Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 2, 2018
A A A
جمهورية الملفات العالقة
الكاتب: إلهام سعيد فريحة - الأنوار

قبيل دقائق معدودة من هبوط الطائرة، أي طائرة، في مطار رفيق الحريري الدولي، يمكن من النافذة الرؤية، وبالعين المجردة، واقع الأزمات والملفات في لبنان، حتى ليصحَّ القول:

“بيروت من فوق هي ذاتها بيروت من تحت” وليس كما يقال:

“روما من فوق غير روما من تحت”.

قبل لحظات من الهبوط، وعلى امتداد الشاطئ، يمكن مشاهدة بواخر توليد الكهرباء الثلاث، هنا تبدأ أزمة الملفات العالقة التي من دون معالجة منذ أكثر من ربع قرن. أيُّ بلدٍ في العالم يَصرفُ على كهربائه ثلاثين مليار دولار، أي ثلث الدين العام، وما زال يستعين ببواخر التوليد بسبب النقص في معامل التوليد، ولو أُتيحَ النظرُ أكثر لكان بالإمكان رؤية آلاف مولِّدات الكهرباء التي تنتشر كالأخطبوط لتمتصَّ جيوب الناس.

وقبل لحظات من الهبوط أيضاً، يمكن مشاهدة بالعين المجردة “معالم” وجبال النفايات، من “مَعلم” مطمر الناعمة إلى الكوستابرافا إلى برج حمود.

هذا جزءٌ من “بيروت من فوق”، ولكن بيروت من تحت ليست أفضل حالاً.

يصل المسافر إلى مطار بيروت، ويمكن أن “يَعلق” بالمفاجآت التالية:

جهاز التبريد لا يعمل فيكتوي بلهيب الصيف وما يحمله من روائح منبعثة من المطمر الملاصق للمدرجات، مطمر الكوستابرافا.

يصل إلى مكان استلام الحقائب، فربما يكون معطلاً، وإذا أسعفه الحظ ولم يتعطَّل على دوره فإنَّه قد يُواجَه بعدم وجود عربة لتحميل حقائبه، لأنَّ هذه العربات “محجوزة” لدى الحمَّالين، وهُم يؤجِّرونها “مع سائق”!

يخرجُ من المطار لتبدأ مشكلةٌ جديدةٌ وهي الفوضى بين تاكسي المطار والسيارات الخاصة، في ظلِّ صراخٍ وتدافعٍ وتجاوزٍ ولا ينجو من كلِّ هذه الشوائب سوى المحظيين.

هذا في اختصار حالُ المطار، من دون أن ننسى “صراع الأجهزة” وصراع “المدراء العامين” في الطيران المدني، وتداخل الصلاحيات الوزارية.

يخرجُ المواطنُ من المطار فيجدُ أمامه كمًّا هائلاً من الملفات العالقة، يرى كيف رضخت الوزارات المعنية لمطالب أصحاب المولّدات لجهة تسعيرة “الكيلوواط”، ويسأل نفسه:

إذا كانت الوزارات المعنية قد رضخت لشروط وابتزاز أصحاب المولّدات، فكيف لها أن تجعل المواطن يطمئن إلى أنَّ قضاياه في أيدٍ أمينة؟

يتابعُ المواطن السير فيُدهشه كيف تُدار “لعبة” التوظيف في لبنان، وأقول “لعبة” لأنَّ بعض المسؤولين “يتلاعبون بهذا القطاع الحيوي من دون الأخذ بعين الإعتبار أمرين مهمين:

الأول أنَّ هناك قراراً من مجلس الوزراء بوقف التوظيف، والثاني أنَّ وضع الدولة لا يسمح بإدخال موظف واحد قبل إجراء الإصلاحات الضرورية في إدارة الدولة”.

هذا غيض من فيض ما تحتويه الجمهورية من ملفات عالقة، والأمور آخذة في التأزّم أكثر فأكثر ما لم يتحرَّك المعنيون قبل فوات الأوان، والخطوة الأولى في رحلة الألف ميل تبدأ بتشكيل الحكومة، لكنها تبقى خطوة أولى ويبقى 999 ميلاً.

كم الأوضاع متأخرة عن اللحاق بالأوضاع الطبيعية؟!

مؤسف.