Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر February 14, 2017
A A A
جبل لبنان… وقوانين الإنتخابات
الكاتب: فؤاد ابو زيد - الديار

المعنيون والمهتّمون بتفصيل وقصقصة ثوب القانون الانتخابي العتيد، عليهم ان يراجعوا كيف كانت العهود السابقة، تفصّل وتقصّ وتخيط المحافظات والدوائر لتؤمّن انجاح العدد الكافي من النواب القادرين على اراحة العهد وصاحبه، وربما تأمين تمديد عمر العهد ولاية اخرى او اكثر اذا تسنّى لهم ذلك.

الرئيس الشيخ بشارة الخوري، اجريت في عهده انتخابات عام 1947، التي اطلق عليها المعارضون اسم انتخابات العار، لأن عمليات التزوير كانت فوق الطاولة وعلى عينك يا تاجر، وفاز في هذه الانتخابات جميع الوزراء الذين اشرفوا على الانتخابات، لكن الوزيرين كمال جنبلاط وكميل شمعون، استقالا من الحكومة احتجاجاً على التزوير وطريقة الفرز، فقبلت استقالة جنبلاط وتراجع عنها شمعون، وفي 15 نيسان 1951 انتخب اللبنانيون مجلساً جديداً لم يعمّر طويلاً بعد تمديده ولاية الخوري الذي قدّم استقالته في شهر ايلول من العام 1952 اثر انتفاضة شعبية سلمية قادها وليد جنبلاط وكميل شمعون انتهت بانتخاب شمعون رئيساً للجمهورية في 23 ايلول 1952، وحلّ مجلس النواب في 30 ايار 1953 وخفّض عدد النواب الى 44 نائباً وقسّم لبنان الى 33 دائرة، 22 دائرة فردية، و11 دائرة ذات مقعدين، وكان هذا القانون الشرارة الاولى التي اشعلت الخلاف بين شمعون وجنبلاط، واسس لاحداث 1958 الدامية، لأن جنبلاط جاء وحيداً الى مجلس نواب 1953، واسقط في انتخابات العام 1957 التي رفع شمعون عدد نوابها الى 66 نائباً، مع حلفائه في الشوف وعاليه، كما اسقط صائب سلام وعبدالله اليافي واحمد الاسعد، وغسان تويني وغيرهم، واتهم شمعون بأنه جاء بمجلس نيابي ليؤمّن تمديداً اولاً لولايته. وقبل انتهاء مدة ولايته بحوالى السنة حلّ الرئيس اللواء فؤاد شهاب المجلس النيابي وزاد عدد النواب الى 99 نائباً جرى انتخابهم في 18/7/1960 وفق ما يسمّى اليوم بقانون الستين.
***

بالنسبة الى اول انتخاب على اساس قانون الستين، فاز جنبلاط في الشوف مع خمسة من اعضاء لائحته، وخسر مرشحاً سنياً هو انور الخطيب ومرشحاً مارونياً هو جورج بستاني، وسقطت لائحته كلها في منطقة عاليه لمصلحة لائحة الامير مجيد ارسلان، وكان لافتاً في قانون الستين ان دائرة بيروت الاولى جمعت ثمانية مرشحين مسيحيين، بمعنى انها ضمّت اربعة نواب ارمن ونائباً انجيلياً اضافة الى الماروني والارثوذكسي والكاثوليكي، في حين ان نائب الاقليّات (المسيحي) أُلحق بالدائرة الثانية، والنائب الارثوذكسي الثاني الحق بالدائرة الثالثة.

وبما ان التركيز في هذه الايام يدور حول دائرتي الشوف وعاليه ورمزيتهما وهواجس الطائفة الدرزية، فمن المفيد ان نذكّر انه في انتخابات العام 1964 فازت لائحة جنبلاط في الشوف باستثناء سالم عبد النور، وسقطت لائحة كميل شمعون باستثناء جوزف مغبغب، ولكن في دائرة عاليه، سقطت مرة اخرى لائحة جنبلاط لمصلحة مجيد ارسلان، اما في انتخابات 1968 فقد نجح جنبلاط مع اربعة من حلفائه، وكميل شمعون مع اثنين، وفي آخر انتخابات العام 1972 على اساس قانون الستين، فازت لائحة جنبلاط باستثناء فايز قزي وعلي سعد لمصلحة كميل شمعون وعبدو عويدات.

هذه التفاصيل السريعة عن نتائج اربع دورات انتخابية في دائرتي الشوف وعاليه، هدفها الاشارة الى ان الاختلاط المسيحي – الدرزي كان دائماً يعطي نتائج تعكس صراعاً سياسياً وليس صراعاً طائفياً، وان العيش المسيحي – الدرزي في جبل لبنان، على الرغم من عدد من المراحل السوداء في تاريخ لبنان، بين هاتين الطائفتين، والتي اعتقد انها كانت بتدبير خارجي او برعاية منه، كان دائماً اقوى من الكارثة واقوى من التمزّق، وايماني ان ما من درزي او مسيحي، ينتمي حقاً الى هذا الوطن الذي كان الدروز والموارنة سباقين الى تحقيقه، يمكن ان يتصوّر الجبل من دون الدروز ومن دون المسيحيين، ومصالحة الجبل التي كان وراءها البطريرك التاريخي نصرالله صفير، والنائب وليد جنبلاط، ومسيحيي 14 آذار، وفي مقدمهم القوات اللبنانية، ليست امراً عابراً في تاريخ الجبل، بل هي محطة دائمة للتذكر والتذكير بان وحدة الجبل المسيحية – الاسلامية، تستحق ان تحترم وان تحمى، وان تتعزز بتشديد اللحمة بين ابناء الجبل، وان الانسان الذي هو اغنى رأسمال في العالم، يجب ان ينتصر على المقاعد النيابية وغير النيابية، لانها كلها سوف تزول، ويبقى الجبل ويبقى ابناؤه.