Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر September 2, 2021
A A A
تفاؤل حذر.. الأمور لم تنته بعد!!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

يبدو أن فريق العهد يُفرط في إشاعة أجواء التفاؤل بقرب ولادة الحكومة من خلال تأكيد مصادره أن التوافق بات سيد الموقف بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي على وقع تحركات مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يلعب دورا ليس غريبا عليه في إستحقاقات عدة سابقة، لجهة تقريب وجهات النظر وإيصال الفرقاء الى قواسم مشتركة من شأنها أن تنتج إيجابية.

يسعى فريق العهد من خلال هذا التفاؤل المبالغ فيه الى إيهام الرأي العام المحلي وربما الدولي بأنه يتعاطى مع ملف التأليف بكل إيجابية، وأنه يقدم التسهيلات المطلوبة، فيما هو في المضمون ما يزال على مطالبه وشروطه التي لا يمكن أن يستقيم معها تأليف الحكومة، إنطلاقا من الثوابت والمسلمات التي يتمسك بها الرئيس ميقاتي الذي يحاول العهد إلباسه مع حلفائه ثوب التعطيل.

تشير المعطيات الى أن هذا التفاؤل يمكن أن يترجم بولادة حكومة سريعا في حال كان التوافق قائما على تشكيل فريق عمل وزاري متخصص منسجم ومتجانس يشكل صدمة إيجابية للبنانيين الذين ينتظرون حكومة تخرجهم من الاحباط لا أن تضاعف منه وأن توقف الانهيار لا أن تدير عملية السقوط الى الهاوية، وذلك وفقا لرغبة الرئيس ميقاتي الذي قبِل التكليف من أجل التأليف وليس من أجل التعطيل أو الاعتكاف أو الاعتذار، لكن شرط أن يكون هذا التأليف منسجما مع تطلعاته ومتناغما مع الخطة الانقاذية التي يضعها والتي يمكن على أساسها إستعادة ثقة المجتمع الدولي وإستدراج المساعدات الكثيرة الموعود بها لبنان في حال أبصرت الحكومة النور.

لا شك في أن أكثرية العقد الحكومية قد حُلت، وبالتالي فإن عملية التأليف باتت في المربع الأخير، وهو المربع الأهم والأكثر صعوبة وحساسية ومن شأنه أن ينسف كل المربعات التي سبقت، في حال لم يتم الحفاظ على التوازن بكل مندرجاته، في حين تشير المعلومات الى أن رئيس الجمهورية يتعاطى مع اللمسات الأخيرة بذهنية تحاكي مرحلة ما قبل إتفاق الطائف، حيث يسعى الى تحقيق أكبر قدر من المكاسب للوصول الى ثلث معطل مقنع، الأمر الذي لا يمكن للرئيس ميقاتي أن يقبل به خصوصا أن ليس في قاموسه ثلثا معطلا لأي تيار سياسي، ولا جوائز ترضية لأحد، ولا وزراء بولاء سياسي أو حزبي فاقع، كونه يريد أن يشكل حكومة منسجمة، وليس تحويل طاولة مجلس الوزراء الى جزر سياسية من شأنها أن تؤدي الى فشلها، وبالتالي الى إنهيار البلاد.

أمام هذا الواقع يسود الأوساط السياسية تفاؤل حذر، خصوصا أن الأمور لم تنته بعد، ولم تصل الى الخواتيم الايجابية كما توحي دوائر قصر بعبدا، بل ما يزال هناك تباينات حول بعض الأساسيات التي تشكل جوهر الحكومة، فإما أن يصار الى التفاهم عليها، أو سيحتاج الأمر الى مزيد من الوقت الذي لم يعد طويلا بالنسبة للرئيس المكلف وهو عندما يقول أن “المهلة غير مفتوحة” فإنه يوجه رسالة الى كل الأطراف السياسية بدون إستثناء من أجل العمل على تسهيل مهمة الانقاذ التي جاء من أجلها.

ليس أسهل على الرئيس ميقاتي أن يتقدم بإعتذاره، لكنه يدرك في الوقت نفسه أن البديل هو الانهيار الكامل الذي سيكون له تداعيات كارثية على كل صعيد، لذلك فإن ميقاتي الذي جاء من أجل مهمة إنقاذية لن يترك البلد للمجهول، وسيستمر في سعيه طالما يرى أن هناك إمكانية للحل والوصول الى توافق قد يفضي الى تشكيل الحكومة، وفي حال أقفلت مطالب العهد وشروطه الطرقات في وجهه، عندها سيبادر الى التشاور مع كل الأطراف السياسية حول الخطوة التالية المتمثلة بالاعتذار، وعندها ليتحمل كل فريق مسؤولية ما قد يحصل!