Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر March 1, 2024
A A A
بين قلق “اليونيفيل” من توسيع الحرب والتطمينات الفرنسية
الكاتب: عباس صباغ - النهار

ينتظر لبنان عودة الموفدين الدوليين ربطاً بالتطورات في غزة وما يشاع عن هدنة قريبة، فيما برز تحذير قائد قوات “اليونيفيل” من توسيع الحرب على الحدود الجنوبية. فهل التطمينات الغربية للبنان في محلها أم أن اسرائيل ستغامر بحرب على لبنان؟

التهديدات الاسرائيلية المتكررة للبنان بتوسيع العدوان ما لم تنجح المساعي الديبلوماسية، تتعارض مع التطمينات الغربية بأن لا حرب في الافق على رغم التحذيرات التي نقلتها اكثر من عاصمة غربية الى بيروت.

منذ بدء المواجهات على الحدود الجنوبية في 8 تشرين الاول الماضي مساندةً لغزة ولمنع الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، وقوات “اليونيفيل” تحذّر من انفلات الاوضاع في ظل تصاعد المواجهات وإفراغ القرار 1701 من مضمونه مع توسيع دائرة الاعتداءات الاسرائيلية التي تخطت منطقة عمل اصحاب “القبعات الزرق”، وباتت الغارات والمجازر في مناطق بعيدة عن الحدود.

قائد “اليونيفيل” الجنرال أرولدو لازارو، حذّر قبل ايام من “تحوّل في تبادل إطلاق النار على الحدود اللبنانية الجنوبية (…)”، قائلاً ان “النزاع أودى بحياة عدد كبير جدًا من الأشخاص وألحق أضرارًا جسيمة بالمنازل والبنية التحتية العامة، كما عرّض سبل العيش للخطر وغيّر حياة عشرات الآلاف من المدنيين على جانبي الخط الأزرق. ومع ذلك، فإننا نشهد الآن توسعاً وتكثيفاً للضربات”.

هذا التحذير جاء بعد توسيع تل أبيب اعتداءاتها التي تخطت منطقة جنوب الليطاني ووصلت الى بعلبك.

الى ذلك، لم يُعلن حتى الآن عن رد لبناني رسمي على “الورقة الفرنسية” التي تضمنت “ترتيبات امنية على الحدود”. فالخارجية اللبنانية درست مضمون الورقة على ان يتم التشاور بشأنها مع قيادة الجيش. ومن بنود الورقة مرحلة زمنية غير محددة تنص على ضرورة وقف اطلاق النار والتمهيد له وكيفية نشر قوات “اليونيفيل” على الحدود، في حين ان المرحلة الثانية محددة بفترة زمنية لعشرة ايام ينسحب خلالها “حزب الله” الى عمق 10 كيلومترات جنوب الليطاني ويفكك مواقعه ويسحب اسلحته الثقيلة من المنطقة الواقعة بين “الخط الازرق” وجنوب النهر، وفي المرحلة الاخيرة يتم ترسيم الحدود ووضع خريطة طريق لتنفيذ ذلك من خلال انتشار الجيش و”اليونيفيل”.

“حزب الله” كرر وعلى لسان اكثر من قيادي فيه ان “انسحاب المقاومة من ارضها وبيوتها وقراها غير وارد، وبالتالي لا مجال للبحث في مثل تلك الخطوة”، ما يعني عملياً رفض منح تل ابيب انتصاراً تبحث عنه منذ سنوات طويلة ولم تستطع تحقيقه حتى خلال حرب تموز 2006 .

منذ أشهر وتل ابيب تكرر تهديداتها بتوسيع الحرب ضد لبنان، ولا يكاد يمر يوم من دون ان تصدر تلك التهديدات الى حد انها فصلت بين الهدنة المرتقبة في غزة والاعتداءات على لبنان، علما ان الخارجية الاميركية كررت في اكثر من مناسبة انها “لا تدعم توسيع الحرب مع لبنان”، وكل ذلك كان يترافق احياناً مع تحذيرات من ان فشل المسعى الديبلوماسي قد يجر الاوضاع الى التدهور، وان القلق مرده الى “احتمال قيام إسرائيل بتوغل بري في لبنان الربيع المقبل إذا فشلت الجهود الديبلوماسية الحالية” (…)

لكن ما يُنقل عن الفرنسيين هو خلاف ذلك، وفي السياق يؤكد النائب السابق لرئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي لـ”النهار” ان “الفرنسي يبني على قناعة بأن لا حرب بالمعنى الواسع للكلمة والتي تقلب الاوضاع بشكل غير مألوف، وهذا امر جيد، علماً ان اسرائيل وفي ظل هذه الحكومة اليمينية المتطرفة تريد الذهاب الى حرب واسعة من دون ادنى شك، وخصوصاً انها لم تحقق أياً من الاهداف الاستراتيجية التي اعلنتها قبل بدء عدوانها على غزة”.

اما في لبنان وبحسب الفرزلي، فإن “الاوضاع لا تزال محكومة بمعادلة ردعية واضحة، من تجلياتها استمرار تهجير نحو 150 ألف مستوطن من الشمال، وهذا ما يجعل تل ابيب في موقع الضعف”.

والسؤال: هل تذهب الامور فعلاً في اتجاه الحرب؟ علماً ان الولايات المتحدة ما برحت تؤكد ان لا حرب واسعة على الجبهة الجنوبية، واعادت وزارة الخارجية الاميركية اول من امس التأكيد على هذه المعادلة، وهو ايضاً ما فهمه المسؤولون اللبنانيون من مستشار الرئيس الاميركي آموس هوكشتاين، وإن كانت طروحاته بشأن تثبيت الحدود والاوضاع في الجنوب لم تصل الى نتيجة طالما ان لا اجراءات عملية تفضي الى اعادة الحقوق اللبنانية وتثبيت الحدود من رأس الناقورة الى الوزاني وفق الترسيم الذي اقره اتفاق العام 1923.

بَيد ان الفرزلي يعتقد ان رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعلن ان “حدود اسرائيل هي من البحر الى النهر وفي ظل عدم تحقيقه لأهدافه في غزة، فإنه لا يستطيع الخروج من مستنقع غزة ووقف اطلاق النار من دون حرف الانظار الى مكان آخر، وذلك لسببين: اولهما ابقاء السقف مرتفعا في الشارع الاسرائيلي، وثانيهما ردع ما يسميها المخاطر التي تهدد الشمال. اضافة الى ذلك، يمكن تفسير الكلام الاميركي بأنه نوع من الفجور بهدف تقوية موقع تل ابيب في التفاوض المستقبلي غير المباشر مع لبنان”.

وسط كل ذلك تتمايز فرنسا عن الولايات المتحدة بأن مشروعها لا يشبه مشروع نتنياهو وان كان الاخير هو الذي يدير العملية برمتها بدءاً من تدعيم الحكومة الاسرائيلية بضم زعيم المعارضة يائير لابيد بغية تحصينها، وبالتالي سقوط نظرية ذهاب نتنياهو الى السجن بعد انتهاء الحرب.
ويشير الفرزلي الى ان “الحرب مع لبنان لن تحقق الاهداف التي يريدها نتنياهو، وخصوصاً ان عمق حزب الله لا يتوقف عند الحدود اللبنانية وانما يصل الى حدود دول اخرى، وفي حال فشلهم في تحقيق اهداف الحرب على لبنان فإن مستقبل اسرائيل برمته يصبح على المحك”.

ويدعو النائب السابق لرئيس المجلس الى قراءة متأنية للعدوان على غزة بنتائجه حتى اليوم، وملخصه انه “خلال 5 أشهر لم تحقق تل ابيب اي هدف ذي طابع استراتيجي، وفي الوقت عينه لم تستطع التأقلم مع الاوضاع في الضفة الغربية، عدا ان غزة وصلت الى مرحلة تحكمها معادلة أن الموت هو فوق الارض وان الحياة هي تحتها”.