Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر June 7, 2016
A A A
«جلّادو روسيا» و«صليبيّو إنكلترا»
الكاتب: شربل كريم - الأخبار

«جلّادو روسيا» و«صليبيّو إنكلترا»… عصابات أوروبا كلّها في فرنسا
*
إرهابٌ من نوعٍ آخر يهدد كأس اوروبا 2016 لكرة القدم التي تنطلق مساء الجمعة في فرنسا. هو نوعٌ اعتادته الاحداث الكروية الكبرى، ويرتبط بالمشجعين المشاغبين الذين قد يكون تهديدهم لأي بطولة أخطر من تهديد الارهابيين لها. فمن هم أسوأ الجماهير؟

لم تنطلق “يورو 2016” على ارض الملعب، لكنها انطلقت بقوة في مكانٍ آخر، وتحديداً في ساحات المشجعين، فكان الانذار الاول لأحداث شغبٍ مرتقبة من الجماهير الروسية المتطرفة التي اعلنت انها تستعد لمهاجمة الجماهير الانكليزية على هامش لقاء منتخبي روسيا وانكلترا في مرسيليا السبت المقبل!

هكذا وبكل بساطة، وعبر الاعلام العالمي، لم تتردد اخطر “عصابات” مشجعي كرة القدم في العالم في إعلان نياتها بشكلٍ يمكن اعتباره سابقة، إذ غالباً ما كانت تحصل الصدامات الجماهيرية بشكلٍ مباغت يفاجئ الخصم ورجال الامن وكل من يحيط بالملاعب أو الموجود في داخلها.
لكن اليوم، وفي عصرٍ بات فيه كل شيء يخرج الى الاعلام، من نحرٍ وقطع رؤوسٍ وجرائم فظيعة، باتت المجموعات الجماهيرية المتطرفة جاهزة لاستعراض قدراتها وما يمكن ان تعتبره انجازاً لها امام الرأي العام العالمي، من دون ان تهاب اي أمنٍ او ترضخ لمطالب حكوماتها التي تدعوها إلى الوصول والخروج سالمة من البلد الذي يستضيف الحدث.
ومع مشاركة 24 منتخباً في كأس اوروبا للمرة الاولى في تاريخ هذه البطولة الكبيرة، يمكن القول ان خطورة الجماهير تضاعفت، وخصوصاً ان مجموعات “الهوليغانز” لم تعد محصورة بالانكليز او الالمان الذين لطالما افتعلوا المشكلات خلال وجودهم في هذا البلد أو ذاك لمتابعة مباريات منتخبات بلادهم.
الآن مثلاً يبرز الروس مع المجموعة المعروفة باسم “جلادي سبارتاك” (نسبةً الى نادي سبارتاك موسكو الشهير) التي تتصدر لائحة اكثر المجموعات خطورة في “يورو 2016″، وهي التي على ما يبدو ستتولى ترويض “أسود انكلترا” المعروفين بعنفهم. وعلى شاكلة هؤلاء وربما أسوأ، تصرف الجمهور الروسي في الاعوام القريبة الماضية حيث عصفت احداث الشغب في الدوري هناك، وخصوصاً عندما اصطدم المشجعون مرات عدة مع الشرطة في اكبر مدن روسيا.

p20_20160607_pic1

* أعلن الروس نيّتهم مهاجمة الانكليز مساء السبت في مرسيليا.

واللافت ان الدعوة او الاعلان المهدد للانكليز يأتي ضمن الموضة الجديدة لمجموعة من المقنّعين الذين باتوا ينظّمون المعارك التي قد تجمع اكثر من الف مشجع من كل جهة، او الهجمات ضد رجال الشرطة. وفي الشق الاول تكمن خطورة اكبر، لأن هذه المعارك باتت تُنظّم بعيداً من ساحات الملاعب وعيون الأمن، ما يؤدي حتماً الى وقوع ضحايا.
خطورة مجموعة “جلادي سبارتاك” التي انطلقت منتصف التسعينيات وانفصلت عن بقية مجموعات “الهوليغانز” في أنها تشبه في عملها فيلم “Fight Club” الشهير للممثلين براد بيت وادوارد نورتون حيث يتحوّل قتال الشوارع الى جولات منظمة منها ما يجمع افضل مجموعات الجماهير الكروية المقاتلة مع افضل مجموعات الشرطة!
وليس بعيداً من الطرف الاول في المواجهة المرتقبة، يطلّ الجمهور الانكليزي الغني عن التعريف في هذا المجال، والذي يحضر قسمٌ منه عادة وكأنه ذاهب الى معركة في العصور المظلمة، مرتدياً اللباس الخاص بفرسان الحملات الصليبية.
تخيّلوا آلاف المشجعين الثملين يجوبون طرقات المدن في البلد المنظّم وهم يحملون أكواب الجعة الضخمة ولا يمانعون في اي لحظة الاصطدام مع اي احدٍ يقف في وجوههم. الامور قد تكون أسوأ في فرنسا، حيث يتوقع ان يصل حوالى 70 الف انكليزي الى البلاد ولا يملكون بطاقات الدخول الى الملاعب، ما يجعلهم قنابل موقوتة في الشوارع، علماً بأن فرنسا سبق ان اعلنت منع 2000 مشجع انكليزي من دخول البلاد، وهو ثلثا العدد الكامل للائحة الاسماء السوداء للمشجعين المختلفي الجنسية.
ومما لا شك فيه ان السلطات الفرنسية تعلم مدى حجم خطورة كل مباراة تكون انكلترا طرفاً فيها، اذ ليست المواجهة الروسية ــ الانكليزية هي الاخطر، فهناك في لنس ستلعب انكلترا مباراة حساسة جماهيرياً مع جارتها ويلز.
الشرطة الفرنسية أطلقت ترتيبات خاصة للحدّ من شغب المشجعين وتحديداً الانكليز، منها الكاميرات الطائرة فوق أمكنة التجمّع، اضافة الى تركيب 200 كاميرا في محيط الملاعب التي ستستضيف مباريات انكلترا، وتكون تحت أعين ضباط شرطة انكليز ومتخصصين في تحليل سلوك وتحركات الجموع لاستباق اي طارئ قد يحصل أو يكون مخططاً له.
البانيا واوكرانيا وكرواتيا وتركيا ستكون حاضرة على هذا الصعيد، لكن المانيا التي تتخطاها على الصعيد الفني كروياً، قد تتخطاها ايضاً شغباً مع “هوليغانز” اشتهروا بعنفهم وعدائهم لكل من يتعرض لكبريائهم حتى لو كانت الشرطة المهتمة عبر تعليماتها بتنظيم تحركاتهم.
مهلاً، الامر لا يقتصر فقط على مشاغبي منتخبات البلدان المتأهلة الى “يورو 2016″، فهناك من سيرى في فرنسا حلبةً مهيّأة لممارسة هواية الركل واللكم وجميع فنون قتال الشوارع. اسألوا الهولنديين الذين يستعدون للانتقال الى باريس بأعدادٍ كبيرة، رغم ان المنتخب البرتقالي لم يتنعّم بالحصول على بطاقة مؤهلة الى العرس الاوروبي.