Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 16, 2022
A A A
جدِّية الترسيم تخرق الضبابية السياسية
الكاتب: كارول سلوم - اللواء

 

لا يكاد ملف تأليف الحكومة يُطوى حتى يتم احياؤه من جديد، والواضح أن هذا هو المسار الذي يسلكه ، تأرجحاً بين السلبية والإيجابية وكلام عن ضرب مواعيد لولادة الحكومة المستنسخة وآخر عن تعويمها..
يتكرر مشهد زيارات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، وتتكرر معه مدة الاجتماع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، نصف ساعة.اما تصريح الرئيس ميقاتي فمقتضب وميال إلى المزاح مع الصحافيين، وهو ينمُّ عن رسائل معينة كما هو حاصل في الاجتماع الأخير حيث قال أنه سيؤلف الحكومة حتى أو استدعى ذلك النوم في القصر. وهنا ليس واضحا ما إذا كانت توافرت معطيات مشجعة للتأليف، ام أن الرئيس المكلف يريد ان يضفي في كل مرة مناخا تفاؤليا. ألم يقل في تصريحه في ٣١ آب الماضي انه لو لم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري في الجنوب لكانت مراسيم الحكومة صدرت.

بالنسبة إلى بعض المراقبين لم يقارب الرئيسان عون وميقاتي أي تفاصيل جديدة على الصعيد الحكومي،وإن الاجتماع عرض بعض الملفات كما أشار إليها البيان الرسمي من بعبدا: ترسيم الحدود ومشاركة الرئيس المكلف في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
والواضح أن ملف تشكيل الحكومة لا يزال على حاله وينتظر استئناف البحث به بعد عودة ميقاتي من نيويورك حيث يترأس وفد لبنان إلى اجتماعات الأمم المتحدة ويلقي كلمة فيها.
اما على الضفة الرئاسية، فلا مبادرات استثنائية والضبابية تلف تحركات ومواقف الأفرقاء لناحية تبني أو دعم هذا المرشح أو ذاك.
وحده ملف ترسيم الحدود البحرية يتسم بالجدية وذلك انطلاقا مما شهده مؤخرا من اتصالات مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» ان الرئيس المكلف ودع رئيس الجمهورية بكثير من اللياقة قبل مغادرته إلى لندن ومن ثم إلى نيويورك، على أنه خلال فترة غياب ميقاتي من المستبعد أن يطرأ أي تطور جديد في هذا الملف. وقالت المصادر إن الإصرار على تأليف حكومة جديدة لا يزال قائما حتى وإن كان ذلك ضمن الربع الساعة الأخير، لافتة الى ان جهدا يُبذل من أجل انجاز التشكيل الحكومي قبل مرور عشرين يوما من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، والا فان المهلة ستصبح ضاغطة بشكل أكبر خصوصا ان عملية انجاز التشكيل الحكومي تتطلب وقتا يتراوح بين اصدار المراسيم واعداد البيان الوزاري واقراره ونيل الثقة على اساسه في مجلس النواب، الأمر الذي يستدعي سرعة في الحسم قبل منتصف الشهر المقبل.
ولكن كيف سيتم تحريك الملف مجددا في ظل غياب أفكار جديدة ؟ المصادر اكدت ان تواصلا جديدا سيتم بين الرئيسين عون وميقاتي من دون معرفة ما اذا كانت هناك من طروحات معينة او أنه سيصار الاستمرار في الدوران في الحلقة المفرغة نفسها تبديل وزير أو وزيرين، وسط معطيات تشير الى مواصلة رغبة رئيس الجمهورية بزيادة 6 وزراء الى التركيبة الحكومية الحالية الا ان المصادر كشفت ان رئيس الجمهورية لا يمانع ببقاء تركيبة الـ 24 وزيرا شرط ادخال التعديلات المناسبة اليها،قائلة إن الأمر متروك لمسار المشاورات المقبلة بينه وبين رئيس الحكومة المكلف والتي يفهم من تصريح ميقاتي أنها ستتكثف.
ولفتت المصادر الى ان الاوضاع في البلاد تفرض انجاز ملف تأليف الحكومة في اقرب وقت ذلك لأن ملف الاستحقاق الرئاسي غير واضح ولم يدخل إليه عنصر جديد، كما ان القواعد المرتبطة به لا تزال هي نفسها، اذ انه لم يعلن اي فريق سياسي ترشيح أو تأييد أحد، والأمر نفسه ينطبق على الكتل النيابية.
ورأت المصادر ان ما من مبادرات في موضوع الانتخابات الرئاسية سوى مبادرة النواب التغييريين التي دعت الى انتخاب رئيس خارج الاصطفافات وهي بحسب البعض مجرد استطلاع رأي أكثر من مسألة دعم او تسمية او تبني مرشح ما.
واوضحت المصادر ان المواقف السياسية من الملف الرئاسي لا تزال متباعدة كليا سواء الموقف الذي اطلقه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حيال حزب الله والدور الذي يلعبه في هذا المجال، او الموقف الاخير لحزب الكتائب والذي ورد على لسان النائبين سامي ونديم الجميل.
في المقابل فان الثنائي الشيعي لا يكشف عن اسم مرشحه كما هو ظاهر وكذلك الامر بالنسبة الى التيار الوطني الحر الذي لم يقدم أي إشارة عن خطواته المقبلة.

واعربت عن اعتقادها ان لا مؤشرات ملموسة في ملف الرئاسة، في حين أن الملف الجدي الوحيد هو ترسيم الحدود البحرية لا سيما بعدما سجلت خطوات اساسية فيه، وذلك انطلاقا من لقاءات الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين حيث ساد انطباع عن جدية البحث لإنهائه لاسيما ان مصلحة كل من لبنان واسرائيل تقتضي بإنجاز الترسيم، فإسرائيل تحتاج الى استخراج الغاز بدءًا من الشهر المقبل خصوصا ان لديها التزامات أوروبية وخارجية، كما أن من مصلحة لبنان حسم الموضوع لا سيما ان وضعه الاقتصادي صعب ووصل الى حالة الإهتراء.
توقُّع إنجاز اتفاق الحدود نهاية أيلول وثمّة حاجة لتهدئة أمنية في المنطقة
وقالت المصادر ان ما ينمّ عن السرعة في تحريك الملف هو ارسال الوسيط الاميركي الاحداثيات لما يعرف بالخط الازرق البحري، خلال 48 ساعة ولبنان قابل هذا الامر بسرعة مماثلة حيث تولى فريق فني باسقاط الاحداثيات على الخارطة لمطابقتها، وفُهم ان هناك ملاحظات يبديها لبنان حول هذه النقطة قبل ارسال هوكشتاين الاقتراحات الخطية النهائية والتي على اساسها يحدّد كل من لبنان واسرائيل موقفهما.
وقالت أن هناك توقعا كبيرا بأن يتم تحديد هذه المواقف نهاية الاسبوع المقبل، وكررت التأكيد ان هناك نية لانجاز الترسيم قبل نهاية شهر ايلول بسبب التزام اسرائيل البدء باستخراج الغاز في الشهر المقبل.وهناك حاجة الى توفير اجواء هادئة امنيا وسياسيا في المنطقة تفاديا لاي وضع مضطرب يؤدي الى عرقلة الاستخراج.
وكررت المصادر ان ملف الترسيم ليس مرتبطا لا بالانتخابات النيابية الاسرائيلية ولا بالاستحقاق الرئاسي اللبناني وان الجهد لا يزال قائما لاتمامه قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية.
وفي كل الأحوال، تعود عبارة الترقب سيد الموقف لتطغى على المشهد اليومي في البلد، وهذا الترقب ليس محصورا بملف معين بل ينطبق على جميع الملفات، في الوقت الذي لم يعد فيه بمقدور أي لبناني مواصلة الترقب وكلفته الباهظة…