Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر October 20, 2023
A A A
تواطؤ مع الجلّاد الاقتصادي والمالي والنقدي
الكاتب: أسامة عارف إسماعيل - النهار

 

هنالك تواطؤ مع الجلّاد الاقتصادي والمالي والنقدي في هذا البلد، أي مفتعلي الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية والمضاربين والأثرياء من مقدّمي الخدمات والتجار الكبار والمحتكرين الذين يسعّرون المواد والسلع والخدمات بالدولار الأميركي حسب سعر السوق السوداء. فصاحب الدخل المحدود والمنخفض والمتعطل عن العمل بسبب الأزمة مطالب بدفع كمية النقود القليلة التي يملكها بالليرة اللبنانية لشراء سلعة أو خدمة مسعّرة بالدولار الأميركي وفق السوق السوداء. فلا هو يملك الدولارات ولا ما يكفي لتسديد الثمن المرتفع للسلعة أو الخدمة بالدولار أو ما يعادله بالليرة اللبنانية.

إن مفتعلي الأزمة والمضاربين والأثرياء من مقدمي الخدمات والتجار الكبار والمحتكرين لا يحسّون بوضع ذي الدخل المحدود والمنخفض فهم يملكون الكثير من الدولارات ولا يريدون أن تنقص هذه الكميات من الدولارات لديهم وأرباحهم، بل يريدون المحافظة على هذه الكميات وزيادتها. فالتضخم المالي والنقدي يفيدهم فيما يضر صاحب الدخل المحدود والمنخفض، وهو يخفض قيمة دخله باستمرار فيما يزيد مداخيل أصحاب المشاريع والمؤسسات والشركات الكبرى. فالنظام الاقتصادي والعملية الاقتصادية بالإضافة إلى النظام الضريبي، كلها موجهة لإرضاء هذا الطرف أكثر بكثير من إرضاء ذي الدخل المحدود والمنخفض. ويدخل العامل النفسي والمعنوي في هذا المجال. فمن يملك السلع والمواد والخدمات لا يجادل في الأسعار المرتفعة بالدولار التي يفرضها. فالمسؤولون عن السياسة المالية والنقدية والاقتصادية يغضّون النظر عن الزيادات المرتفعة التي يقوم بها هؤلاء لأجل إنماء مداخيلهم وأرباحهم المرتفعة أصلاً، متناسين صاحب الدخل المحدود والمنخفض الذي يدفع مرتين: أولاً كلفة التضخم أي زيادة سعر صرف الدولار وانخفاض قيمة الليرة الشرائية مع زيادة الكتلة النقدية لليرة، وثانياً زيادة الأسعار نتيجة استغلال التضخم والتحايل على تنظيم الأسعار. فمثلاً يسعّر البعض السلعة أو الخدمة على أساس 100000ل.ل. للدولار الواحد بدلاً من 90000ل.ل. وكذلك زيادة التسعيرة بالدولار بضعة سنتات. وفي مقارنة أجرتها جمعية حماية المستهلك بين أسعار شهري شباط وأيار تبيّن ارتفاع معدّلاتها بحدود 150،57%.

بدلاً من أن يقوم “الزعماء “والأحزاب والمسؤولون عن الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية الحالية بمعالجتها، يستغرقون في مسرحيات صراع وخلافات وافتعال أحداث وربط المعالجة بانتخاب رئيس الجمهورية. ألا يمكن معالجة هذه الأزمة قبل انتخاب رئيس الجمهورية؟ الجواب؛ بلى ولكنهم يريدون إلهاء الناس بهذا الموضوع وبالطائفية والمذهبية ومن يملك أسلحة أكثر أو أقل!!! وهذه هي نتيجة الديموقراطية الانتخابية العددية الطائفية الحزبية. أما المعالجات المطروحة للأزمة فهي جزئية وبطيئة وغير متوازنة. فزيادة الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص ليست كافية ولا تتناسب مع التضخم النقدي وارتفاع الأسعار. ويقول علم الإقتصاد: إن قيمة النقود هي في قوتها الشرائية. فزيادة الرواتب والأجور دون خفض سعر صرف الدولار وأسعار السلع والمواد والخدمات وتنظيمها ومنع الاحتكار لا تكفي.