Beirut weather 22.99 ° C
تاريخ النشر February 12, 2018
A A A
بعد 32 عاماً، كيف أسر رون اراد؟
الكاتب: أحمد منتش - النهار

32 عاماً بين إسقاط الـ”اف 16″ و”الفانتوم” قرب صيدا … كيف أسر رون اراد؟
*

منذ نكبة فلسطين عام 1948 وهزيمة حزيران عام 1967 ، واحتلال اسرائيل لاجزاء واسعة من الاراضي الفلسطينية وبعض الاراضي العربية، ونحن نعيش ونرى التفوق العسكري الاسرائيلي المبني بالدرجة الاولى على امتلاكه لاحدث الطائرات الحربية التي ساهمت، كما اثبتت التجارب في كل الحروب والاعتداءات التي كانت تشنها اسرائيل على الفلسطينين والعرب خصوصا في مصر وسوريا ولبنان وفي قطاع غزة، في ترسيخ مفهوم الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر قبل ان يتم قهره بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000، وفي العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006.

الا ان حادثة اسقاط الدفاعات السورية لطائرة “ف 16” الاسرائيلية بصاروخ سام 5 الروسي فوق الاراضي الفلسطينية المحتلة خلال غارات كانت تشنها الطائرات الاسرائيلية على مواقع داخل سوريا، اعادت الى الاذهان تفاصيل ووقائع حادثة اسقاط مقاتل فلسطيني طائرة اسرائيلية من نوع “فانتوم” كانت تغير على مواقع فلسطينية في تلال بلدة سيروب قبالة مخيم المية ومية، المطلة على مخيم عين الحلوة وصيدا ومغدوشة بعدما اطلق عليها صاروخا من نوع سام 7 كان يحمله على كتفه، وتمكُّن مقاتلين من حركة امل من اسر احد الطيارين بعد سقوطه في وادي بلدة زغدرايا، الرائد رون اراد، وتمكُّن الطائرات الحربية والمروحية الاسرائيلية بعد سلسلة من الغارات الوهمية واطلاق نار كثيف على شكل دائري من انقاذ قائد الطائرة المقدم يشاي افيرام ونقله من المكان باتجاه رأس الناقورة ومستعمرة نهاريا.

و”النهار” التي واكبت الحادثة عن قرب من بداياتها الى نهايتها تعيد وصف ما حصل قبل 32 عاما.

عصر يوم الخميس الواقع فيه 16 تشرين الاول من العام 1986، سمعت في اجواء مدينة صيدا وضواحيها اصوات انفجارات قوية ترافقت مع سماع صوت تحليق للطيران الحربي الاسرائيلي ومع انبعاث سحب من الدخان الكثيف من تلة سيروب قرب صيدا. وعلى الفور توجهت “النهار” الى اقرب نقطة من المكان الذي كان يتعرض للقصف، ورصدت طائرتين حربيتين كانتا لا تزالان تحلّقان على علو متوسط في سماء المنطقة، واصوات المضادات الارضية من عيار 23 ملم كانت تنطلق من فوهات رشاشات ثقيلة محمولة على عربات متوسطة باتجاه الطائرتين، كانت بحوزة غالبية الفصائل الفلسطينية، وخصوصا حركة “فتح” والجبهتين “الشعبية” و”القيادة العامة” و”الجبهة الديموقراطية”. سيارات الاسعاف كانت تهرع الى المكان بانتظار انتهاء الغارة لنقل القتلى والمصابين في الغارة، وكنت اقف الى جانب المسؤول العسكري في حركة “فتح” المقدم بديع كريم (“ابو سليمان”) ونحن نشاهد احدى الطائرتين وهي تقوم بالتفاف شبه دائري لمعاودة القصف على المكان. وبينما كنت اوجه عدسة الكاميرا الى المكان لتصوير القصف والدخان، صرخ في اذني “ابو سليمان” قائلا: “عجّل عجّل يا احمد، اصابوا طائرة”. وفورا نظرت لأرى شهبا من النار في السماء مصحوبا بكتلة متصاعدة من الدخان الكثيف من الطائرة التي هوت باتجاه الارض في الجهة المطلة على زغدرايا وتحطمت بعد انفجارها وتناثر حطامها، وعن بُعد شوهد شخصان وهما يهبطان في مظلتين سقطتا في واد بين بلدتي سيروب وزغدرايا، وفجأة تسارعت الاحداث بوتيرة جنونية بعدما اصبح خبر اصطياد الطيارين للجميع اهم بكثير من خبر الصيد الثمين للفلسطينيين باصابة الطائرة او الاضرار الناجمة عن القصف على الموقع الفلسطيني.

الطيار افيرام الذي استطاع العدو من سحبه

وفيما كان المئات من المقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين المدججين باسلحتهم وهم يطلقون النار في الهواء ابتهاجا ويهرعون بسياراتهم او سيرا على الاقدام باتجاه مكان سقوط المظلتين لأسر الطيارين، فجأة كان سرب من الطيران الحربي والمروحي يغطي سماء المنطقة ويقوم بغارات وهمية متواصلة لمنع المسلحين من الوصول الى المكان الذي هبط فيه الطياران واقام زنارا من النار حولهما من دون ان يمنع ذلك المسلحين من مواصلة اطلاق الناروالتحرك. ولان المكان كان خارج سيطرة الفلسطينيين ويقع ضمن سيطرة عناصر حركة “امل” و”حزب الله”، تمكنت مجموعة تابعة لافواج المقاومة اللبنانية التي كان يرأسها رئيس الحركة نبيه بري ويشرف عليها المسؤول العسكري مصطفى الديراني، من الوصول الى المكان الذي كان يختبىء فيه الطيار رون اراد، ونقله على وجه السرعة لحظة حلول الظلام باتجاه الضاحية الجنوبية في بيروت، فيما تمكنت فرق الانقاذ الاسرائيلية التي كانت في مروحيات “الكوبرا” من انقاذ افيرام بعد ساعات من الهستريا التي اصابت الجيش الاسرائيلي وسلاح الجو على وجه الخصوص.
*

الطيار الشهير رون اراد