كتبت آمال خليل في “الأخبار”:
عشرات الآلاف شاركوا أمس في تشييع الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد هاشم صفي الدين في بلدة دير قانون النهر (قضاء صور).
انقشعت الغيوم وتوقفت زخات المطر وسطعت الشمس قبيل بدء مراسم التشييع ظهر أمس، تماماً كما حصل في يوم تشييعه الأول في بيروت الأحد، إلى جانب الشهيد السيد حسن نصرالله. تشييع ضخم شهدته دير قانون النهر لابن بلدة شمع الذي ذاب في نسيج بلدة والدته، وأوصى بأن يُدفن في ثرى جبل عامل أينما ومتى حانت شهادته، وقد حانت في الستين كما توقّع.
المنطقة الأولى في حزب الله تولّت تنظيم التشييع الذي بدأت فعالياته قبل الظهر مع وصول الجثمان إلى حسينية الشهداء في ساحة البلدة، حيث أُلقيت النظرة الأخيرة على النعش. وبعد الظهر، أُخرج الجثمان إلى ساحة كبيرة جرى تجهيزها خصّيصاً لاحتضان مراسم الدفن، حيث أدّى المقاومون القسم أمام الجثمان وجدّدوا العهد للشهيد السيد بالبقاء على النهج والحفاظ على المقاومة.
وكان لافتاً الحضور الكبير لرجال الدين الذين حملوا نعش الشهيد على أكتافهم، في مشهد يعكس مكانته الخاصّة، ولا سيما بين طلّاب الحوزة والنخب العلمية والثقافية في بيئة المقاومة، وهي الشريحة التي كان معروفاً باهتمامه الخاصّ بها.
وتحدّث ممثل الإمام السيد علي الخامنئي وممثل وفد الجمهورية الإسلامية في إيران الشيخ محمد حسن أختري الذي حيا اللبنانيين والجنوبيين على صمودهم أمام العدوان الإسرائيلي حتى انتصروا بشهادتهم على السيف. وقال أختري متوجّهاً إلى الجنوبيين: «جئنا إليكم مكلّفين من الإمام الخامنئي لنشارك لبنان والمقاومة في هذا العزاء العظيم والمصاب الجلل. وإنّا على ثقة بأن منهج المقاومة مستمر على نهج وروح الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، والجمهورية الإسلامية ستقف دائماً إلى جانبكم».
وأُخرج النعش ليجوب على ظهر شاحنة مكشوفة شوارع دير قانون التي لم ينقطع عنها برغم ظروفه الأمنية الاستثنائية، فكان يشارك في مناسباتها الاجتماعية ويرعى أنشطة بلديتها ويقف جنباً إلى جنب مع عوائل شهدائها. مرّ النعش من أمام نصب فاتح الاستشهاديين أحمد قصير والاستشهادي حسن قصير وصور شهداء البلدة منذ الثمانينيات إلى العدوان الإسرائيلي الأخير. وعلى وقع خطب صفي الدين، شقّ النعش طريقه بين الجموع لكيلومترات عدة وصولاً إلى المرقد الذي أنشئ لدفنه في أطراف البلدة.
وخلال المراسم، عُرض مقطع فيديو وثّق المسيرة الجهادية الطويلة والمتنوّعة للسيد الشهيد، منذ نشأته في الشياح في ضواحي بيروت حيث تعلّم في مدارسها الرسمية، إلى انتقاله لدراسة العلوم في الجامعة اللبنانية.
ولدى اندلاع الثورة الإسلامية في إيران، تأثّر بها وانتقل من دراسة العلوم إلى دراسة الشريعة في مدينة قم الإيرانية. ومنذ عقود، نشأت علاقته مع الإمام الخامنئي قبل أن يعود إلى لبنان لينضوي في مسيرة حزب الله التي تولّى فيها مناصب قيادية، أبرزها رئاسة المجلس التنفيذي عام 1996 قبل أن يُعيّن أميناً عاماً للحزب بعد استشهاد رفيق دربه السيد حسن نصرالله في 27 أيلول الماضي.
بعد ذلك أقام إمام دير قانون الشيخ إبراهيم قصير صلاة الجنازة، ثم رُفع الجثمان على الأكتاف ليوارى الثرى. وشاركت في التشييع وفود من اليمن وإيران والعراق وتونس إلى جانب مسؤولين ونواب من حزب الله وحركة أمل والقوى والأحزاب الوطنية اللبنانية والفلسطينية. وأعلن حزب الله عن تلقّي التعازي والتبريكات بالشهيدين السيدين اليوم وغداً في باحة عاشوراء في الضاحية الجنوبية.