نقيض ما نسمع اليوم: وهي قوة لبنان في ضعفه، أي أن الضعف هو القوة. وما ترتب عليها من نتائج كارثية، فمسلّمة قوة لبنان في ضعفه، أخذت البلد إلى سلسلة انتهاكات داخلية، وعدوانية، ووصايتية، وصولاً إلى الوضع القائم: لبنان، القوي، وهي مبدأ حكم قيد الاختبار..

إلّا أن الوقائع التاريخية على مستوى المحليات في الدول، وعلى مستوى الدول والقارات، تدل على أن «القوة» هي نذير الحرب، هي نذير الإنقسام، والتصارع.. والبقية تأتي: فهل يريد الفريق المسيحي، الماروني تحديداً، في مكان ما أخذ البلد إلى اشتباك قوي، أو تصارع من نوع آخر، أي هل القوة التي تلوح في الأفق مع خطابات جبران باسيل، تؤسس إلى بيئة تتدمَّر معها صبغة لبنان ما بعد الطائف، بما في ذلك صيغة الميثاق الوطني؟

وبصرف النظر عن حجم التمثيل، بالحسابات الشعبية للأطراف المكوّنة للتكتل الذي يرأسه باسيل، إلّا أن الثابت أن تكتله أدخل البلد، قبل أي شيء أخر، في جملة نتائج سياسية، وديمغرافية، وربما اقتصادية، من شأنها أن ترفع من حجم الأسئلة والمخاوف.

ففي النتائج:
1- يشهد البلد انقساماً أهلياً، لم يترتب على أية انتخابات سابقة، فالسنّة في حال انقسام، وتوجسُّ، وحذر من الطوائف الأخرى، لا سيما الشيعة بعد احتفالات «الدراجات النارية» التي كادت تأخذ البلد إلى إشتباك بدءاً من عاصمته بيروت.

والشيعة، هم في حالة تباعد مع السنّة وريبة من «الجموح الماروني» إلى السلطة، وانتزاع القرار، بدءاً من انتخابات قرى الزهراني، حيث دلّت النتائج في القرى المسيحية على تراجع شعبية الرئيس نبيه برّي، وصولاً إلى كسروان – جبيل، حيث جرى إسقاط متعمّد، ولو بالصناديق، لمرشح حزب الله الشيخ حسين زعيتر، في رسالة جبرانية للحزب لتدارك ما وصفه «بالخطأ التكتيكي» ضدنا.. (أي ضد التيار الوطني الحر).

وفي المشهد هذا، وعلى خلفية الانتماء إلى لبنان القوي، يسعى النائب المنتخب طلال أرسلان إلى تصفية حسابات في الشارع مع وليد جنبلاط، عبر شدّ العصب الارسلاني بوجه العصب الجنبلاطي، وسقوط قتيل بالرصاص بوجه التحدي الجنبلاطي، على قاعدة المصالحة، لما يصفه جنبلاط بمناورة محاصرة المختارة من «السلطة الجديدة (الرئيس عون وفريقه) وعجز السلطة الملحقة (الرئيس الحريري وفريقه).

وفي المشهد الأهلي المنقسم، يتواجه الدروز مع الدروز، وتكاد «الكتلكة» تندثر مسيحياً بوجه «البالوعة المارونية»، وتقاوم الأرثوذكسية مع ميشال المرّ، بعدما استسلم ايلي الفرزلي، مؤسس اللقاء الارثوذكسي، وصاحب القانون الارثوذكسي، الذي نفذ إلى قلب القانون النسبي، وأعاد البلد إلى عهد المتصرفية قبل العام 1900.

في المشهد الأهلي هذا، تفوح رائحة عتب أملي، على حزب الله، على الرغم من أن «الأخ أبو مصطفى» و«الأخ الكبير الأستاذ نبيه بري» باقٍ رئيساً لمجلس النواب، شاء جبران باسيل (النائب ورئيس التيار) أم أبى..

وعلى الرغم من عدم انزعاج الرئيس سعد الحريري، من «الستيرن» النيابي، الذي شبهه بنقله مياه من الليطاني، لا تؤثر على بقائه نهراً، فإن انتخابات باسيل النيابية «في الوطن والمهجر» أطاحت بنادر الحريري، الشخصية الغامضة، والقوية التي كانت وراء غالبية قرارات «التيارات الأزرق» على مدى عقد وبضع سنين، بعد اغتيال الرئيس المؤسس رفيق الحريري (2005-2018).

ليس حدثاً عادياً، أن يحتفل الحريري الابن «بالإنتصار»، وفي اليوم التالي، يخلع المنسقيات والماكينات الانتخابية، قبل أن تكافأ، ويرمي بها خارج بيت الوسط..

مع صعود نجم باسيل الذي لا ينام ولا يشبع من إطلاق المبادرات والوعود، وكلها تصبّ في نكء الجراح، وتأسيس الأزمات، ينظر حزب الله، الذي تمكن من توسيع قوته في البرلمان بإيصال عدد من الرموز السنيّة إلى المجلس، مثل (اسامة سعد، عبد الرحيم مراد، فيصل كرامي، جهاد الصمد، عدنان طرابلسي وفؤاد مخزومي)، أي تشليح الحريري (1/3 النواب السنّة)، في وقت تمكن من استعادة النواب الشيعة «الشاردين» سواء في «المستقبل» أو مع التيار الوطني الحر ليصبح للحزب (27 نائباً شيعياً) على خطه..

مع صعود نجم باسيل، يرتاب حزب الله على الرغم من أن الموقف الأميركي يعتبر أن الحزب اكتسح البرلمان تأسيساً على تحالفه مع التيار الوطني الحر، من هذا، الصعود، ويتخوف على التفاهم الذي وقع مع الرئيس ميشال عون (عندما كان ما يزال رئيساً للتكتل) عام 2006..
وإن كانت ريبة الحزب هذه تختبئ وراء الرئيس برّي، وتعتمد على الثقة القوية بالرئيس عون.

مع انتهاك روحية الطائف، والتحضير لسلسلة خطيرة من مشاريع القوانين، تعيد «الفريق الماروني» إلى منصة القرار في السلطة الاجرائية، بالتزامن مع مصالح إقليمية وتوازنات دولية جديدة، وضعف الحريرية السياسية، وانهيار تحالف 14 آذار مع مرجعياته الإقليمية والدولية، يدخل الوضع اللبناني بقوة بسباق مع معادلة الشرق الأوسط، في حقبة دونالد ترامب، وجنوح الكيان العبري إلى الحرب، وفشل بناء محور المواجهة الاقليمي- الدولي، الممثل بقمة أنقرة (بوتين – روحاني – أردوغان).

من الخطأ الاعتقاد أن فريق «لبنان القوي» لا يراهن على حقبة المعادلات قيد التأسيس مع دخول الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1) طور الاحتضار على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي، لا يزال متمسكاً بهذا الاتفاق، كمدخل للأسواق الإيرانية، والجغرافيا السياسية، للنفوذ الإيراني، من لبنان الىاليمن مروراً بالعراق وصولاً إلى أفغانستان..

تتجمع الغيوم الداكنة فوق سماء المنطقة، ويغطي دخان البارود والقذائف سماء لبنان.. بانتظار كسر الستاتيكو اللبناني!