Beirut weather 14.1 ° C
تاريخ النشر December 23, 2020
A A A
جريمة الكحّالة تُعيد موضوع الأمن الى الواجهة
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

إلقاء القبض على المجرمين سريعاً وسوقهم الى القضاء يُفرمل مخططات الخلايا النائمة بتوتير الأمن الداخلي

بعد جريمة الكحالة المنظّمة التي حصلت في وضح النهار صباح الاثنين الفائت، وذهب ضحيتها المصوّرالشاب جوزيف بجّاني الذي قُتل بإطلاق النار عليه من مسدس كاتم للصوت أمام منزله على يد مسلّحين مجهولين يستقلّون درّاجة ناريّة، والتي تلت الجريمة الغامضة التي أودت بحياة العقيد المتقاعد في الجمارك منير أبو رجيلي في بلدة قرطبا منذ عشرين يوماً، يتخوّف اللبنانيون من بدء سيناريو توتير الوضع الأمني في البلاد الذي يتمّ التخطيط له منذ فترة ولا سيما بعد انفجار مرفأ 4 آب، وسبق وأن حذّرت منه الأجهزة الأمنيّة.

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ المجلس الأعلى للدفاع الذي ناقش في اجتماعه الأخير الأمن الإستباقي ومسألة الحذر من حصول اغتيالات منذ شهرين، يعمل حالياً على الإنتهاء من إعداد الخطّة الإستباقية لمعالجة الموضوع الأمني في البلاد، وذلك تجنّباً لوقوع المزيد من الجرائم المنظّمة كجريمة الكحالة التي حصلت الاثنين الماضي. وقد أكّد وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي متابعته الحثيثة لهذه الجريمة حتى كشف المجرمين، مشدّداً على أنّها «لن تمرّ». وصحيح أنّ إلقاء القبض على المجرمين لن يُعيد الضحيّة الى أهله وعائلته الصغيرة، على ما ذكر والده، إلاّ أنّه يردع الاشخاص الآخرين الذين يُخطّطون لارتكاب جرائم مماثلة.

فمتى تمكّنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على المسلّحين الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة، سيما أنّهما ظهرا بشكل واضح في كاميرات المراقبة وتجري ملاحقتهما حالياً مع كلّ الأشخاص الآخرين الذين عاونوهما، يُمكن الحديث عندئذ عن «العدو» الذي يُواجهه الوضع الأمني المستقرّ في لبنان رغم كلّ ما يُعانيه من أزمات على مختلف الصعد. وعلى هذا الأساس يُمكن للأجهزة الأمنية تطوير وتحسين خطّتها وفق المعطيات التي ستحصل عليها، وستتمكّن بالتالي من معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الجرائم.

وذكرت المصادر بأنّ اللبنانيين يبدون قلقهم عند حدوث جرائم من هذا النوع، سيما أنّها تشير الى أنّ الجناة لا يخشون من القوى الأمنية، بل على العكس يقومون بتحدّيها من خلال قيامهم بالجريمة في وضح النهار وبوجوه مكشوفة. غير أنّ الأجهزة الأمنية لن تترك هؤلاء المجرمين يقومون بتنفيذ مخطّطهم الذي ينصّ على توتير الوضع الأمني في البلاد، والذي لم يؤدّ انفجار المرفأ الى تعكيره رغم كلّ الغضب الذي أصاب أهالي بيروت لخسارتهم أحبّاء لهم فضلاً عن تدمير منازلهم وممتلكاتهم ومؤسسات العاصمة ككلّ.

ولفتت المصادر نفسها الى أنّ الأجهزة الأمنية تتخذ إجراءات أمنيّة مشدّدة خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة من خلال غرفة عمليات مشتركة، لمنع أي من الخلايا النائمة من القيام بأي عمل تخريبي أو بالإغتيالات التي تُخطّط لها. علماً بأنّها قامت بتوقيف أكثر من خلية في الفترة السابقة، وتجري حالياً مطاردة بعضها الآخر لا سيما بعد حصول القادة الأمنيين على معلومات تحدّثت عن تلقّي بعض القادة والشخصيّات من مختلف الإنتماءات تهديدات بالقتل.

وبرأي المصادر، انّ الإجراءات الإستباقية هي أكثر ما يُطمئن الشعب اللبناني الذي عليه هو بنفسه أن يحتاط من أي شيء مريب قد يحدث من حوله، فيُبلّغ عنه القوى الأمنية المختصّة. وتضع الأجهزة الأمنيّة في الحسبان بالتالي أنّ الوضع الإقتصادي والنقدي الذي يزداد سوءاً في البلاد لا بدّ وأن يؤدّي الى ازدياد نسبة الجرائم، ولهذا فهي تقوم بواجباتها في حماية الأمن وملاحقة جميع المرتكبين.

وإذ تحدثت بعض وسائل الإعلام العربية عن أنّ «سبب اغتيال بجّاني هو توثيقه أدلّة مع محقّقين أميركيين وفرنسيين حول انفجار بيروت»، فيما كان بجّاني يتحضّر للهجرة الى كندا مع عائلته، تقول المصادر نفسها إنّه لا يُمكن استباق نتائج أي من التحقيقات، فإذا ما كان لجريمة الكحّالة اي علاقة بانفجار 4 آب سيتمّ الكشف عن هذا الأمر في حينه.

أمّا القول انّ الوضع الأمني يشهد فلتاناً في المرحلة الراهنة، فهو أمر يودّ المجرمون والمخرّبون أن تصل اليه البلاد، على حدّ قول المصادر في الوقت الذي تعمل فيه الأجهزة الأمنية والقضائية لكشف ملابسات جريمة الكحّالة في أسرع وقت ممكن، وسوق المرتكبين الى القضاء ومحاكمتهم. وشدّدت على أنّ الوضع الأمني في البلاد لا يزال ممسوكاً ويجري العمل على الحفاظ عليه لكيلا يُصبح كلّ شيء متدهوراً فيها.

وأكّدت المصادر نفسها أنّنا لن ننتقل الى الأمن الذاتي لأنّ هذا الأمر يُظهر عدم أهلية الدولة في حماية شعبها، وهذا ما تريده الخلايا النائمة التي تودّ العبث بالأمن الداخلي في البلاد. ولعلّ هذا ما يُطمئن المواطنين الذين يأملون مرور فترة الأعياد على خير وسلام رغم الضائقة الإقتصادية والمادية التي يُعانون منها، ووباء «كورونا» الذي يُهدّد صحّة المجتمع ككل.