Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر April 24, 2021
A A A
بلال شحادات: طبقت في «2020» تكتيكاً يستولد العقد الدرامية
الكاتب: فيفيان حداد - الشرق الأوسط

قال الكاتب السوري بلال شحادات، إن الحبكة التي كتبها في نص مسلسل «2020» طبّق عليها كل ما تعلمّه في مشواره الصحافي والمسرحي. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «لكتابة هذا العمل استفدت من معلومات مهمة خزّنتها في مشواري وتتعلق بالوتر الحساس، واللحظة الحاسمة لسياق القصة. وهذا التكتيك الدرامي يرتكز على استحداث ورطة وراء الأخرى، وهو ما لمسه المشاهد ابتداءً من الحلقة الثامنة للمسلسل. فيشعر في لحظات عدة، بأن نادين نجيم سينكشف أمرها وطبيعة مهمتها، ولكن كل شيء يتبدل في اللحظة الأخيرة. فأن يكون الكاتب ملماً بخطوط الدراما من جراء مشاهداته المكثفة لأعمال غربية وأفلام سينمائية ومسلسلات هي ضرورية. لأنها تأخذ الكاتب إلى مناحٍ أخرى. إذ إن الكتابة هي غير المشاهدة ويستلزمها توليفة جذابة».
وبلال شحادات الذي سبق وعمل في الصحافة الفنية والثقافية وفي النص المسرحي، بدا مشواره الكتابي منذ سنته الأولى في المعهد الفني السوري في عام 2005، فكان قارئاً نهماً، وناقداً موضوعياً وكاتباً مسرحياً لافتاً. وبعد صولات وجولات له بين عامي 2005 و2010 في مجالي الصحافة والمسرح، انتقل في عام 2010 إلى التلفزيون وبدأ في كتابة المسلسلات. فقلمه الذي يأسر المشاهد لمسه هذا الأخير في مسلسلات «لو» و«لا حكم عليه» و«رفة عين» و«بعد السقوط». وأنجز كتابة 21 حلقة من مسلسل «2020» بعد أن تولت الكاتبة ندين جابر المهمة عنه في الحلقات الباقية.
ويحكي مسلسل «2020»، وهو دراما بوليسية، يتابعها المشاهد اللبناني في الموسم الرمضاني عبر شاشة «إم تي في» المحلية، عن نقيب في الشرطة، تُدعى سما، تبحث عن أدلة قوية، من أجل الإيقاع برجل عصابات يدعُى صافي، يقوم بالعديد من الجرائم في الخفاء. فتدخل عالمه متنكرة بشخصية فتاة طيبة، تعاني من ممارسة العنف الجسدي عليها من قبل شقيقها.
وعن سبب اعتماد المشاركة في كتابة نص «2020» بينه وبين ندين جابر يوضح بلال شحادات لـ«الشرق الأوسط»، «عالمياً لم تعد الكتابة حكراً على شخص واحد. واستبدلت بورشات كتابة بحيث يكون هناك صاحب الفكرة و4 آخرون يشاركونه كتابة النص. الأمر نفسه يطبق في عملية الإخراج؛ إذ صارت الشركات المنتجة تسمي أكثر من واحد منهم لتولي هذه المهمة. كما أن معظم الروايات المتناولة تكون مأخوذة من كتاب أو فيلم أو قصة حقيقية. وهذا الأمر تفردت به شركة (الصباح إخوان)، فكانت السبّاقة في اعتماده واستحدثت ورش عمل كتابة. ويشارك فيها إضافة إلي وإلى ندين جابر، لمى الصباح التي تقرأ كل حلقات المسلسل، وتضع ملاحظاتها عليها. وكذلك الأمر بالنسبة للمخرج فيليب أسمر، فهو أيضاً يطلع على النص، بحيث تكون هناك أعين أخرى تلتقط أي نقاط ضعف، يمكن أن تشوب النص فتمنع حصول أي خلل فيه».
ويرى الكاتب شحادات، أن أسلوب الكتابة الذي اتبع في مسلسلات قديمة ولّى إلى غير رجعة. وإن ما كان يجذب المشاهد أيام أسامة أنور عكاشة مثلاً، لم يعد صالحاً اليوم. فكثافة الإنتاجات تتطلب ورش العمل الكتابية هذه، وهو أمر غير مستجد؛ إذ كان العالمي ماركيز دي ساد، يمرر نصه لخمسة أشخاص غيره ليطلعوا عليه ويضعون ملاحظاتهم حوله. ويشير الكاتب إلى أن أعمال الدراما القديمة، لم تعد تهم المشاهد إلا من باب الشعور بالحنين إليها، ولكنها لا تتماشى مع العصر الذي يعيشه اليوم.
ويتابع في سياق حديثه «ما نحتاج إليه اليوم في الدراما العربية هو الطبخات الدرامية غير المألوفة وليس لأفكار جديدة. والمطلوب في هذه التوليفات شد انتباه المشاهد بحيث يتسمر أمام الشاشة من دون أن يرف له جفن، فلا يتحرّك من مكانه لتحضير فنجان قهوة أو دخول المطبخ. ورهاني في (2020) ارتكز على إبقاء المشاهد متابعاً بشغف للعمل، فأجذبه بكل جملة أكتبها. وهذا الأمر من الصعب تحقيقه من دون ورشة كتابة. وأظن في السنوات الثلاث المقبلة ستتبع جميع الشركات هذه الطريقة، ويصبح العمل ينسب إلى مجموعة كتاب».
وعما إذا اطلع شخصياً على طبيعة عمليات بوليسية ليأتي النص واقعياً، يرد «طبعاً تمت الاستعانة وعن طريق صاحب شركة الإنتاج صادق الصباح بفريق المعلومات الأمني في لبنان. وتعاونوا معنا بشكل كبير بحيث قدموا لنا تفاصيل كثيرة عما يكتنف هذا النوع من المهمات الأمنية. كما أفادونا بشكل وافٍ عن التقنيات المستخدمة، من أجهزة تنصت وكاميرات كاشفة والمسافات المطلوبة للتواصل بين صاحب المهمة وفريقه من المخبرين وغيرها. فجاء النص والتنفيذ للعمل حقيقياً يعتمد على معلومات صحيحة غير مختلقة. فكنا نطرح الأسئلة كتابياً على هذه الجهات وتأتينا الإجابات اللازمة عنها».
ويشير كاتب «2020» إلى أن نادين نسيب نجيم اضطرت لأن تخضع لتدريبات خاصة، وأمضت أياماً في كتيبة عسكرية، وتم تلقينها كيفية استخدام الأسلحة والدفاع عن النفس. فاستفادت من هذه الفترة كثيراً، وجاء أداؤها في المسلسل متكاملاً.
وعما إذا الكاتب يقوم بمهمته طبقاً لمقاييس معينة تناسب نجوم العمل، فيفصّل النص ليأتي على مقاسهم يرد «أولاً نادين نسيب نجيم وقصي الخولي ليسا بحاجة إلى تفصيل نص يناسب مقاسيهما الأدائية. فهما ممثلان محترفان لا يهتمان لهذا الأمر الشائع أكثر في مصر وليس عندنا. كما أن شركة الصباح تنطلق من الحكاية بحيث تكون جذابة وجميلة. والنجوم الذين تتعامل معهم ليسوا من النوع الذي تفصل أدوارها على مقاسهم. فصادق الصباح يتمسك بالحدوتة الحلوة أولاً، وإلا فلا النجوم ولا المسلسل سيشهدان النجاح».
ويثني بلال شحادات على أداء كل من نادين نسيب نجيم وقصي الخولي اللذين يتقمصان كل منهما شخصيتين. ويقول «إنهما يتنقلان بين هذه الشخصية وتلك بمرونة وأداء لافتين. ويشمل هذا الأمر مشاعرهما، التي تشهد تقلبات تطبع شخصية نادين في دوري سما وحياة، النقيب الأم والمحقق البوليسي معاً. وكذلك الأمر بالنسبة لقصي تاجر المخدرات، والإنسان الخيّر، الذي يمد يده لإعانة سكان الحي».
وتتكرر في سياق النص جملة «يا عفو الله» التي يرددها صافي (قصي الخولي) بشكل دائم لتلتصق بشخصيته. ويعلق شحادات «هذه العبارة اقترحتها زميلتي ندين جابر، وتمت الموافقة عليها في اجتماعات تعقد مع فريق العمل بأكمله. فندين هي معالجة درامية مجتهدة ولها تاريخها الغني في كتابة القصص الدرامية. تعرف نقاط الضعف والقوة في كل شخصية ترسم على الورق. فنحن معاً نشكل فريقاً ممتازاً سيما وأننا شخصان مطواعان، ومنفتحان على أي جديد يمكن أن يسهم في نجاح العمل. فيما هناك كتاب كثر يؤلهون أنفسهم ولا يسمحون لآخر أن يضع أي ملاحظة على كتابتهم. مع أنه في الواقع جميع الكتاب لديهم مستشاريهم في هذا الموضوع يلجأون إليهم من أقارب وأصدقاء لتطوير، أو تصحيح حبكة نص. ولكنهم يوقعون العمل بأسمائهم. هذا الأمر ليس بالسهل؛ إذ هناك كثيرون منهم، يعملون على ملء الصفحات فقط من دون محتوى جيد. من هنا أحاول شخصياً تقديم تقنية جديدة تتعلق بجوانب كثيرة للنص، وقد لا يتنبه لها المشاهد، ولكنها تشكل عنصرا هاما لاكتمال التوليفة. وهنا أيضاً يلعب المخرج دوراً أساسياً في كيفية ترجمة النص أمام الكاميرا. وفيليب أسمر يشهد له، لأنه ملم ومطلع على كل شاردة وواردة في النص. لا يخرج عنه ويطبقه بحذافيره؛ لأن أي جملة ناقصة أو إضافية يمكنها أن تؤثر على سياق العمل ككل».
اجتهد بلال شحادات في عمله، بحيث تابع نحو 400 مسلسل غربي في مدة سنتين. وحضر مواسم كاملة لأعمال تلفزيونية أجنبية ليكتب مادة أسبوعية في جريدة السفير. كما أنه تخصص في كتابة النصوص، فجاء مسلسل «2020» حصاداً لكل ما مر به وتعلمه. ويعلق «المهمة تتطلب من صاحبها اتباع عنصر التشويق وهنا تكمن صعوبتها. ولذلك؛ على الكاتب أن تكون أفكاره حاضرة دائماً وأن يكون قارئاً نهماً ومتابعاً جيداً لأعمال كثيرة».