Beirut weather 16.88 ° C
تاريخ النشر August 25, 2016
A A A
تفكيك المجموعات للاسير وشاكر… ماذا عن الملفات الامنية الشائكة؟
الكاتب: محمود زيات - الديار

بعد موجات من التوتير الامني التي شهدها مخيم عين الحلوة في الاشهر القليلة الماضية، اوصلته الى حافة الانفجار، سجلت مؤخرا خطوات امنية اُدرجت في خانة تفكيك الالغام التي تحيط بالمخيم وبسكانه، وتمثلت بعمليات تسليم مطلوبين الى الجيش اللبناني، وقد شملت عمليات تسليم مطلوبين اكثر من 20 عنصرا من جماعة احمد الاسير  وفضل شاكر، في اجواء هادئة وتعامل مرن وتسهيلات واضحة من الجيش اللبناني.

المؤشرات الايجابية التي برزت في الاونة الاخيرة، على الوضع الامني في مخيم عين الحلوة، والتي تمثلت بعمليات تسليم لمطلوبين للجيش اللبناني والقضاء، على خلفية ارتكابات مخالفة للقوانين واتهامات حول ارتباطات بتنظيمات ارهابية استهدفت الجيش اللبناني في مناطق متفرقة، ادخلت «عاصمة الشتات الفلسطيني» في مرحلة من الانفراج الامني، ارتكز على حقيقة ان المخيم تخلص من المجموعات اللبنانية المسلحة التي لجأت الى المخيم غداة احداث عبرا التي استهدف خلالها احمد الاسير حواجز ومراكز الجيش اللبناني.
واذا كان معظم المراقبين للاوضاع الامنية المتأرجحة في مخيم عين الحلوة، وضع كلمة «صفقة» او «تسوية» في مسلسل عمليات تسليم المطلوبين، بمباركة ورضى اجمع عليه الفلسطينيون الا ان مصادر قيادية فلسطينية ترى ان هذه الخطوات اثمرت عن تفكيك المجموعات المسلحة التابعة للاسير ولفضل شاكر، بعد ان فرَّا من عبرا الى المخيم، طلبا للحماية في منطقة غير خاضعة لسيطرة الجيش والقوى الامنية اللبنانية، وهي مجموعات شكلت لغما امنيا، كان يمكن ان ينفجر في اي وقت، طالما انها كانت تحظى بالحرية وتقيم في مربعات امنية لا تخضع حتى للفصائل الفلسطينية، بعد ان قامت مجموعات فلسطينية مسلحة تتناغم مع التنظيمات الارهابية، ومعظم افرادها مطلوبون للجيش لتورطهم في عمليات ارهابية، بتوفير المناخ الامني الذي يحميهم من ايملاحقات امنية، انسجاما مع الاجندة الامنية لتنظيمي «داعش» و«النصرة» و«كتائب عبد الله عزام» التي ذاع صيتها في عمليات ارهابية استهدفت وحدات من قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب «اليونيفيل».

وتلفت المصادر الفلسطينية، الى ان ما تم يعتبر انجازا هاما على خط تعزيز الوضع الامني داخل المخيم، بحيث تمكنت القوى والفصائل الفلسطينية، وبدور فعال ومباشر قامت به القوى الاسلامية «المعتدلة» والممثلة بالثنائي الاسلامي، عصبة الانصار الاسلامية والحركة الاسلامية المجاهدة، وهما تنظيمان نجحا في السنوات الماضية من الدخول في عملية تطبيع للعلاقات مع الفصائل الفلسطينية الاخرى، الى جانب علاقات ثقة مع الجيش اللبناني، بعد خطوات اسس لها مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، حين كان مديرا لمخابرات الجيش اللبناني في الجنوب.

وفي رأي المصادر، فان اثقالا امنية ازيحت عن المخيم، بعد تسليم اعداد كبيرة من جماعة الاسير ـ شاكر، وهو ما عملت عليه الفصائل والفاعليات الفلسطينية في المخيم، التي استنفرت منذ لجوء الاسير وشاكر مع عشرات المسلحين الى المخيم، هربا من الجيش اللبناني في العام 2013، لكن هذه المجموعات لم تأبه لهذه الدعوات، وتحصنت في مربعات امنية محمية من مجموعات فلسطينية مسلحة مصنفة تنظيمات ارهابية، ولم يكن امام القوى الفلسطينية سوى الاصطدام العسكري وهذا يحمل الكثير من التداعيات داخل المخيم وخارجه، الى ان نضجت الظروف لخروج هؤلاء.

في موازاة ذلك، سجلت عمليات تسليم لمطلوبين فلسطينيين، تربط بعضهم صلة قربى مع مطلوبين للقضاء اللبناني على خلفية ارتباطهم بجماعات ارهابية، فيما «تورط» البعض الآخر بارتكابات خفيفة، كاطلاق نار في الهواء او اشكال فردي مع آخرين واستخدام السلاح، او تهم لم يجر التأكد منها، وكلها حالات تمت تسويتها، وهذا الامر خلق اجواء مريحة داخل المخيم، على مستوى الفصائل الفلسطينية بكل تلاوينها السياسية والعقائدية وعلى مستوى سكان المخيم، وهذه الخطوة خففت كثيرا من الاحتقان الامني الذي كان سائدا في السنوات الثلاث الماضية.

اطلاق سراح بعض الذين سلموا انفسهم الى الجيش اللبناني، دفع بالعديد ممن هم دون المستوى الامني للمفرج عنهم، الى تسليم انفسهم، ليتبين ان معظمهم اطلق النار في الهواء في مناسبات، او انهم تورطوا في اشكالات فردية استخدم فيها السلاح، فيما اللافت ان عددا من الذين سلموا انفسهم لم يحق بحقهم اي ملاحقات قضائية، مشيرة الى ان ايا من الذين تسلمهم الجيش لم يتورط في حوادث ارهابية استهدفت الجيش اللبناني او اعمال ارهابية موصوفة، وتكشف المصادر الفلسطينية الى ان «عصبة الانصار» الاسلامية لعبت دورا فاعلا على خط التخلص من مجموعات الاسير ـ شاكر واخراجهم من المخيم، من خلال عمليات تسليم طوعية جرت في الاسابيع القليلة الماضية، وتشير الى ان مسؤولي العصبة تولوا التفاوض مع «تجمع الشباب المسلم» ( الذي اعلن قياديوه  لاحقا انهم حلّوا التنظيم ) لانهاء الملف الامني الخاص بهؤلاء، من خلال التضييق على اقامتهم داخل المربعات الامنية الخاصة بالتجمع، الامر الذي ادى الى هذه النتائج.

وترى المصادر ان اهمية هذه الخطوات انها تزامنت مع اعلان حل تنظيم «الشباب المسلم» الذي تشكل قبل سنوات، من مجموعات كانت تعرف باسم «فتح الاسلام» و«جند الشام»، من دون ان تتوضح طبيعة هذه الخطوة، وهما تنظيمان ارتبطا بعمليات ارهابية سجلت قبل سنوات في عدد من المناطق اللبنانية، واستهدف بعضها الجيش اللبناني وقوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان اليونيفيل،  مشيرة الى ان تنظيم « تجمع الشباب المسلم»، كان استوعب عددا كبيرا من مناصري احمد الاسير وفضل شاكر، غداة لجوئهما الى داخل المخيم في اعقاب معركة عبرا التي جرت في حزيران العام 2013 مع الجيش اللبناني.

اما عن المطلوبين الرئيسيين من رموز التنظيمات الاسلامية المتشددة الموجودين داخل المخيم، فترى المصادر  الفلسطينية انه طالما ان المساعي التي جرت هدفت الى اخراج المخيم من دائرة التوتير الامني، فان هناك رضى نسبياً لبنانياً ـ فلسطينياً على الواقع الامني اليوم، وان كان الجميع يطمح للخروج نهائيا من هذه الحالة…وصولا الى الاستقرار التام، وتقول: ما يهمنا اليوم يهم الجانب اللبناني، حماية المخيم من مخططات البعض بزج المخيم وسكانه في صراع دموي، وبالتالي، فان الاجماع الفلسطيني العام على هذه الاولوية، من شأنه ان يحمي المخيم والجوار، ويبني افضل العلاقات مع الجيش اللبناني، فيما يبقى ملف المطلوبين المنتمين للمجموعات، على خلفية تورطهم في عمليات ارهابية، وهو ملف شائك ومعقد لا يمكن معالجته بالطريقة ذاتها التي  عولجت فيها ملفات المطلوبين العاديين، بالمقابل هناك محاذير امنية من اللجوء الى التصادم والاشتباك مع هؤلاء.. لان حجمهم العسكري والبشري الذي تمدد مؤخرا، يعقد اي معالجة امنية. وتلفت المصادر الى معطيات تتعلق بملف الفنان «التائب» فضل شاكر  الموجود داخل مخيم عين الحلوة، توافرت عبر وسطاء، ان كان شاكر قد وضع «شروطا» لتسليم نفسه كانت تعجيزية، ومنها الحصول على ضمانات تسمح له مغادرة المخيم  باتجاه المطار للسفر الى الخارج، من دون المرور الى اي مركز امني او قضائي!، وتؤكد ان ملف شاكر لم يُضع على طاولة المعالجة، وان لا بحث جديا في مصيره.

وسط هذه الاجواء، ارتفعت اصوات القيادات الفلسطينية التي تؤكد على ان المخيم لن يكون جزءاً من اي معركة مرتبطة بما يجري من تطورات في المنطقة، وان هناك سعيا فلسطينيا حثيثا لاخراج المخيم من اي تجاذب سياسي او طائفي او مذهبي، على صلة بما يجري في سوريا او العراق، والتنسيق الجاد الحاصل بين القوى والفصائل الفلسطينية والجيش اللبناني وباقي القوى الامنية اللبنانية كفيل بذلك، من دون ان تخفي المصادر مخاوف من ان يكون هناك متضررون من الانفراج الامني الذي بدأ يشهده المخيم منذ بدء عملية تسليم المطلوبين الى الجيش اللبناني، لكن تأثير هذه الجهات، ان وجدت يبقى محدودا، ام الاجماع الفلسطيني بحماية المخيم من الارهاب والارهابيين.