Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر March 31, 2017
A A A
“تحالف معراب” يتدحرج … الى “تناتش” حول المقاعد
الكاتب: موقع المرده

ليست المرّة الأولى التي يتطرق فيها جبران باسيل الى التفاهم بين “التيار الوطني الحر” و”القوات” من باب “الدفاع” عن مصيره ومقتضياته، في ضوء التشكيك الذي يلاحق الحليفين الجديدين بسبب الإشكالات التي طافت على وجه الماء حول العديد من القضايا، ما فتح باب التساؤل حول مدى قدرة هذا التحالف على الصمود ومواجهة عواصف التباينات التي راحت تتراكم فوق بعضها.
ومع ذلك، المسألة ليست في هذه النقطة بالذات المتروكة للزمن. وانما في الخط البياني الذي سلكه التحالف.

عملياً، قدّم “التيار العوني” والقوات التفاهم الثنائي على أنّه مصالحة استثنائية ستترك أثارها وبصماتها على مكانة المسيحيين وقضاياهم الوجودية، بعد التقاء خصمي التاريخ والجغرفيا على خطّ مشترك من شأنه أن يجمع القوى المسيحية حول المسائل الاستراتيجية من باب العمل على حماية أبناء هذا المجتمع وصون حقوقهم. مع العلم أنّ هذه “المصالحة” حصلت من دون أن يكلف الفريقان نفسيهما عناء الاعتذار من الناس الذين دفعوا دماً ومأساة ثمن خصوماتهما.
ومع أنّ الحزبين مختلفان اذا لم نقل متناقضين حول العناوين السياسية الكبيرة، وتحديداً تلك المتصلة بسلاح حزب الله، الا أنّهما حاولا اقناع جمهوريهما أنّ مساحات الإلتقاء قادرة على تجاوز مطبات التباينات المخفية. وما زاد من علامات التشكيك حول خلفيات هذا التفاهم، هو حصره بهما فقط وإقفال الدائرة حولهما، والامتناع عن القيام بأي مجهود حقيقي لتوسيع بيكار التفاهم. لا بل أكثر من ذلك، بدا واضحاً أن الغاية الأساسية من هذا التحالف هو قطع الطريق أمام وصول سليمان فرنجية الى قصر بعبدا الذي بلغ أبواب القصر واذ بلقاء معراب يبعده أمتاراً.

كما قدمت الانتخابات البلدية الأخيرة ومن بعدها تشكيل الحكومة، ومن ثم مشاريع قانون الانتخابات المقدمة من رئيس “التيار الوطني الحر” التي ترتكز الى المختلط كونه يحمي التحالف بالدرجة الأولى، على أنّ طابع هذا التحالف الغائي ولا يستهدف إلّا محاصرة القوى المسيحية الأخرى وتحجيمها والتي وصفها باسيل بـ”الفراطة”. والأسوأ من ذلك أنّ الروحية الإلغائية راحت تنخر “سوس” العلاقة وتهددها في صميمها بعدما انتقلت من الخارج الى الداخل. وما التعيينات الأخيرة الا خير دليل على ذلك.

ولكن يبدو أنّ العنوان العريض الذي غلّف المصالحة، راح يفقد الكثير من وهجه ومصداقيته.

تكفي استعادة شريط الأحداث الأخيرة، وتحديداً تلك المتصلة بأداء وزراء الفريقين والمواقف المعلنة من جانب “التيار الوطني الحر” و”القوات”، للتأكّد من أنّ هذا التفاهم تدحرج من مصالحة تاريخية الى “تناتش سلطوي” على المقاعد النيابية المنتظرة.

ولا حاجة للتدقيق كثيراً في مفردات جبران باسيل وسمير جعجع وأدائهما، سواء في ما يتعلق بترشيح فادي سعد المبكر في البترون من جانب معراب، او في ما يتصل بتهديد وزير الخارجية من أنّه “ليس بإمكان أحد أن يغريني أو يبتزني بموضوع مقعد البترون وهذه الرسالة موجهة للجميع وليس لطرف محدد”، لوضع اليد على خلافات الفريقين التي تحولت الى معركة توزيع حصص ومقاعد لا أكثر.
سواء تمكن هذا الثنائي المسيحي من هضم الخلافات وتجاوزها، أو تعثر في منتصف الطريق، سيصعب عليه اقناع جمهورهما بأنّ عنوان التقائهما هو الحفاظ على مصالح المسيحيين وحقوقهم، طالما أنّ تفاهمهما تحول الى حلبة كباش لاقتناص مواقع السلطة، من أمام بقية القوى المسيحية لا أكثر.