Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر June 5, 2018
A A A
جنبلاط في “مكان آمن” عند الشيعة
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

حزب الله يستعجل التأليف…
ينشط حزب الله بعد اجراء الانتخابات النيابية وتحديد احجام الكتل، بدينامية كبيرة على خط تأليف الحكومة. ويبدو في مقدم القوى المستعجلة لإنجاز هذه المهمة وتسهيلها أمام الرئيس المكلف سعد الحريري. وتعمل قيادة الحزب، بتكليف من السيد حسن نصرالله وبإشرافه، على إنجاز هذه الخطوة بعد “الحاصل الانتخابي” الكبير الذي حققه في الدوائر التي نزل فيها مرشحوه وأوصلهم جميعهم، ما عدا مرشحه في جبيل – كسروان. وفي أقل من أسبوع التقى الأمين العام الرئيس نبيه بري ثم الوزير جبران باسيل، وكلف معاونه السياسي حسين الخليل ووفيق صفا زيارة رئيس التقدمي وليد جنبلاط بغية بلورة جملة من المعطيات تساعد في تأليف الحكومة وعدم التأخير في ولادتها، والتي ستكون سهلة الى حد ما، على عكس كل التوقعات التي تشير الى جملة تعقيدات وان لم تكن قليلة. وتسلم خليل الملف الدرزي ليتابعه مع جنبلاط والوزير طلال ارسلان وبقية الافرقاء في الطائفة، بعدما كان صفا يقوم بهذه المهمة.

وجاء هذا التبديل بين الرجلين بغية ضبط الملف. وسيكون خليل والنائب السابق غازي العريضي نواة هذه الحلقة المشتركة بين حزبيهما. وكان من الطبيعي بعد الانتخابات وما رافقها ان يقوم الحزب بهذه الجولات من الاتصالات بالجهات التي تحالف معها، اضافة الى تلك الصديقة. وستُستكمل هذه اللقاءات مع النائب السابق سليمان فرنجية وارسلان والنواب السنة الذين يلتقون والحزب على اكثر من ملف، بهدف تمتين منظومته هذه والقيام بخطوات سياسية من هذا النوع. ويبقى اللقاء الاهم من جهة الحزب مع جنبلاط، حيث يتكامل الثنائي الشيعي في تأكيد لإحاطته الزعيم الدرزي بكل هذه العناية العاطفية والشخصية والتي تمت ترجمتها قبيل الانتخابات وعند إسقاط الاسماء على اللوائح، وكان هناك تنسيق بين “الثنائي” والتقدمي في بيروت الثانية ومرجعيون-حاصبيا، بهدف ابقاء جنبلاط في “مكان آمن” عند البيت الشيعي الانتخابي.

ونظم “الثنائي” والتقدمي خلافهما بروح رياضية عندما افترق الطرفان في بعبدا والبقاع الغربي، حيث نجحا معا في لعبة لم تكن خافية على أحد. ولو جاءت في مكان ما على حساب ارسلان – الذي اختار التحالف مع العونيين- والوزير السابق وئام وهاب. ومن الحسابات الاستراتيجية الداخلية عند بري ونصرالله، البقاء على هذه العلاقة وتطويرها مع جنبلاط، ولا سيما بعد الانعطافة التي قام بها الرجل وتخليه عن 14 آذار قبل انفراط جسم هذا الفريق الذي خرج منتصراً بعد انتخابات 2005 و2009، على عكس أحواله في الانتخابات الاخيرة. ويحرص الحزب على عدم تلاقي ثالوث جنبلاط “و”القوات” و”تيار المستقبل”، وان كان البك لا يحبذ العودة الى الوراء. وعلى خط آخر، لم تكن حال التقدمي وتيار المستقبل مستقرة انتخابيا، رغم وجودهما في لوائح مشتركة في أكثر من دائرة، ولم تستقم علاقاتهما بعد، في وقت تواجه المختارة تحديا من تكتل “لبنان القوي” المصمم على توزير ارسلان في الحكومة ومنع جنبلاط من الحصول على الحصة الدرزية كاملة. ولم يحتل الملف الحكومي مساحة كبيرة في لقاء جنبلاط ووفد الحزب، لكنهما ركزا على زاوية الخطر المالي والاعباء الاقتصادية التي تهدد البلد ومؤسساته، وانه لا بد من تضامن سائر الافرقاء في التصدي لتحدي الفساد. وبحسب مفوض الاعلام في التقدمي رامي الريس، ان لقاء الحزبين لا يخرج عن السياق الطبيعي والمستمر بينهما. ويقول لـ”النهار” ان هذه “العلاقة الثنائية مرشحة لمزيد من التثبيت والتطوير في الحقبة المقبلة، ولا سيما بعد تأليف الحكومة، حيث ثمة تقاطعات لا يستهان بها في ملفات حيوية كالكهرباء والطاقة ومكافحة الفساد والاصلاح الاداري وسواها من القضايا الضاغطة اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً”.

في غضون ذلك، بعد التقارب الاخير بين التقدمي وحزب الله وتنظيمهما خلافهما السياسي حيال مقاربتهما الملفات الاقليمية، وفي طليعتها في سوريا، تتجه الامور بينهما الى المزيد من التنسيق وفتح صفحات أكبر على طاولة الحكومة المقبلة. ومن هنا يشكل اللقاء الاخير بين الحزبين خطوة الى الامام، حيث لم يعد هناك مانع من حصول لقاء يجمع نصرالله وجنبلاط، واذا لم يتم في وقت قريب فهو يعود الى اعتبارات وحسابات تخص الزعيم الدرزي الذي لن يوفر أي عامل داخلي او خارجي يساعده في تحصين نجله النائب تيمور جنبلاط في انطلاقة رحلته السياسية.
*