Beirut weather 12.41 ° C
تاريخ النشر September 3, 2021
A A A
تحذيرات… من الخريف المكفهر
الكاتب: عباس صباغ - النهار

لم يكن مشهد المسلحين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة سوى بروفة عما ينتظر البلاد في الفترة المقبلة. فهل من يحضّر لفوضى في بلد بات فعلاً في جهنم؟
آخر أيلول الجاري سيُرفع الدعم بشكل كامل عن المحروقات، وما كان سبق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان أعلنه سيصبح حقيقة مُرّة سيتجرعها اللبنانيون اسوة بأسعار اللحوم والدجاج والدواء وحليب الأطفال …الخ.
مع دخول رفع الدعم حيز التنفيذ سيزداد التوتر الاجتماعي وصولاً الى الفوضى، فما شاهده الجميع من مناظر مخيفة في فنيدق وعكار العتيقة وصولاً الى “محور” عنقون – مغدوشة وما قبلهما محور خلدة، وما يجري بشكل شبه يومي في طرابلس، كل ذلك يشي بأن مرحلة صعبة ستتربص بمن بقي في بلاد الأرز ولم يسعفه الحظ في الحصول على تأشيرة سفر.
“تحذيرات…من الخريف المكفهر”
لم يكن وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي يمزح عندما أطلق تحذيراته من الفوضى قبل أشهر. فهمي ابن السلك العسكري كان على دراية بما قد يحصل، وعلى رغم اشتداد حركة الاحتجاجات قبل استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، بيد ان وزير الداخلية كان حريصاً على عدم الصدام بين القوى الأمنية والمتظاهرين، وظهر ذلك جلياً من خلال حركة قوى الامن الداخلي لدى محاولاتها إعادة الهدوء الى وسط بيروت وكذلك الى طرابلس يوم “غزوة السرايا الحكومية في الشمال”.
الخشية من الانفلات الأمني باتت جدية، فمشاهد التوتر امام محطات الوقود بشكل يومي يشي بالاخطر. هذا الامر دفع المدعي العام في النبطية القاضي عباس جحا الى اصدار قرارات بتوقيف كل من يحمل سلاحاً ويطلق النار امام محطة وقود او أي مكان آخر، وامر الأجهزة الأمنية بتوقيف مطلق النار ومصادرة سلاحه بغضّ النظر عما إذا كان مرخصاً او غير مرخص، ويهدف ذلك الاجراء الى الحد من التوتر امام محطات الوقود نظراً الى التداعيات الخطرة من إطلاق النار وخشية اندلاع حرائق على شاكلة ما حصل في بلدة التليل في عكار وأدى الى استشهاد 30 مدنياً وعسكرياً.
إذاً الفوضى الاجتماعية ستكون المدماك الأساسي في التوتر المرتقب، ولكن هل ثمة تقارير امنية تؤكد ذلك؟
مرجع أمني يكشف لـ”النهار” ان “كل المعطيات الميدانية تشي بتفجير اجتماعي من بوابة المحروقات التي ستحرق الكثير من مقومات الدولة، وان ما نشهده يومياً على محطات الوقود ينذر بما هو اسوأ، وبما ان الازمة غير قصيرة فإن الخريف سيشهد تصعيدا اكبر مع حاجة معظم سكان المحافظات اللبنانية الى المازوت للتدفئة مع ارتفاع أسعار الحطب وتدني القدرة الشرائية للبنانيين، ما يعني مزيدا من الطلب في ظل تحديد نهاية أيلول الحالي لرفع الدعم”.
ويلفت المرجع الأمني الى ان ما حدث بين بلدتي عنقون ومغدوشة يمكن ان يتكرر في أي وقت بين بلدتين اخريين وليس بالضرورة ان تكونا من ديانات مختلفة، لان “الاحتكار لا دين ولا طائفة ولا حزب له، وان حاجة الناس للمحروقات هي حاجة ضرورية ولا تتوقف عند الانتماء المناطقي او الطائفي او حتى السياسي”.
وسط هذه الصورة التشاؤمية هناك من يعتقد ان الانفلات لن يقتصر على الفوضى بسبب الازمة المعيشية والاقتصادية وانما لأهداف أخرى، ويعطي هؤلاء مثالاً عما حصل في خلدة – 2 وما كان يخطط له لولا تدارك بعض المسؤولين الحزبيين العواقب وبذلهم جهوداً كبيرة لاحتواء الامر.
في الحصيلة لا شيء على ما يرام في دولة فقدت معظم مقوماتها وباتت علاقة المحكومين بالحاكمين تفتقر الى الثقة مع “كفر الناس” بالطبقة السياسية التي أفسدت وأهدرت مال الشعب و”تتقاتل” اليوم على حقيبة وزارية من هنا ومقعد اداري من هناك.