Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر October 19, 2022
A A A
تصدع تكتل نواب التغيير يؤكد فشل الثورة!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

لم يكن مستغربا التصدع الذي طرأ على تكتل التغييريين، وصولا الى خوض معارك انتخابية في اللجان النيابية ضد بعضهم البعض، وقيام نواب منهم بالغمز من قنوات زملائهم، وصولا الى الانتقادات فيما بينهم والاجتماعات التي تتسم بالتوتر والنبرة المرتفعة، ما دفع احد النواب الى تشبيهها “بحارة كل مين إيدو الو”.

اللافت ان ما كان خافيا على اللبنانيين طيلة خمسة أشهر خرج الى العلن بأبشع صورة في الذكرى الثالثة لثورة 17 تشرين، ليؤكد ان ما جرى في ذاك اليوم من العام 2019 واستمر لاسابيع كان كافيا لانجاز فصول المؤامرة على اللبنانيين في أموالهم وتفاصيل حياتهم اليومية قبل ان ينكفأ الثوار ويتحولوا الى شهود زور على مآسي المواطنين من الدولار على عتبة الاربعين الى غياب ابسط مقومات العيش الكريم.

منذ الجلسة النيابية الاولى بعد انتخابات أيار، بدا واضحا ان ما يجمع نواب التغيير شكلا هو تحالف ضرورة بهدف لحفظ ماء الوجه امام ما يسمى بالثوار، اما في المضمون فإن النواب ال 13 مختلفين على كل شيء ولا يجمع بينهم اي قاسم مشترك خصوصا انهم جاؤوا من مشارب واتجاهات مختلفة وبعضهم تربى وترعرع في احضان المنظومة السياسية التي يرفعون لواء محاربتها اليوم، وبعضهم الآخر تسلق على ظهر بعض التيارات السياسية والثورة.

لكن الاسوأ كان، هو الطموحات والشهوة الى المناصب، والغيرة التي بدأت تتحكم بنواب التغيير وترجمت في أكثر من مناسبة، وأظهرت مراهقة سياسية وارتجال وسوء تقدير في ادارة الملفات ما جعلهم لقمة سائغة، حيث فشلت مبادرتهم الرئاسية قبل ان تبدأ بفعل الافلاطونية التي اعتمدوها في المواصفات، وكانت مفاجئة الانتفاضة التي قادها النائب وضاح الصادق ضد زميله ابراهيم منيمنة لمجرد دعوته دون سواه الى عشاء السفارة السويسرية قبل ان يُلغى، اضافة الى الرسائل المبطنة فيما بينهم، وفوق ذلك محاولة النائب بولًا يعقوبيان الوصول الى زعامة تكتل التغييرين والحساسية التي تشكلها لزملاء لها.

يمكن القول، إن الجلسة النيابية أمس كانت بمثابة “الشعرة التي قصمت ظهر البعير” في هذا التكتل، ففي الوقت الذي انشغلت فيه التكتلات بكيفية ايصال نوابها الى اللجان التي تعتبر مطبخ مجلس النواب، انشغل التغييريون بأنفسهم، واسقطوا بعضهم، فترشح مارك ضو في وجه زميله ابراهيم منيمنة وسقطا سويا، ومنع كثير من نواب التكتل اصواتهم عن حليمة قعقور التي تزال تتعاطى كثائرة في الساحات فأخفقت في الدخول الى لجنة الادارة والعدل.

وما زاد الطين بلة هو قرار النائب ميشال الدويهي بالانسحاب من التكتل ما فتح الباب امام إنا لتسرّب نيابي تدريجي أو الحفاظ على أقل عدد من نوابه تحت مظلة التوافق على مضض، أو التحول الى ودائع في تكتلات نيابية اخرى، أو العمل بشكل فردي وهو امر سيجعل كل اصواتهم وتحركاتهم “لزوم ما لا يلزم”، خصوصا انهم عندما كانوا مجتمعين لم يستطيعوا التأثير او تبديل أي شيء، فكيف عندما يكونوا مختلفين، او فرادى كما يتوقع احد النواب الذي بدوره ضاق ذرعا بغياب الرؤية السياسية والواقعية، ولم يعد متحمسا لهذا التكتل الذي ام يرى منه اللبنانيون سوى الشعارات والخطابات والتنظير من دون ان يتمكنوا من تغيير اي فاصلة في الحياة السياسية اللبنانية بل على العكس فإنهم يسيرون بآدائهم نحو وضع اللبنانيين امام قناعة بأن التغييريين والمنظومة يتجهون ليكونوا وجهان لعملة واحدة، خصوصا بعد فشل ثورة 17 تشرين..