Beirut weather 15.41 ° C
تاريخ النشر May 31, 2024
A A A
جعجع.. والسلبية المطلقة!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في موقع “سفير الشمال”

كشفت الزيارة السادسة للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان، السلبية المطلقة التي يتعاطى بها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع الملف الرئاسي، خصوصا بعدما واجه لودريان بسلسلة “لاءات” حول التشاور ورئاسته والدعوة إليه، وصولا الى محاولته لعب دور الوصي على المجلس النيابي بتأكيد رفضه “إعطاء الرئيس نبيه بري صلاحيات ليست له”.

لا شك في أن “عنتريات” جعجع إنعكست تشددا في مواقف الرئيس بري الذي سبق وعبر أمام “الخماسية” بأنه مستعد للتنازل عن ترؤس الحوار لنائبه إلياس أبو صعب في حال وافق الجميع بدون إستثناء على المشاركة فيه، لكنه أمام مواقف جعجع الاستفزازية عاد وأصر على ترؤس الحوار بنفسه، وقد لاقاه أمس نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أكد أنه “إذا تم الحوار برئاسة بري فنحن جاهزون للمشاركة به”.

ما يثير الاستغراب هو الموقف المستجد لجعجع حول تنفيذ القرار 1701 وربطه بالإستحقاق الرئاسي، في الوقت الذي يؤكد فيه حزب الله على لسان الشيخ نعيم قاسم، بأن “لا إرتباط بين الملف الرئاسي وجبهة الجنوب”، فضلا عما سبق وأكده السيد حسن نصرالله بأن “لا إستثمار لنتائج الحرب في الرئاسة اللبنانية”.

كل ذلك، يوحي بأن جعجع يضع العصي في الدواليب لمنع قطار رئاسة الجمهورية من التحرك نحو قصر بعبدا، وبالتالي فهو يقطع الطريق على أي تشاور أو نقاش، ويمعن في التعطيل الذي يتهم به الثنائي وغيره من التيارات السياسية.

تشير المعطيات الى أن جعجع يراهن على متغيرات دولية وإقليمية بعد حرب غزة، يأمل بأن تصب في مصلحته في الداخل اللبناني وتترجم في الملف الرئاسي على وجه الخصوص، لذلك، فهو يحاول التصدي لأية مبادرة قد تنعش الآمال في إنتخاب رئيس للجمهورية من أي جهة أتت، إنطلاقا من طموحات وآمال وأحلام رئاسية تراوده منذ إندلاع الحرب.

وبغض النظر عن رهانات جعجع التي لا تبشر بالخير كونه لم يوفق بأي منها على مدار السنوات الطويلة الماضية، فإنه اليوم يشعر بفائض قوة نتيجة مواقفه المتطرفة التي يثير بها الغرائز، لكنه لا يجد لها تصريفا أو ترجمة في الواقع اللبناني، فلا هو إستفاد من القوة النيابية التي حصل عليها للمرة الأولى في تاريخ القوات اللبنانية في إنتخابات 2022، ولا هو إستطاع تجيير التغييريين والمستقلين الى تكتل “الجمهورية القوية” فإنقلبوا عليه وردوا له الصاع صاعين عندما حاول الاساءة أليهم، ولا هو إستطاع أن يقود أو يتزعم المعارضة اللبنانية ليقدم نفسه أمام الدول المعنية بهذه الصفة، ولعل لقاء معراب الأخير أكد بما لا يقبل الشك أن أحدا من أركان ونواب المعارضة يرفض السير تحت مظلة جعجع وبالتالي فإن اللقاء كان “لزوم ما لا يلزم”، بعدما تحول الحضور فيه الى ما يشبه “جحا وأهل بيته”، ولم يسفر إلا مزيدا من الاحتقان والانقسام الداخلي.

وفي الوقت نفسه، لا يوجد لدى جعجع أي مرشح رئاسي لتسويقه بشكل جدي، وما الوزير السابق جهاد أزعور سوى “ذر للرماد في العيون”، وهو لم يعد لديه حليف بعدما إنفضت المعارضة من حوله بسبب محاولاته المستمرة لممارسة دور الوصي عليها.

يوحي جعجع بشكل دائم بأن لديه ما يمكن أن يسلفه في السياسة، لكن أحدا لم يطلب منه ذلك، ولم يفتح معه أي حوار ثنائي يمكن من خلاله أن يحقق بعض المكاسب أو أن يفرض شروطا.. أما العباءة السعودية التي أهداها له السفير وليد البخاري مؤخرا، فلم يكن لها أي مردود سياسي داخلي، خصوصا مع تراجع الدعم السعودي له وإنكفاء المملكة عن التعاطي بالملف اللبناني باستثناء مشاركتها في “الخماسية”، ما يجعل جعجع يرنو بعينيه الى قطر التي تستضيف بعض الشخصيات اللبنانية، لكنه لا يجرؤ على التمادي في العلاقة معها خوفا من الغضب السعودي.