Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر May 16, 2018
A A A
بين هنري شديد والقوات اللبنانية… من خان من؟
الكاتب: اسكندر خشاشو - النهار

أعادت نهاية الاسبوع الماضي نتائج انتخابات البقاع الغربي- راشيا الى الواجهة، ولكن ليس عبر المفاجأة المدوية التي سجلها الوزير السابق عبد الرحيم مراد وحلوله أولاً وبفوارق كبيرة جداً عن منافسيه أو عبر حصول لائحته على 3,1 حواصل، في منطقة كانت أقصى التوقعات فيها نيله حاصلين ونصف حاصل أو اقل، إنما عبر المقعد الماروني الأضعف في الدائرة وذلك بسبب السجال بين النائب المنتخب هنري شديد و”القوات اللبنانية”، وإعلان شديد انضمامه الى “كتلة المستقبل” بعدما كان وعد “القوات”.

في اليومين الماضيين ضجت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بخبر التزام شديد مع “المستقبل”، وشنت حملة قاسية من مناصري “القوات” عليه باعتباره نكث بالعهد وخان توقيعه بالانضمام الى تكتل “القوات اللبنانية”، في مقابل تأكيد الأخير ان “القوات” هي التي لم تلتزم معه، بدليل نسبة الأصوات الهزيلة التي نالها.

وبحسب معلومات “النهار” فمنذ اقتراب موعد الانتخابات النيابية، أعلن هنري شديد نيته الترشح على لائحة “المستقبل”، فإذا نجح الأمر كان به، واذا لم ينجح فسيلتزم منزله بعكس ما اشيع عن تفاوض جرى بينه وبين الوزير السابق عبد الرحيم مراد. وقبل نحو شهرين من الانتخابات تلقى اتصالاً من أمين عام “تيار المستقبل” أحمد الحريري ابلغه فيه إمكان التحالف وطلب منه البدء بالعمل، ولكن وفي الوقت عينه كانت تجري مفاوضات على صعيد لبنان ككل بين “المستقبل” و “التيار الوطني الحر” الذي طرح أيضاً مرشحاً مارونياً و “القوات اللبنانية” التي كانت سمّت مرشحها الحزبي الماروني ايلي لحود، واخذت المفاوضات وقتاً طويلاً تمسك عبرها “المستقبل” بالمرشح الماروني، ففشل التفاوض مع “القوات” التي سحبت مرشحها، وبعدها خيضت مفاوضات صعبة مع “التيار الوطني الحر” وأيضاً فشلت، بسبب معرفة المفاوضين ان هذا المقعد مضمون ويمكن حجزه عبر الحاصل الانتخابي وليس الاصوات التفضيلية.

التحالف مع “التيار”؟
وقبل تسجيل اللائحة والإشكال الذي حصل مع الحزب التقدمي الاشتراكي عبر ادخال النائب أنطوان سعد الى اللائحة والضغط الذي مورس بالنسبة إلى المقاعد المسيحية، اجتمع شديد مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل وبالتنسيق الكامل مع امين عام “المستقبل” وكان لقاؤه ايجابياً باعتبار أن الكتلتين ستكونان داعمتين للعهد ولا إشكال الى اي كتلة سينتمي وسيكون الموضوع رهن الاتفاق بين باسيل و”المستقبل”، ولكن بعد تشكيل اللوائح ودعم “التيار” بشكل علني وجدّي للنائب إيلي الفرزلي الذي كان على اللائحة المنافسة سقط هذا الخيار كلياً.

ومع تسجيل اللوائح وبدء الحملات الانتخابية، ومن ضمن حسابات الماكينات الانتخابية تبين أن لائحة “المستقبل للبقاع الغربي راشيا” بحاجة الى نحو 5 الاف صوت مسيحي لتأمين 4 حواصل انتخابية وهي غير متوافرة، وبما أن للقوات كتلة ناخبة وليس لديها مرشح، وهي بحكم الواقع السياسي ليست بعيدة من تحالف “المستقبل- الاشتراكي”، تم الاتصال بقيادة “القوات” للتفاوض على اعطاء أصواتها للائحة وللمرشح الماروني الصوت التفضيلي، وبعد لقاءات عدة أكدت القيادة القواتية أن لا “شيء ببلاش”، ولم يرفض شديد العرض القواتي وخصوصاً انه اطلع على أرقام الماكينة القواتية التي تشير الى أنه بإمكانها تأمين بين 2700 الى 3500 صوت تفضيلي، إذا أضيفت الى اصواته الشخصية وأصوات زميله على اللائحة غسان سكاف تكون تأمنت الخمسة الاف صوت المطلوبة لتأمين أربعة حواصل، وتالياً يكون “المستقبل” أمن مقعدين أقله ولا مشكلة في انضمام شديد الى “القوات” وعلى هذا الأساس وقع اتفاقاً مع معراب”.

نسبة أصوات قليلة
ولكن ما الذي جرى؟ نال شديد نحو 1500 صوت تفضيلي فقط، منهم نحو 200 صوت من غير المسيحيين، ومن ضمن الـ1300 نحو 500 صوت في قريته، وعدد كبير من الاصوات الباقية هي من المندوبين وعائلاتهم في القرى المسيحية التي غطتها الماكينة الانتخابية، وتملك أسماءهم وعددهم بالتفصيل، وسهلة جداً عملية إحصائهم نظراً إلى عددهم القليل إذ في كثير من القرى لم تتجاوز نسبة الاصوات الخمسين صوتاً وهم معروفون.

ولا ينكر شديد أنه نال اصواتاً قواتية، خصوصاً من أبناء قريته، انما بقي عددها محدوداً جداً، وازاء هذا الواقع يرافقه تعثر من “المستقبل” في رفع الحاصل كان من المنطقي العودة الى “المستقبل” الذي تمسك بترشحه منذ البداية وخاض معارك من اجله، هذ إضافة الى ان كمية الاصوات التفضيلية لم تكن لتغير شيئاً بواقع الخسارة او الربح باعتبار أن اللائحة ربحت المقعد بحاصل الاصوات المستقبلية وليس بالاصوات التفضيلية.

هذا وعلمت “النهار” أن شديد أوضح للقيادة القواتية وجهة نظره عبر شخص أمينتها العامة، مشدداً على انه لن يكون بعيداً من طروحات “القوات” الإصلاحية وسيسعى الى التعاون معهم وخصوصاً في منطقة البقاع الغربي، وهو لا يشكك بمصداقية الدكتور سمير جعجع والتزامه انما الاشكالية كانت بعدم التزام القاعدة كما انه يعتبر ان ردود الفعل التي صدرت عقب إعلانه الانضمام إلى كتلة “المستقبل” تأتي ضمن إطار “فشة خلق” ولن يعلق عليها.

القوات ترد
في المقابل لا تدخل مصادر قيادية في “القوات” في تفاصيل الاتفاق مشيرة إلى أن “الموضوع انتهى بالنسبة الينا وتمنينا له التوفيق في تموضعه السياسي، وهو انتمى الى تكتل سياسي حليف وليس خصماً”.

وعن التعهد الذي قيل إنه وقعه مع الحزب، اشارت المصادر الى انه اجراء داخلي نقوم به وبالنهاية لا نجبر أحداً على البقاء وهو لا يرتب أي خطوات قانونية.

من جهة ثانية، يعترف القواتيون في البقاع الغربي انهم لم يستطيعوا تجيير نسبة اصوات كبيرة لشديد لأسباب عدة اهمها:

1- ضيق الوقت اذ انه كان من المستحيل بمدة 6 ايام لم القاعدة الشعبية واقناعها بأن مرشحاً كان دائما على لائحة 8 اذار سيكون ممثلاً للقوات، وهو نفسه كان المنافس الابرز لمرشح “القوات” الحزبي.

2- لم تبلغ القاعدة القواتية رسمياً بالاتفاق مع شديد للانضمام الى كتلة “القوات”، وهذا بطلب منه ايضاً لانه يريد استقطاب قاعدة عونية ومستقبلية أيضاً.

3- لم يظهر يوماً في معراب ولو ضمن لقاء عادي، كما فعل النائب ايلي الفرزلي مثلاً ليبث فينا نوعاً من الطمأنينة.

كل هذه الاسباب كان لها تأثير كبير على القاعدة فانكفأت ولم تقترع له كما يجب.

*

النائب المنتخب هنري شديد مع الرئيس سعد الحريري اثناء الزيارة الى البقاع الغربي.