Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر May 11, 2021
A A A
بين السياسة والاقتصاد.. ما راحت الّا عالفقير
الكاتب: ديانا غسطين – موقع المرده
887b13ba-7c7d-4481-8f1f-91dcba91fab9 4815665b-2567-468b-bf70-b8f8345d1ba0
<
>

لا يزال الهم المعيشي يحتل المرتبة الاولى في حياة اللبنانيين لا سيما مع استفحال الاسعار في الارتفاع وانقطاع العديد من المواد والسلع الاساسية بعد الحديث عن قرب رفع الدعم نهاية الشهر الجاري.
الى ذلك يستمر الغموض في السيطرة على مصير البطاقة التمويلية مع عودة النقاش حول فائدة اقرار قانون الكابيتول كونترول الى الواجهة. فماذا في التفاصيل والى اين يتجه لبنان اقتصادياً؟
في السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي عماد عكوش ان “موضوع رفع الدعم استراتيجي، وعليه لا احد من السياسيين وحتى حاكم مصرف لبنان يمكن ان يتّخذ هكذا قرار قبل تأمين البديل. لكنّ الاكيد انّ تقنيناً قاسياً بالموافقة على ملفات فتح الاعتمادات سيحصل وبالتالي سنشهد فقدان سلع كثيرة، بالاضافة الى تقنين في الكهرباء والمحروقات”.
وحول مصير البطاقة التمويلية، يشير في حديث لموقع “المرده” الى انه “يجري ادخال بعض الاقتراحات من اجل تخفيض كلفة البطاقة. فكما سمعنا في البدء كان الحديث عن ان البطاقة ستشمل ٧٥٠ الف عائلة بدل كل العائلات، الا انه وبحسب احد الاقتراحات المقدم من حاكم مصرف لبنان والذي يقول بأنه اذا ما تم تحرير جزء من الودائع بالعملة الصعبة يمكن للمستفيد من هذا التحرير عدم الحصول على البطاقة، وبالتالي يكون المصرف المركزي قد خفض عدد المستفيدين من البطاقة التمويلية الى النصف تقريباً”.
عكوش الذي يعتبر ان “البطاقة التمويلية وان تأخر اصدارها، هي البديل الوحيد لرفع الدعم. اذ من دونها سنشهد مشكلة اجتماعية كبيرة”، يشدد على ضرورة ان تكون هذه البطاقة مشروطة من اجل نجاحها. ويقول “اهم شروط نجاحها الا تكون استنسابية. أي انه يجب ان يكون لكل العائلات اللبنانية حق التقدم لنيل هذه البطاقة”، داعياً الى “الانتباه من تحديد عدد العائلات المستفيدة لانه سيعيد منطق التحاصص الى الصدارة ويخلق ملف فساد جديد”.

ويشير الخبير الاقتصادي الى شرطٍ ثانٍ لنجاح البطاقة التمويلية وهو “الّا تتحول الى بطاقة كسل. فالكلام عن ان مبلغ التعويض قد يصل الى حدود 3 ملايين ليرة لبنانية للعائلة الواحدة، قد يلجأ عندها العديد من الناس الى البقاء في المنزل وعدم الخروج للعمل. لهذا كان اقتراحنا بأن تكون هذه البطاقة مشروطة بدفع 15% من قيمة المشتريات نقداً على الصندوق ما يحتّم على المستفيد العمل من اجل الحصول على المال”.
“لا بديل عن قانون الكابيتال كونترول. فعدم اقراره يعني الابقاء على الاستنسابية وعلى الدخول في دعاوى وملفات قضائية ما قد يودي بالقطاع المصرفي الى القطاع الكلي”. يجزم عكوش الذي يعتبر ان “للكابيتال كونترول هدفين: حماية الودائع والمصارف. فبغضّ النظر عن ان بعض البنوك استشاطت في التحويل والسحوبات والتهريبات بطريقة اعتباطية الا انه في نهاية المطاف لا مفرّ من اعادة تفعيل القطاع المصرفي من اجل حسن سير الحركة الاقتصادية”.
وحول الاتجاه الذي يسلكه لبنان اقتصادياً، فيرى عكوش اننا “بتنا اقرب الى النموذج الفنزويلي. فللأسف بعد اكثر من عام ونصف على الازمة لم نتمكن من وضع اية تشريعات، ولا استطعنا منع التهريب والسحوبات والاستنسابية بل سمحنا للمصارف والطبقة السياسية المستفيدة مما يجري ان يهرّبوا ودائعهم الى الخارج حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم”. ويكمل “الخوف من ان نستمر على هذا المنوال فنصل الى الانهيار الكامل للقطاع المصرفي والوضع الاقتصادي في لبنان”.
ويعتبر الخبير الاقتصادي ان “المشكلة المتشعبة في لبنان (سياسية – صحية – اقتصادية)، تستلزم حلاً على مختلف الاصعدة.
فمعالجة الازمة المصرفية تتطلب اقرار تشريعات اولها قانون الكابيتال كونترول، كما الزام المصارف بتطبيق التعاميم لا سيما التعميم 154 لناحية رسملة المصارف وزيادة رساميلها الخاصة من اجل اعادة الثقة فيها. من الناحية الاقتصادية لا بد من خطة اقتصادية شاملة تعالج موضوع الفساد والهدر خاصة في ملف الكهرباء (الهدر السنوي في الكهرباء يصل الى حدود المليار دولار). كما يمكننا الاستفادة من موضوع الدولار الجمركي لتخفيض العجز ورفع الواردات بالقيمة المضافة والجمارك والرسوم العقارية ورسم الطابع المالي، وبهذه الطريقة نكون قد امّنا دخلاً اضافياً للبطاقة التمويلية”.
ويختم كلامه قائلاً “الا ان اساس الحل في لبنان هو السياسي. فعدم تشكيل حكومة لغاية اليوم يزيد من الكلفة ويصعّب حل المشكلة. وعليه، فإن المطلوب تشكيل حكومة بأسرع ما يمكن لاعادة الثقة للمواطن بالعملة الوطنية وبمؤسسات الدولة”.
اذاً، بين السياسة والاقتصاد باتت حياة اللبناني اشبه بالمد والجزر، ينام على هم ليستفيق على هموم. فهل يدرك المسؤولون حجم الازمة ويسرعون لحلها ام انهم سيسيرون بالوطن نحو الدرك الاكبر ويضحي الانهيار واقعاً لا مفرّ منه؟