Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر October 18, 2019
A A A
ثورة الواتساب تُجبر رئيس الحكومة على التراجع… فهل تُسقط وزير الاتصالات؟
الكاتب: البناء

كان الشارع صاحب الكلمة الفصل أمس، حيث انفجر الغضب الشعبي على الإدارة الحكوميّة للملف الاقتصادي المالي، القائمة على زيادات في الضرائب ومحاولة تهريبها على طريقة الجرعات، فخرج الناس بصورة غير مسبوقة إلى الشارع بعشرات الآلاف من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وبما تخطّى تجمّعات المدن إلى القرى والبلدات والطرق الثانوية، حيث كان المشهد تعبيراً عن إنذار بما هو أكبر، وتواصل التصعيد الشعبي وتزخيم التحرك مع ساعات الليل، بعدما حاول وزير الاتصالات محمد شقير تجريع الناس قرار فرض ضريبة ستة دولارات على التخابر بواسطة تطبيق الواتساب، وفشل فشلاً ذريعاً. فرفعت دعوات تطالبه بالاستقالة، حتى خرج يعلن التراجع عن القرار بطلب من رئيس الحكومة سعد الحريري، والناس بقيت في الشارع رغم التراجع الحكومي وسط سؤال عن السقف الذي سيتبنّاه المتظاهرون لتحركهم، بين استقالة الوزير أو استقالة الحكومة كما قال بعض الذين يتصدّرون التجمّعات، خصوصاً بعدما تعرّض المتظاهرون لمحاولات تضييق وأذى كان أحدها في العاصمة بين أخذ وردّ بين المتظاهرين ومرافقي الوزير أكرم شهيب، الذي قام بتسليم مرافقه للقوى الأمنية مع اعتذار وجّهه النائب السابق وليد جنبلاط للمتظاهرين.

النائب طلال أرسلان الذي استضاف هيئة تحرير البناء في دارته في خلدة، وصف النظام السياسي الاقتصادي بالمهترئ، متسائلاً أين هي قرارات لقاء بعبدا وفي طليعتها قرار شراء الدولة للمحروقات مباشرة وتسليمها بالليرة اللبنانية، وما تحققه من وفر كبير على الخزينة؟ ومن أين جاءت مشاريع ضرائب جديدة، على البنزين والواتساب، وغابت القرارات التي لا تمسّ جيوب الفقراء؟

قال أرسلان إنه غير متفائل بالنجاح في أيّ إصلاح اقتصادي أو مالي ما لم يسبقهما إصلاح سياسي، لا يراه قريباً في ظلّ تعمّد الأغلبية السياسية الطائفية الحفاظ على الغموض بين الصيغة الطائفية للنظام والحديث عن إلغاء الطائفية، قائلاً نتمنى أن يكون الكلام عن اللاطائفية صادقاً، لكننا نشعر أنه تغليف لطائفية من نوع معيّن، فإذا كنا في نظام طائفي أين هو موقع الدروز فيه، وإذا كنا في نظام لاطائفي أين هو موقع المواطن فيه؟

لم تمُرّ الإجراءات الضريبية التي أقرّها مجلس الوزراء في جلسة الاربعاء الماضي مرور الكرام في الشارع. فقرار فرض ضريبة على الاتصالات عبر خدمة الواتساب أي 6 سنتات على أول مكالمة أشعل الشارع الذي شهد سلسلة احتجاجات أمس، بدأت بتجمع حشد من المواطنين في ساحة رياض الصلح وانتقلت الى جسر الرينغ وسط بيروت، حيث قطع الطريق وامتدت الى بيت الكتائب الصيفي وصولاً الى المشرفية في الضاحية الجنوبية فقطعت الطريق بالاطارات المشتعلة. كما انطلاق تظاهرة احتجاجية من الصيفي باتجاه الحمرا، وانتشرت القوى الامنية أمام مجلس النواب بشكل كثيف.

كما انطلقت تظاهرة أخرى في صيدا جابت ساحة النجمة وبعض أحياء المدينة احتجاجاً على الاوضاع المعيشية.

القرار جاء بناءً على اقتراح قدّمه وزير الاتصالات محمد شقير الى مجلس الوزراء، بحسب وزير الإعلام جمال الجراح والذي يحقق للدولة 200 مليون دولار، بحسب مصادر الوزارة، ولاقى موافقة جميع الوزراء دون اعتراض إلا أن حزب الله سجل تحفظه حسب ما أعلن الوزير محمد فنيش. فيما قال وزير الاتصالات الأسبق شربل نحاس لـ البناء ان القرار مخالف للقانون ولا يحق لوزير اتخاذه بل يحتاج الى قانون في مجلس النواب، لأنه يرتب عبئاً مالياً ، بينما اوضح خبير الاتصالات العميد محمد عطوي لــ البناء أن القرار يخفي رائحة صفقة عبر شراء نظام تطبيق ومعدّات من الخارج لا تملكها الدولة وبالتالي تحقيق أرباح مالية من هذه الصفقة ، محذراً من خطورة هذه المعدات في عملية التنصت على شبكة الاتصالات اللبنانية فضلاً عن تعرض لبنان للمقاضاة من الشركة العالمية المشغلة لواتسآب .

وكان الجراح أعلن أن 20 سنتاً في اليوم فرضت على الواتساب كول أي على التخابر عبر الواتساب أقرت في مجلس الوزراء ويبدأ العمل بها في 1-1-2020.

وعلى وقع تحرك الشارع كان مجلس الوزراء يعقد جلسة في السرايا الحكومية بجدول اعمال عادي، وبشكل مفاجئ رفع رئيس الحكومة سعد الحريري الجلسة وانتقل لترؤس اجتماع مالي تنسيقي بحث في زيادة 1 بالمئة على الـ TVA و3 بالمئة على البنزين والحسومات على المعاشات التقاعدية. وبحسب مصادر حكومية فإن السلة الضرائبية ستحال للمجلس النيابي من خارج الموازنة.

كما عقد اجتماع جانبي في السراي ضمّ الحريري والوزراء: المال علي حسن خليل والخارجية جبران باسيل والداخلية ريا الحسن والدفاع الياس بو صعب والشباب والرياضة محمد فنيش والأشغال يوسف فنيانوس والصناعة وائل أبو فاعور. وأفادت قناة أو تي في عن اللقاء الذي ضم كل الأفرقاء السياسيين باستثناء القوات أن الاتفاق جرى على تسريع إقرار الموازنة ، كما افادت أن وزير المال أعدّ مشروعاً بالبنود الإصلاحية التي جرى التوافق عليها لعرضه اليوم على مجلس الوزراء بصيغته النهائية.

وذكرت مصادر وزارية ان الحريري حاول جاهداً للانتهاء من إقرار مشروع موازنة 2020 في جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم في السرايا الحكومية، بالشكل الذي وصلت اليه، مع الإصلاحات التي تضمنها المشروع، على ان يجري تباعاً إقرار الإصلاحات الأخرى التي تحتاج الى مشاريع قوانين تحال الى المجلس النيابي لإقرارها.

واوضحت المصادر ان الإصلاحات التي يتضمنها مشروع الموازنة تتركز على عصر النفقات وزيادة الواردات، ومنها إلغاء ودمج عدد من المجالس ودعم الصناعات الوطنية بفرض الرسم على البضائع المستوردة المصنّع منها محلياً وتعديل قانون الموازنة العمومية، عدا القرارات التي يمكن ان يتخذها مجلس الوزراء في هذا الشأن.

واضافت المصادر: أن مشاريع القوانين المتعلقة بالإصلاحات اصبحت معروفة، واهمها: قانون المناقصات أو المشتريات العمومية، وقانون الإصلاح الجمركي، وقانون مكافحة التهرب الضريبي وقانون ضمان الشيخوخة، المنجز من سنة 2012 والنائم في الأدراج، والذي أعده وقتها وزير العمل سليم جريصاتي، في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

وقبل الجلسة، قال وزير المال: داخل الموازنة لا ضرائب، كلها من خارج الموازنة والرسم على التبغ والتنباك غير وارد في الموازنة ولا يحتاج إلى مجلس الوزراء . وأعلن الجراح أن الاقتراح الذي سيدرس بالنسبة للـTVA بأن نزيد 2 في العام 2021 و 2 في العام 2022 لتصبح 15 مثل معظم دول العالم. اضافة الى اقتراح بوضع رسم 3 بالمئة على المحروقات على ان تستوردها الدولة.

وأفادت قناة الـ ال بي سي أنه تم إقرار زيادة 750 ليرة على صفيحة البنزين في جلسة مجلس الوزراء منذ يومين.

وتوقعت مصادر نيابية أن تشهد الأيام المقبلة كباشاً سياسياً محتدماً وتظاهرات شعبية خلال مرحلة مناقشة الموازنة وتعود الى طبيعتها بعد إقرارها، واشارت لـ البناء الى أن ما يدور في المنطقة يصبّ في خدمة الحلف الذي يؤيد الانفتاح على سوريا كنافذة اقتصادية تنعش الاقتصاد اللبناني .