Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر September 1, 2022
A A A
تشكيل الحكومة يجب أن يكون أولويّة.. وقد يُسرّع ولا يُؤخّر في التوافق على إسم الرئيس
الكاتب: دوللي بشعلاني - الديار

لا يزال موضوع تشكيل الحكومة الجديدة يترنّح، ليس لأنّها ستكون الحكومة الأخيرة في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أو لأن عمرها لن يتجاوز الشهرين في حال تشكّلت اليوم، إنَّما لكونها ستدير البلاد خلال الشغور الرئاسي الذي في حال حصوله سيدوم لأشهر عدّة تمتدّ الى العام المقبل 2023. ولهذا فإنّ المشاورات الداخلية تجمع بين مسألتي تشكيل الحكومة الجديدة ومسألة انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية. تشكيل الحكومة بما يعني تعديل حكومة تصريف الأعمال الحالية أو تعويمها، على ما طالب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أي بضرورة وقف ما سمّاه «الدلع الذي نعايشه في طريقة تشكيل الحكومة الذي لا محلّ له الآن»، والذهاب بالتالي الى «تعويم الحكومة الحالية لكي تكون كاملة الصلاحيات»، وانتخاب الرئيس بما يعني التوافق الداخلي والخارجي على إسم الشخصية المناسبة للمرحلة المقبلة بكلّ أبعادها.

أوساط ديبلوماسية مطّلعة، أكّدت أنّه لا يُمكن القفز فوق استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة، وإن قصُر عمرها بسب تأجيل البتّ بأمرها، فالتشكيل يبقى مطلوباً حتى الربع ساعة الأخير من عمر عهد الرئيس عون، في حال جرى التوافق بين الجهات السياسية على ضرورة ولادة حكومة فاعلة، كاملة الصلاحيات يُمكنها إدارة شؤون البلاد التي ترزح أساساً تحت وطأة أزمة إقتصادية ومالية ومعيشية غير مسبوقة، وغير ذلك من مشاكل يومية لم يعد المواطن قادراً على تحمُّلها بمفرده.

وتجد الاوساط أنّه، بحسب السياق الطبيعي للأمور، كان يجب تشكيل الحكومة بعد إجراء الإستشارات النيابية المُلزمة، والاستشارات التي أجراها الرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي بدوره، وقدّم على أساسها تشكيلة أو مسودة أولية للحكومة الى الرئيس عون، من خلال تعديل بعض الحقائب وأسماء الوزراء.. فَلَو حصل ذلك في أيّار أو حزيران المنصرمين، لكان الوضع الداخلي أفضل ممّا هو عليه الآن، ليس لقدرتها على القيام بالمعجزات، إنَّما على اتخاذ القرارات الحاسمة، وإنهاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بدلاً من بقاء حكومة تصريف الأعمال التي لا تجتمع لإنجاز أي أمر مهم. ولكن المفارقة أنّها تنادت الى الإجتماع مرّة واحدة بشكل غير رسمي لاتخاذ القرار برفع سعر الدولار الجمركي الذي من شأنه زيادة الأعباء على كاهل المواطن دون سواه.

وأشارت الأوساط نفسها بأنّ دول الخارج، لا سيما فرنسا والمجموعة الدولية، تفضّل التعامل مع حكومة كاملة الصلاحيات، لا حكومة تصريف أعمال استقالت بعد انتخاب البرلمان الجديد، فيما لم يتمكّن الرئيس المكلَّف من جمع جميع الأحزاب والكتل السياسية حوله لتشكيل حكومة جديدة. ولهذا تشدّد على أنّ الأولوية حالياً لتشكيل الحكومة، سيما وأنّ التوافق على إسم الرئيس الجديد للجمهورية لم يحصل بعد. ولكن يبدو أنّ ميقاتي يجد نفسه أمام مأزق عدم القدرة على تشكيل حكومة كونه لا يريد تقديم التنازلات للرئيس عون وإعطائه الثلث الضامن فيها، من باب موقعه الذي يأخذ طابعاً إقليمياً ودولياً، لا سيما في المرحلة المقبلة، وفي ظلّ عدم الإجماع الداخلي على ترؤسه للحكومه بدليل تأييده من قبل 54 نائباً فقط من أصل 128.

ولهذا، يودّ ميقاتي الحفاظ على ماء الوجه من جهة، على ما ترى الاوساط ، وعدم إضاعة فرصة أو ورقة التكليف من يده. ففي حال شكّل حكومة ولم تنل الثقة في مجلس النوّاب، فإنّ الرئيس عون سيُضطرّ عندها الى الدعوة الى إجراء إستشارات نيابية مُلزمة، ويقوم بتكليف الشخصية التي تنال أكبر عدد من أصوات الكتل النيابية، وقد لا تكون ميقاتي نفسه. هذا الأمر يضعه ميقاتي في الحسبان، ولهذا يسعى من أجل تشكيل حكومة جديدة تحظى على الأقلّ بثقة المجلس النيابي، وإلّا فليبقَ على رأس حكومة تصريف الأعمال التي بطبيعة الحال، ستؤول اليها مهمّة إدارة البلاد، في حال حصول الشغور الرئاسي من دون أن يقوم عون بتعيين حكومة إنتقالية أو عسكرية أو أي شيء آخر ليضمن عدم تسليم البلاد للفراغ السياسي.

غير أنّ الأوضاع السيئة في البلاد لم تعد تحتمل أي تأجيل أو تسويف أو دلع، كما وصّف النائب رعد الوضع الحالي لتشكيل الحكومة، على ما عقّبت الأوساط عينها، ولهذا يجب أن تنصبّ الجهود على تشكيل حكومة جديدة، أو على تعديل الحالية بما يتناسب مع الأحجام الجديدة للكتل النيابية. أمّا مسألة شدّ الحبال، فلن تجعل أي طرف هو الرابح في النهاية، ولهذا لا بدّ من اللجوء الى التسوية، والتوافق على الحكومة المقبلة، لكي ينعكس هذا الأمر إيجاباً على الإستحقاق الرئاسي.

وتقول الأوساط بأنّ تشكيل الحكومة أو تعديل الحالية بعد التوافق، لن يؤخّر أو يُؤجّل الإستحقاق الرئاسي، بل على العكس قد يؤدّي الى تسريع عملية الإنتخاب، خصوصاً إذا كانت التسوية قد قرّبت في وجهات النظر بين رئيس «التيّار الوطني الحر» وميقاتي، كما بينه وبين الأطراف الأخرى. فأي رئيس جديد للجمهورية إذا كان يُمثِّل طرفاً سياسياً واحداً، ويُشكّل استفزازاً للطرف الآخر لن يُشكِّل الخيار المثالي للبنان في المرحلة المقبلة سيما وأنّ المطلوب رئيس توافقي مقرّب من الجميع، ولا يقف في صفّ فريق ضدّ آخر.