Beirut weather 19.1 ° C
تاريخ النشر June 13, 2024
A A A
تضحيات شهداء اهدن لم تذهب هدراً
الكاتب: سركيس كرم - موقع المرده

كتب الاعلامي سركيس كرم لموقع المرده
“نحن أبناء الإيمان والرجاء لا نخاف ولا ننكسر” – سليمان فرنجيه

شاءت العناية الالهية أن ينجو سليمان طوني فرنجيه وحده من بين أفراد أسرته من المجزرة المروعة، وكأن مشيئة الرب تريد ان تحفظ من خلاله تضحيات من أستشهدوا في ذلك الفجر المظلم في أهدن، وتضحيات كل من استشهدوا فداء للبنان الحر الموحد، وتُحقق بالتالي أحلامهم وأمنياتهم وتصميمهم على بقاء الوطن.
نجا ليكمل الرسالة والمسيرة، رسالة المسيحية الحقة التي قلما نراها في عالم السياسة، ومسيرة الخيارات الوطنية الحكيمة التي تنقذ أرواح الناس وممتلكاتها ولا تتسبب بتهجيرها وهجرتها وإنما تعزز صمودها على أرضها.
بعد 13 حزيران 1978، بات قدر سليمان فرنجيه أن يتولى الأمانة ويحمل أوزار مسؤولياتها في سن مبكرة.
وهكذا لم يرث هموم ومتاعب الزعامة فقط، لا سيما بعد رحيل جده الرئيس سليمان فرنجيه، بل ورث قضية بحجم الوطن والشهادة وارادة الصمود والاصرار على الانتصار من اجل كل لبنان.
حمل لواء القضية وسار بين ألغام السياسة اللبنانية، متكلاً على الرب وتعاليمه، ومتسلحاً بوفاء مناصريه وثقتهم به وبثوابت وطنية وعزيمة اهدنية ومصداقية قل نظيرها في هذا الزمن، ومتميزًا بفضيلة العطاء خارج إطار الحسابات الضيقة.
لم يمارس الكيدية ولم تكبّله الآحقاد، فتعاطى مع الآخر بشفافية وبمصداقية من خلال كاريزما قيادية أنعم الله عليه بها كشخصية محببة قريبة من قلوب الناس وعفوية بصراحتها مما يجعل من يقابله يشعر بالراحة وكأنه يلتقي بآحد افراد أسرته أو بأعز رفاقه..
وليس صدفة أنه أبتعد عن الخطاب الشعبوي الذي لا يشبهه ولا يرغب بالأستعانة به. لذلك حافظ طوال مسيرته على الأمانة بثبات وعمد إلى حماية المجتمع الأوسع لأنه يؤمن أنه وبهذه الطريقة وحدها يحمي الوطن ووحدته ويؤسس لقيامته دولة قوية ومؤسسات فعالة..
وكم أثبت سليمان فرنجيه ان الكبار بالإيمان يتفوقون على الألم ويختارون المسامحة ويضّحون في سبيل الغد من دون أن ينسوا الأحباء..
أليس وحدهم أصحاب الإرادة يتطلعون إلى المستقبل حاملين ذكرى الذين استشهدوا في قلوبهم أيقونة حياة كونهم لا يجيدون استثمار الاستشهاد.. فالشهادة بالنسبة لهم هي التضحية الأسمى والشهداء هم أهل ورفاق…
أليس هؤلاء من يصبحوا النموذج الحي في عيش الإيمان المسيحي، وفي شفافية المواقف والنوايا… وهل هنالك ما هو أهم من أن يتجاوز المرء المصاعب الجمة ليبلغ مستوى التعاطي بوجدانية المسامحة التي هي من جوهر التعاليم المسيحية، وذلك من أجل أن يحمي الجميع ويبعد عنهم كأس اليأس والثأر والحقد والشر.
نجا سليمان فرنجيه ليواصل مهمة إنعاش روحية الأمل والرجاء، وليصبح رجل الدولة الذي تليق به الرئاسة وتقوى به لكونه أكد في كل المراحل أنه مسيحي ووطني وصاحب قضية ومن يكون كذلك لا يمكن أن يفرط لا بمسيحيته ولا بوطنيته ولا بقضيته.
اليوم وبعد سنوات من التضحية والمواقف الوطنية الراسخة، بات فرنجيه الذي فقد أهله منذ 46 سنة على قاب قوسين من أن يصبح بمثابة الأب لكل اللبنانيين..
هنيئا لأرواح شهداء اهدن فتضحياتهم لم تذهب هدرا، وإنما ستؤسس لقيامة لبنان على يد من انقذته العناية الألهية لكي يلعب الدور الإنقاذي والإنساني والوطني الذي سيعيد للبنان دولته وإزدهاره، ولشعبه الآمان والطمأنينة وسبل العيش الكريم.
رحم الرب الشهداء .. وليحفظ ويحمي ويبارك وطننا لبنان وشعبه.