Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر December 31, 2020
A A A
جهات عدّة تستفيد من ارتفاع الدولار… و«الكابيتول كونترول» على الطريق
الكاتب: ناجي س. البستاني - الديار

المصَارف تدعو للتحلّي بالصبر… والمُودعون يستعدّون للتحرّك في الشارع!

في ظلّ إستمرار فشل السُلطة السياسيّة في تشكيل حُكومة الإنقاذ والإصلاح المَنشودة حتى تاريخه، وفي ظلّ عدم إيلاء السُلطة السياسيّة أيّ إهتمام يُذكر بالأزمة المَعيشيّة والحَياتيّة، وعدم تقديمها أيّ حلول تُذكر لإستعادة الأموال المَهدورة والمَنهوبة – ولوّ بعد حين، تحوّلت أموال المُودعين المَوجودة رقميًا في الحسابات المصرفيّة، إلى نزاع مَفتوح بين جمعيّة المصارف من جهة وجمعيّة المُودعين من جهة أخرى، علمًا أنّ هذه الأخيرة تتحضّر للتحرّك ميدانيًا في الشارع قريبًا جدًا. فماذا في المًعلومات؟

بحسب أوساط جمعيّة المُودعين التي يرأسها حسن مغنيّة، إنّ إجتماعات عدّة عُقدت مع جهات مصرفيّة رفيعة، لكنّ كل التطمينات بشأن أموال المُودعين بقيت نظريّة وغير مَلمُوسة، حيث فشلت جمعيّة المصارف في عرض خطّة واضحة ومُفصّلة تستعرض كيفيّة إعادة أموال المُودعين اللبنانيّين إلى أصحابها، والأهمّ تُحدّد متى سيحصل ذلك. وتوعّدت جمعيّة المُودعين برفع الصوت عاليًا، وبشكل واضح للجميع، في النُصف الثاني من كانون الثاني المُقبل، وذلك من خلال تنظيم سلسلة من التحرّكات الإحتجاجيّة الميدانيّة في الشارع، وضُدّ المصارف، في حال إستمرار سياسة تجاهل مطالب المُودعين، أكان من قبل السُلطة السياسيّة أم من قبل المصارف. وسألت هذه الأوساط: «هل يُعقل أنّ تختفي عشرات مليارات الدولارات من ودائع اللبنانيّين من المصارف بين ليل وضُحاها، من دون أن يحصل أيّ مودع على أي توضيح عمّا حصل؟!». وأضافت: «هل يُعقل أن لا يحظى هذا الملف البالغ الأهميّة، كونه مُرتبط بجنى عُمر مئات آلاف العائلات اللبنانيّة، بأي إهتمام يُذكر، في ظلّ إكتفاء المَعنيّين بهذه الأموال بتبادل الإتهامات من دون إعطاء المُودعين بصيص أمل بإمكان إستعادتهم أموالهم في يوم من الأيّام؟!».

في المُقابل، أكّدت مصادر جمعيّة المصارف التي يرأسها سليم صفير، أنّ المسألة ليست عبارة عن حجز لأموال المُودعين إعتباطيًا من قبل المصارف، كما تُحاول بعض الجهات تصويره. وأضافت أنّ هذا الملف كبير ومُتشعّب، بحيث أنّ حلّه يتطلّب تضافر الجُهود بين أكثر من جهة، خاصة من قبل السُلطات الرسميّة التي عليها تسديد ما إستدانته من المصارف. وتابعت المصادر عينها أنّ على المُودعين التحلّي بالصبر، مُتوقّعة أن تصدر في المُستقبل القريب قوانين عن مجلس النوّاب، تُنظّم عمليّة السُحوبات، وتُساوي بين المُودعين على صعيد نسبة السُحوبات التي يُمكن تنفيذها، وحجمها، وتواريخها، إلخ. وقالت إنّه على المُودعين عدم الخوف من عبارة «كابيتول كونترول»، لأنّ تنظيم الوضع المالي للمودعين بشكل قانوني، يضمن إستعادتها كاملة ولوّ بعد حين، بينما ترك الأمور من دون ضوابط وعرضة للفوضى وللمزاجيّة، لا يُساوي بين المُودعين وقد يُعرّض بعض المصارف للخطر.

في غُضون ذلك، كشف مصدر إقتصادي أنّ جهات عدّة يهمّها أن يبقى سعر صرف الدولار مُرتفعًا، لأنّه يُخفّف من خسائر بعض الجهات، ويؤمّن أرباحًا طائلة لجهات أخرى. وفي هذا السياق، أشار المصدر إلى أنّ المصَارف يهمّها أنّ يبقى سعر صرف الدولار مُرتفعًا، لأنّها تُسدّد ودائع اللبنانيّين المُدولرة بالقطارة بالليرة اللبنانية، مع تنفيذ شطب جزئي تلقائي أي «هيركات»، بما يزيد عن نصف قيمة الأموال، لأنّ المصارف تُعطي المُودع مثلاً ثلاثة ملايين و900 ألف ليرة لبنانية وتشطب مبلغ ألف دولار من وديعته، بحجّة أن سعر صرف المنصّة الإلكترونية الرسميّة التي أسّسها مصرف لبنان يُحدّد سعر الدولار عند 3850 ليرة للشراء وعند 3900 ليرة للمبيع، بينما سعر الدولار في السوق السوداء لا يقلّ عن ضعف هذا المبلغ، وهو يبلغ حاليًا قرابة 8500 ليرة لبنانية! وبالتالي، بالكاد يحصل المُودع على 450 دولار أميركي في حال قام مُجدّدًا بشراء الدولارات من السوق السوداء بالمبلغ الذي سحبه بالليرة اللبنانية!

وتابع المصدر الإقتصادي أنّ المُضاربين بالأسواق الماليّة يهمّهم أيضًا أن يبقى سعر صرف الدولار مرتفعًا لأنّهم يشترون شيكات مصرفيّة من المُودعين الذي تملّكهم الخوف على ودائعهم والقلق على المُستقبل، بأسعار زهيدة، حيث يتمّ مثلاً شراء شيكات مصرفيّة بقيمة مئة ألف دولار في مُقابل مبالغ نقدية تتراوح ما بين 30 و35 ألف دولار فقط. ويستفيد من هذه العمليّات أشخاص لديهم ديون لصالح المصارف، بحيث يُسدّدون ما عليهم بثلث المبلغ الفعلي، وأشخاص يسعون إلى تبييض أموالهم المُتأتيّة من مصادر غير شرعية بحيث يدخلون إلى النظام المصرفي.

وختم المصدر الإقتصادي كلامه بالتأكيد أنّ الدولة اللبنانيّة هي المُستفيدة الأكبر، كون سندات الخزينة بالليرة اللبنانيّة فقدت قيمتها عمليًا، بسبب التضخّم الذي حصل، وخلال العام 2020 جرى تخفيض مردود هذه السندات بمقدار 1,8 %، حتى تلك طويلة الأمد أي المكتوبة لمدة ثلاثة أو خمس أو سبع سنوات، وليس تلك القصيرة الأجل فقط، أي تلك المَكتوبة لمدّة ثلاثة وستة أشهر أو حتى سنة واحدة. وبالتالي إنّ تسديد هذه السندات يُصبح أسهل كلّما إنخفضت قيمة صرف العملة الوطنيّة!

وممّا سبق، من الواضح أنّ حالة عدم الإستقرار المالي ستبقى قائمة في المدى المَنظور، في ظلّ غياب خطط المُعالجة، أو حتى خطط تنظيم الخسائر وتوزيعها، وفي ظلّ تضارب مصالح كبير بين الجهات المعنيّة بالخسائر الماليّة الضخمة التي مُنيت بها خزينة الدولة، وأغلبيّة ساحقة من اللبنانيّين بشكل خاص.