Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر October 6, 2017
A A A
تقرير فرانس برس من العام 1967، هكذا قتل تشي غيفارا

في العاشر من تشرين الاول 1967، سُجي جثمان المقاتل الارجنتيني إرنستو “تشي” غيفارا الذي كان قتل في اليوم السابق امام صحافيين في مشرحة ميدانية في فالي غراندي بجنوب بوليفيا حيث فشل في اطلاق ثورة جديدة.

وكان الصحافي في وكالة فرانس برس مارك اوتن بين الصحافيين، وجابت الصور الملونة التي التقطها لجثمان رفيق سلاح الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، العالم.

وأكد الجيش البوليفي ان “تشي” مات متأثراً بجروحه لكن تبين لاحقاً انه تم اعدامه.

في ما يأتي الحدث التاريخي قبل خمسين عاما كما رواه اوتن الذي توفي في العام 2012 في تقرير تم بثّه في 11 تشرين الاول 1967.

أمام جثمان “رامون”
فالي غراندي (بوليفيا)، 11 تشرين الاول 1967 (ا ف ب)

عاينت بالأمس الجثمان المخترق بالرصاص لمحارب يطلق عليه اسم “رامون”، الاسم الحربي لإرنستو “تشي” غيفارا.

كنا نحو ثلاثين صحافيا من بيننا ثلاثة مراسلين أجانب فقط توجهنا الى فالي غراندي، البلدة الهادئة في يوم حار جداً من قيظ جنوب بوليفيا للتأكد من مقتل أحد اشهر الثوار في العالم.

وحطت طائرة “داكوتا” التي انطلقت من مطار لاباز الواقع على ارتفاع 4100 متر في فالي غراندي.
عند احد أطراف البلدة التي خلت شوارعها من الحركة في فترة القيلولة، كان ضباط وبعض الجنود المسلحين في انتظارنا داخل اسطبل سابق تم تحويله الى مشرحة ميدانية.

هناك رقد جثمان رجل ملتح شعره طويل يرتدي فقط سروالا أخضر داكنا على نقالة وضعت على طاولة مجلى من الاسمنت. وفاحت رائحة الفورمالديهايد الحافظة فوق الجثة التي اخترقها الرصاص، بينما ألقيت جثتان أخريان تحتها على الارض.

وراح الضباط المكلفون تبديد أي اعتراض حول هوية “رامون” يلفتون بأصرار الى أوجه الشبه الكاملة بين الجثة والمحارب الشهير، مشدّدين على عدم وجود أي شك. فالبصمات مطابقة لبصمات غيفارا.

وقال قائد الكتيبة الثانية العاملة في القطاع الكولونيل ارنالدو سوسيدو ان “رامون” اصيب بجروح مميتة خلال معركة الاحد الماضي على بعد بضع كيلومترات من لاهيغيرا بالقرب من فالي غراندي. وتوفي متأثرا بجروحه في الساعات الاولى من يوم الاثنين، موضحاً “لم يتم الاجهاز عليه”.

صدمة وعدم التصديق
قال القائد الاعلى للقوات المسلحة البوليفية الجنرال الفريدو اوفاندو ان غيفارا همس للجنود الذين أسروه “انا تشي غيفارا ولقد فشلت”. لكن الكولونيل سوسيدو كان اكد في وقت سابق في مؤتمر صحافي ان “رامون” لم يستعد وعيه في أي وقت.

وساد شعور بالصدمة بين الصحافيين المنتشرين حول المشرحة والمصورين ومصوري الفيديو، ونوع من عدم التصديق. لكن الخطأ حول الهوية بدا مستحيلا.

وقال لي زميل بوليفي “فالي غراندي دخلت التاريخ الثوري لاميركا الجنوبية…”.

وأكد الكولونيل سوسيدو خلال مؤتمر صحافي بعد عرض الجثث انه لم يتبق سوى تسعة محاربين في كامل جنوب شرق بوليفيا، وانه تم القضاء على كل مواقع الثوار. ووقف سوسيدو ذو الشارب الاسود والقوي البنية تحت صورة دينية معلقة على احد جدران قاعة الفندق التي اجتمعنا داخلها.

وحضر عسكري أميركي المؤتمر. لم يكن يضع أي شارة، لكن هيئته ولباسه كانا كافيين لازالة أي شكوك حول جنسيته. حاولت ان اطرح عليه سؤالا بالانكليزية، لكنه التفت الى جندي بوليفي وسأله بالاسبانية عما اريد وقال لي “نو كومبريندو” (لا افهم، بالاسبانية) قبل ان يغادر المكان.

وعندما سألت الكولونيل سوسيدو أجاب ب”نعم، انه عسكري اميركي، مدرِّب من مركز سانتا كروز. لقد حضر هنا بصفته مراقبا، اذ لا يشارك اي عنصر من (القبعات الخضر) في العمليات العسكرية في بوليفيا”.

“ترك مفكرة”
ونشرت السلطات في فالي غراندي قائمة بأسماء 33 مقاتلا من بينهم نحو 12 كوبيا قتلوا منذ بدء العملية العسكرية في 23 آذار.
واكد اوفاندو في إعلان أثار استغرابا، ان عديد القوات البوليفية التي تقوم بالعمليات لم يتجاوز ابدا 60 شخصا. وقال اوفاندو “انتهت مغامرة الثورة، كما يجب ان تنتهي اي مغامرة متهورة. وفشلها مرده غياب اي دعم شعبي وساحة المعركة غير المؤاتية التي تم اختيارها”. واضاف “سندفن غيفارا هنا في فالي غراندي”.

وقتل المحارب “رامون” في وادٍ ضيق بعد معركة ضارية ومن على مسافة قريبة. فقد أطلقت الرصاصات التسع التي أصابته من على بعد 50 مترا.

وترك يوميات مدونة على مفكرة ألمانية الصنع لا يترك الخط فيها مجالا للشك حول هوية الكاتب، ومؤرخة بين 7 تشرين الثاني 1966 و7 تشرين الاول 1967، أي 11 شهرا بالتمام. وتضمنت المفكرة جملة كانت “قاضية” لريجيس دوبري إذ كشفت انه “كُلف بمهمة لحساب الثورة…”.

(ملاحظة: تم القبض على الكاتب الفرنسي ريجيس دوبري ومحاكمته في بوليفيا في العام 1967).