Beirut weather 16.88 ° C
تاريخ النشر December 8, 2025
A A A
تداعيات زيارة قداسة البابا على الإقتصاد اللبناني
الكاتب: د. فؤاد زمكحل - الجمهورية

عاش لبنان ثلاثة أيام تاريخية مع زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر، فما هي التداعيات الإقتصادية المباشرة وغير المباشرة على المدى القصير، المتوسط والبعيد؟

بعد نحو 13 عاما من الزيارة الأخيرة لقداسة البابا بنيديكتوس السادس عشر، في العام 2012، وبعد 28 عاما على زيارة البابا القديس يوحنا بولس الثاني، عاش البلد ثلاثة أيام تاريخية جاءت في وقت يقف فيه لبنان واللبنانيون على مفترق طرق وأمام خيارات كبيرة للمستقبل، لبناء رؤية موحّدة.

ان التداعيات الاقتصادية على المدى القصير ترتبط مباشرة بالحركة السياحية والتجارية التى واكبت هذه الزيارة، من خلال زيارة الحجاج والمفتربين والسياح القادمين من البلدان المجاورة.

من جهة اخرى، نأمل في ان هذه الحركة التجارية والسياحية ترتبط بالحركة المتوقعة في نهاية العام الجاري، وعيدي الميلاد ورأس السنة. التى تشكّل جزءا كبيرا من الناتج المحلي والإقتصاد الداخلي.

فقد تحرّكت الحركة السياحية والتجارية عموما في كثير من القطاعات الإنتاجية، من النقل والمطاعم والمقاهي والفنادق والمجمعات التجارية والمتاجر الصغيرة، وخصوصا في المناطق التي مرّ فيها قداسة البابا لاوون.

نذكّر ونشدّد على أن السياحة في لبنان قد أصبحت ركيزة اساسية للإقتصاد اللبناني، وتلعب دورا مهما في اعادة الإنماء.

من جهة أخرى، إن هذه الزيارة البابوية الفريدة من نوعها قد حرّكت الإستثمارات العامة من طرق وصيانة وإضاءة وتنظيم، كما عززت الإستثمارات في القطاع الخاص ايضا في كل القطاعات التجارية والسياحية.

أمّا على المدى المتوسط والبعيد فإن هذه الزيارة حملت رسائل كبيرة وواضحة، منبثقة حول اركان لبنان الحقيقي، والذى يمثل العيش المشترك والمحبة والسلام واحترام الاخرين والاستقرار.

فبعد المقولة الشهيرة للبابا يوحنا بولس الثاني التي تكرّرت اليوم أيضا، إن “لبنان أكثر من وطن إنه رسالة” جاءت رسالة البابا لاوون، تحمل معها رسائل سلام وأمل وأنّ لبنان أكبر من أزمته، فدعا اللبنانيين إلى عدم اليأس، على رغم من الإنهيار الإقتصادي والأزمة الاقتصادية والإجتماعية، إذ شدّد على ان السلاح يقتل، بينما التفاوض والوساطة والحوار تبني الأوطان. ووجّه رسالة إلى جميع الطواف مسيحيين ومسلمين ودروزا بضرورة تعزيز الوحدة والعيش المشترك، مؤكّدا أنّ لبنان على رغم من صغره الجغرافى هو رمز عالمي للتنّع والتعايش.

وحينما خاطب الشباب قال لهم: “ابقوا إنهضوا. ابنوا السلام واصنعوا مستقبل لبنان الذي أراه اليوم أرض الرجاء”.

 

إن زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر للبنان كانت رسالة سلام لكن في الوقت عينه رسالة وحدة وتآزر، على هذه الأرض المقدّسة وأرض القدّيسين، في هذا البلد بلد العلم وملتقى الحضارات، بلد حب الحياة والضيافة والكرم والعزة والبحبوحة.

في المحصّلة، إن المشهد الجامع الذى رأيناه حول قداسة البابا ورسائله المباشرة وغير المباشرة أعادت الأمل، وهي الحجر الأساس لإعادة بناء الثقة وكل الكلمات التي دارت حول رسائل البابا كانت تصبّ في الخانة نفسها، فأتى البابا لاوون، ليس فقط حامل رسائل السلام، لكن ذكّرنا بأسس الأديان التي كلّها تصبّ في المحبة واحترام الآخرين. كان حاملا معه غصن زيتون السلام، عصا الحج، ومطلقا حمائم السلام.

فلبنان الذى كان على مفترق طرق أصبح اليوم على طريق الوحدة والسلام وبناء وطن مستقل ومستقر.

علينا الا نضيّع هذه الفرصة العجائبية الأخيرة، وننسى ونتناسى سريعا هذه الرسائل السماوية التي عليها يجب ان نبنى لبنان الجديد.