Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر March 8, 2024
A A A
بكين ترسم سياستها الخارجية: لا تهاون مع تايوان… وللاعتراف بفلسطين
الكاتب: ريم هاني - الأخبار

عقد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في بكين أمس، مؤتمراً صحافياً على هامش «اجتماع الدورة الثانية للمجلس الوطني الـ 14 لنواب الشعب»، تناول فيه «الشكل» الذي ستتّخذه السياسة الخارجية لـ«جمهورية الصين الشعبية» خلال العام المقبل. وفيما كرّر المسؤول الصيني بعض الخطوط العريضة المعروفة لسياسة بلاده الخارجية، فقد بدا لافتاً تصعيده «في اللهجة» في ما يتعلق ببعض الملفات، ولا سيما تلك المرتبطة بـ«استقلال تايوان»، والممارسات الأميركية تجاه الصين. في المقابل، ورداً على سؤال عن العلاقات الصينية – الروسية، أكّد وانغ يي أنّ موسكو وبكين اتخذتا خيار «الحفاظ على العلاقات الثنائية وتطويرها استراتيجياً، على أساس المصالح الأساسية للشعبين»، معتبراً أنّ الدولتين أرستا «نموذجاً جديداً» من العلاقات بين الدول الكبيرة، «يتمثل في الالتزام بحسن الجوار الدائم وتعميق التعاون الاستراتيجي الشامل على أساس عدم التحالف، وعدم المجابهة وعدم استهداف طرف ثالث»، وهو ما «يختلف عمّا كان قائماً خلال الحرب الباردة». وبالحديث عن الأخيرة، اعتبر المسؤول الصيني أنّه «لا يجب تكرار تلك الحرب»، نظراً إلى أنّ الشعوب باتت «ترفض فكرة الهيمنة» ولن تقبل بالانقسام. ولدى سؤاله عن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة، أكد يي أنّ «العجز» عن وقف «الكارثة الإنسانية الناجمة عن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، في القرن الواحد والعشرين، يعدّ مأسوياً بالنسبة إلى البشرية، وبمثابة عارٍ على الحضارة»، مشيراً إلى أنّه «ما من ذريعة أو حجّة تبرّر استمرار الصراع وقتل المدنيين»، على حدّ تعبيره. كما أكّد وانغ يي أنّه «من غير المسموح الاستمرار في تجاهل الاحتلال الطويل الأمد للأراضي الفلسطينية، وتطلّعات الشعب الفلسطيني لإقامة دولة مستقلة، فضلاً عن استمرار الظلم التاريخي الذي عاناه ذلك الشعب عبر الأجيال، من دون تصحيحه». وطبقاً للمسؤول الصيني، فإنّ «الخروج من دوّامة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بشكل نهائي، وإزالة التربة الخصبة للأفكار المتطرفة بكل أنواعها، وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط بشكل حقيقي، غير ممكن، إلا من خلال استعادة الشعب الفلسطيني حقه»، وتنفيذ «حلّ الدولتين» على نحو شامل. كما جدّد الدعوة إلى منح فلسطين «عضوية كاملة في مجلس الأمن»، جنباً إلى جنب «عقد مؤتمر دولي للسلام أكثر فعالية ومصداقية»، لوضع جدول زمني لتطبيق مبدأ «حلّ الدولتين».وفي ما يتعلق بتايوان، فقد أعادت بكين، على لسان وزير خارجيتها، التأكيد أنّ سياستها «الواضحة» تتمثل في السعي المستمر لإعادة التوحيد السلمي للجزيرة، محذّرةً، في المقابل، من أنّ «الخط الأحمر واضح» في هذه المسألة أيضاً، وهو متمثل بعدم السماح «بانفصال تايوان عن الوطن الأم». وأردف وانغ يي، متوجّهاً إلى السلطات في تايوان وحلفائهم: «من يعدّ (لاستقلال تايوان) من داخل جزيرة تايوان، سيحاسبه التاريخ حتماً. ومن يتساهل مع ذلك الاستقلال ويدعمه على الساحة الدولية، سيكتوي بالنار التي أوقدها، وسيأكل الثمار المُرّة التي زرعها». كما دعا وانغ يي جميع أبناء الشعب الصيني إلى «تغليب المصلحة القومية العليا»، ومعارضة استقلال تايوان «معاً».
يرى مراقبون أنّ بكين ستكون «أكثر حزماً» في ما يتعلق بمواجهة الداعمين لـ«استقلال تايوان»

وقبيل تصريحات الخارجية الصينية، لمّحت بعض وسائل الإعلام الصينية، ولا سيما صحيفة «غلوبال تايمز» المملوكة من الدولة، إلى أنّ رئيس الوزراء لي تشيانغ، كان قد صعّد في «تقرير أعمال الحكومة» السنوي الذي قدّمه أمام «مجلس النواب للشعب الصيني»، إزاء تايوان، إذ لم يأتِ على ذكر مصطلح «إعادة التوحيد السلمي»، مؤكداً بدلاً من ذلك أنّ الصين «ستكون حازمة في الدفع في اتجاه إعادة توحيد الصين». وإذ تحدث بعض المراقبين الغربيين عن أنّ هذه الخطوة «متعمّدة» من قبل بكين، معتبرين أنّها قد تكون «مؤشراً إلى موقف مستقبلي أكثر حزماً تجاه تايوان»، لم ينفِ نائب مدير «مركز الدراسات الأميركية» في جامعة «فودان»، في حديث إلى الصحيفة الصينية، وجهة النظر المشار إليها، إذ اعتبر أنّ حذف العبارة «يشير إلى أن مواجهة محاولات الانفصال واحتواء استفزازات استقلال تايوان ستكون مهمة أكثر إلحاحاً وعمليةً، بالنسبة إلى البرّ الرئيسي، في السنوات القادمة».
وبالرغم من أنّ وزير الخارجية الصيني شدد، مرة جديدة، على ضرورة عدم انجرار بكين وواشنطن إلى أيّ نوع من المواجهة أو الصراع، تجنباً لـ«عواقب لا تحمد عقباها»، إلا أنّه سرعان ما «صعّد» من انتقاداته للممارسات الأميركية، متسائلاً: «إذا كانت الولايات المتحدة تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر، فأين مصداقيتها كدولة كبيرة؟ إذا كانت الولايات المتحدة تشعر بالتوتر والقلق بمجرد السماع باسم (الصين)، فأين ثقتها بنفسها كدولة كبيرة؟ (…)». وأردف أنّ واشنطن تواجه مشاكل «مع نفسها لا مع الصين»، معتبراً أنّ «الإدمان» الأميركي على «قمع» بكين سيلحق الضرر بالولايات المتحدة نفسها في نهاية المطاف. كما انسحبت انتقادات الوزير الصيني على أوروبا أيضاً، إذ رأى أنّ الأخيرة «صنّفت الصين ثلاثة تصنيفات في آنٍ معاً، أي الشريك والمنافس والخصم النظامي»، معتبراً أنّ مثل هذا التصنيف غير واقعي وغير قابل للتنفيذ».