Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 3, 2022
A A A
ثلاثة إستحقاقات تشرينية تضع لبنان على مفترق طرق
الكاتب: عبد الكافي الصمد - سفير الشمال

يحفل شهر تشرين الأوّل هذا العام باهتمام لبناني واسع، وأيضاً باهتمام إقليمي ودولي لا يقلّ أهمية، على خلفية إستحقاقات هامّة سيشهدها هذا البلد خلال هذا الشهر، ستترك تداعياتها عليه وعلى المنطقة في السّنوات المقبلة، وإنْ بنسبٍ مختلفة وأشكال متنوعة.

الإستحقاق الأوّل هو إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، سيكون الـ14 منذ نيل لبنان إستقلاله عام 1943، خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في نهاية الشهر الجاري، وهو إستحقاق يشوبه الغموض ولا ينتظر أن يصل إلى خاتمته السعيدة، في ضوء الإنقسامات الداخلية اللبنانية وعدم توافق القوى السياسية الرئيسية على إسم رئيس محدد من بين الأسماء المطروحة، وعدم قدرة أيّ طرف بالمقابل على حسم إسم أيّ مرشح، وهو عدم توافق ينسحب على غياب توافق إقليمي ودولي إعتاد أن تكون له كلمته الحاسمة في تزكية إسم أيّ رئيس.

وأثبتت جلسة 29 أيلول الفائت هذا الإنطباع، ذلك أنّ عدم قدرة أيّ مرشح الحصول على 86 صوتاً، وفق ما يقتضيه الدستور، في الدورة الأولى، وانقسام القوى السّياسية حول أكثر من مرشح، بمن فيها الورقة البيضاء المضمّرة التوجّه، قبل تطيير نصاب الجلسة الثانية في اليوم نفسه، وعدم تحديد رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي موعد الجلسة المقبلة، يؤكّد أنّ الفراغ في كرسي الرئاسة الأولى حاصل بل تأكيد، حتى أجل غير معروف.

أمّا الإستحقاق الثاني، فهو تأليف حكومة جديدة بعد استقالة حكومة تصريف الأعمال الحالية بعد الإنتخابات النيابية التي جرت في 15 أيّار الماضي، وتكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأليف حكومة جديدة في 23 حزيران الفائت، ذلك أنّ تشكيل الحكومة ما يزال متعثراً منذ ذلك الحين بسبب تجاذبات سياسية، وصولاً إلى تجاذبات دستورية حول أحقية أو عدم أحقية هذه الحكومة دستورياً ـ وهي تصرّف الأعمال ـ في ملء الفراغ الرئاسي، جعل البلد خلال الأيّام المتبقية من هذا الشهر يقف على عتبة تجاذبات واسعة حول الإستحقاق الحكومي، من غير معرفة مآله.

يبقى الإستحقاق الثالث، وهو إستحقاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني، وهو إستحقاق دخل مرحلة جديدة بعد تسلّم الجانب اللبناني الردّ الصهيوني على اقتراحه من الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وينتظر أن يشهد الشهر الحالي الرد اللبناني عليه قبل أن يتم إيداعه الأمم المتحدة في حال موافقة لبنان عليه، وهي موافقة في حال حصولها ستكون في الأيّام الأخيرة من عهد عون، وإلّا فإنّ هذه الموافقة ستتأخر حتى انتخاب رئيس جديد ما يزال مصيره مجهولاً حتى السّاعة، كما يفتح الباب أمام مباشرة الشركات التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، وبداية عصر جديد للبنان؛ أمّا في حال رفض لبنان الردّ الصهيوني عليه، أو تأخّر إلى ما بعد عهد عون، فإنّ الأمور ستعود عندها ـ بما يعني هذا الملف ـ إلى نقطة الصفر.