Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 20, 2018
A A A
ترامب خذل أهل بيته… هل اصطاده القيصر الروسي؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

يذكّرنا قول رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية “ونستون تشرشل” الشهير “في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة”، بالقمة التاريخية التي أرخت بظلالها على المشهد الاقليمي والدولي وشغلت الاوساط الاعلامية وحارَ كثيرون في أمرها لادراك حقيقة ما دار بين الرجلين. واذا أجاز التعبير هلسنكي جمعت عدوين متخاصمين لطالما تبادلا الاتهامات النارية والانتقادات اللاذعة.
الى ذلك، أجمع المحللون السياسيون والمراقبون على أن القمة التاريخية التي عُقدت في العاصمة الفنلندية هلسنكي انتهت بتسجيل فوز كاسح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيره الأميركي دونالد ترامب.
ولا بدّ من التوقف هنيهة عند التعبير الابرز الذي اطلق على ترامب بأنه كان “ضعيفاً”، حيث بدا الرئيس الاشقر في أوجّ التناقض بسبب تصريحاته في القمة التي ناقضت أقوالا سابقة له بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
اذاً هيمن الأداء “المخزي” و”الضعيف” لترامب في هلسنكي لدرجة أن البعض اعتبر أن “بوتين دمَّر ترامب”!
ونتوقف قليلاً عند كلام راجح خوري في جريدة النهار اللبنانية الذي رأى أن الرئيس الأميركي بأنه خرج من القمة مع بوتين “أشبه بحطام سياسي”.
وتحت عنوان “ترامب في جيب بوتين”، يقول أحمد جميل عزم في الغد الأردنية: “ما حدث في هذه القمة وما أعقبها لن ينسى بسهولة … وأنّ هناك ممارسة لرئيس أميركي لا يقدم عليها حتى رئيس دولة في العالم الثالث، من أن ينصِّب نفسه محامياً لرئيس بلد آخر تتهمه أجهزة الأمن في بلد هذا الرئيس (المحامي)، ومن دون أن يوضح حقاً الفائدة المتوخاة من أدائه المتراخي مع موسكو”.

واذ لا بدّ أن نتساءل في هذا الاطار هل تبخر شعار “أميركا أولاً” من حقيبة ترامب؟ ما كل هذا التناقض الذي أبهر به ترامب العالم؟
شخصية ترامب المتناقضة ليست بجديدة عليه، فهو جعلها بمثابة “تقليد أو عُرف” منذ تسلمه مقاليد الرئاسة وحتى اليوم، فيكاد لا يمرّ يوم الا ويخرج بمواقف مغايرة تماماً لتلك التي كان قد اطلقها قبل ساعات او ايام.
كما كان لدبلوماسيين عريقين رأي ملفت عن القمة حيث اعتبروا أن رئيس روسيا بوتين فاز على رئيس أميركا ترامب في قمة هلسنكي بنتيجة واحد- صفر، وأن بوتين أظهر نفسه “لاعبا ماهرا جدا”، بينما بدا نظيره ترامب عكس ذلك.
وفي جوجلة للنتائج التي حققتها القمة، يرى رامي الخليفة العلي في عكاظ السعودية أن القمة “حققت مسألتين حتى قبل أن تبدأ. أولاهما أنها أعادت مرة أخرى روسيا باعتبارها قوة عالمية تناقش القضايا الدولية والتوازنات الاستراتيجية مع الدولة الأقوى على الصعيد العالمي من موقع الند للند”.
ويقول: “أما الأخرى فقد أبانت أن التفاهم الروسي-الأميركي يمكن أن يكون بديلاً عن تفاهمات موسعة تخص قضايا متفجرة، وقد أثبتت هذه التفاهمات عدم جدواها خلال السنوات القليلة الماضية”.
ويضيف الكاتب أن “الأهم بالنسبة لنا أنها ناقشت قضايا منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها الملف الإيراني والأزمة السورية”.
كما أشعلت تصريحات ترامب “الودية” تجاه نظيره بوتين عاصفة من الانتقادات في الأوساط الأميركية التي وصفت موقف ترامب بالضعف و”الخيانة”، إذ رفض الرئيس الأميركي أن يوجه أي انتقاد للسياسة الروسية وأرجع سبب تدهور العلاقات بين البلدين “لسنوات عديدة من الحمق والغباء الأميركي”.
ووصلت حدّة الانتقادات لدرجة أن مديرا سابقا للمخابرات المركزية الأميركية وصف أداء ترامب بأنه “خيانة” وندد به سناتور جمهوري ونعته “بالمشين” لكن جمهوريين آخرين كانوا أكثر تحفظا.
وقال مدير المخابرات المركزية السابق جون برينان إنه يجب عزل ترامب من منصبه. وأضاف “أداء دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي في هلسنكي يرتفع ويتجاوز حد ’الجريمة الكبرى والإثم‘ لم يكن هذا أقل من الخيانة. لم يكن ترامب معتوها فحسب في تصريحاته بل كان بأكمله في جيب بوتين. أيها الجمهوريون الوطنيون: أين أنتم؟”.
ليس من السهل تفسير تصرفات الرئيس الاميركي ولا مواقفه المتقلبة والتي لم يعهدها العالم من رئيس اميركي سابقاً، انما لا يمكن انكار مدى الضغط الذي يتحمله ترامب داخل “البيت الأميركي” بسبب قضية روسيا وبوتين.
خلاصة القول، ها قد خرج القيصر الروسي منتصراً من هلسنكي واضعاً في جعبته تأييداً عالمياً ملحوظاً منتصراً لا مخذولاً، صريحاً غير ملفلف، متشبثا بآرائه ومبادئه لا يحيد عنها على عكس نظيره الاميركي، ويمكن القول ان بوتين اجتاز اختبار هلسنكي بتفوق “مبروك”، والايام كفيلة بتبيان نتيجة الاختبار الثاني الذي سيخضع له الرجلان قريباً!