Beirut weather 12.99 ° C
تاريخ النشر August 21, 2025
A A A
بعد موافقة حماس على مقترح الوسطاء.. لماذا يرفضه نتنياهو…؟
الكاتب: حسن حردان

كتب حسن حردان في “البناء”

ماذا بعد موافقة حركة حماس على مقترح الوسطاء لصفقة جزئية لتبادل الأسرى تتضمّن مساراً لمفاوضات تؤدي الى نهاية الحرب، وما هي أسباب عدم موافقة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على الصفقة، وغياب أيّ ضغط أميركي لإتمامها.
هذه الأسئلة طرحت مباشرة بعد إعلان حماس بالاتفاق مع حركات المقاومة الفلسطينية، الموافقة على المقترح القطري ـ المصري، لوقف مؤقت لاطلاق النار، وتبادل الأسرى، وإرساله الى حكومة العدو…
على انّ موافقة حماس على المقترح، فاجأ الجانب الإسرائيلي والأميركي على السواء، ووضع الكرة في ملعبهما، وتحديداً في ملعب رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو. لكن بحسب ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية متعددة، فإنّ نتنياهو رفض المقترح، رغم انه يواجه ضغوطاً كبيرة من قبل الشارع الإسرائيلي في أعقاب الإضراب العام الذي شلّ كيان الاحتلال، لدفع نتنياهو لقبول صفقة تبادل شاملة للأسرى، وتنهي الحرب.
أولاً، ماذا بعد موافقة حماس؟ نجحت حماس من خلال موافقتها على مقترح الوسطاء في وضع «إسرائيل» في موقف حرج، فالمقترح الذي وافقت عليه حماس، هو في الأصل مبادرة تمّ التوصل إليها بالتعاون مع الوسطاء (مصر، قطر، والولايات المتحدة)، وهي تتضمّن نقاطاً كانت «إسرائيل» قد وافقت عليها مسبقاً. وهذا يضع نتنياهو أمام خيارين: إما الموافقة على المقترح والمضيّ في صفقة تهدئة، أو رفضه وتحمّل مسؤولية استمرار الحرب.. على انّ موافقة حماس هي خطوة إيجابية نحو استئناف المفاوضات، وقد يتبعها إرسال وفود للتفاوض على التفاصيل النهائية، حتى لو كان هناك رفض مبدئي من نتنياهو.. لكن من المتوقع ان تؤدّي موافقة حماس على المقترح، وخاصة أنه يتضمّن بنوداً قد تبدو مقبولة لبعض الأوساط الإسرائيلية، الى زيادة الضغط على نتنياهو من قبل عائلات الأسرى والجنود الإسرائيليين الذين يطالبون بعودتهم، ومن قبل بعض التيارات السياسية التي ترى أنّ الصفقة ضرورية.. وفي المقابل فإنّ حماس، وباقي حركات المقاومة أوصلت رسالة الى الشارع الفلسطيني الذي يعاني من حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية، بأنها عملت ما فيها لأجل التخفيف من معاناته الإنسانية، وقدّمت كلّ المرونة المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، لكن «الإسرائيلي» هو الذي يرفض ويُصرّ على مواصلة الحرب للقضاء على المقاومة وفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، وتهجيره مجدّداً من أرض فلسطين لتكرار نكبة جديدة، وتصفية قضية فلسطين لمصلحة المشروع الصهيوني..
ثانياً، أسباب عدم موافقة نتنياهو على الصفقة
يبدو من الواضح انّ رفض نتنياهو للمقترح مرتبط بعدة عوامل، أبرزها:
العامل الأول، التمسك بهدف القضاء على المقاومة في غزة: يرى نتنياهو أنّ الهدف الأساسي من الحرب هو القضاء على حركات المقاومة وفي الطليعة حركة حماس بشكل كامل، عسكرياً وسياسياً، ويخشى أن يؤدي وقف إطلاق النار الدائم إلى بقاء المقاومة المسلحة في غزة، وبالتالي بقاء حماس في السلطة.. مما يمكن حركات المقاومة من إعادة بناء قوتها وبنيتها التحتية من جديد.
العامل الثاني، ضغوط اليمين المتطرف: يعتمد نتنياهو على دعم شركائه في الائتلاف الحكومي من اليمين المتطرف، الذين يعارضون أيّ صفقة لا تحقق الأهداف المعلنة للحرب، ويهدّدون بإسقاط الحكومة في حال إتمام الصفقة.
العامل الثالث، عدم الرغبة في التزام دائم: يرى نتنياهو أنّ وقف إطلاق النار لفترة طويلة قد يجعل من الصعب على «إسرائيل» استئناف العمليات العسكرية لاحقاً، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية.. فنتياهو لا يريد ان تتوقف الحرب طالما لم تحقق أهدافها، لأنه في هذه الحالة سوف يفقد ايّ حصانة، ويصبح عرضة للمحاكمة بتهم الفساد والمسؤولية عن الفشل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وعن الفشل في تحقيق أهداف الحرب، ومقتل مئات الجنود وعشرات الأسرى، لرفضه عقد صفقة شاملة مع حركة حماس، وإصراره على استخدام القوة لتحقيق ذلك.
العامل الرابع، الرغبة في إطلاق سراح جميع الأسرى: يطالب نتنياهو بالإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، وهو مطلب تعتبره حماس غير واقعي في المرحلة الحالية.. تريده ان يكون نتيجة لاتفاق شامل يوقف الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من كلّ قطاع غزة، ورفع الحصار عنه وإعادة إعمار ما دمرته حرب الإبادة الصهيونية.
ثالثاً، غياب الضغط الأميركي؟
قد يبدو الموقف الأميركي غامضاً أو متردّداً في بعض الأحيان، ولكنه ليس غائباً بالكامل، ويمكن تفسير غياب «الضغط العلني» لأسباب عدة:
السبب الأول، التركيز على الدبلوماسية الهادئة: تفضل الإدارة الأميركية العمل من خلف الكواليس، عبر المفاوضات المباشرة مع نتنياهو وحكومته للوقوف على رأيها وما هو الأفضل لـ «إسرائيل»، وبالتالي تجنّب ممارسة ايّ ضغط عليها يضعف موقفها.
السبب الثاتي، الخلافات السياسية الداخلية: تواجه الإدارة الأميركية نفسها خلافات داخلية حول كيفية التعامل مع «إسرائيل»، حيث يضغط اللوبي الاسرائبلي لدعم موقف نتنياهو وعدم ممارسة ايّ ضغط عليه.
السبب الثالث، المصالح المشتركة: هناك مصالح مشتركة بين الولايات المتحدة و»إسرائيل»، مثل أمن «إسرائيل» في المنطقة.
السبب الرابع، استراتيجية ترامب: الإدارة الحالية برئاسة دونالد ترامب، قد يكون لديها استراتيجية مختلفة عن الإدارة السابقة، وتفضل تحقيق اختراق دبلوماسي شامل بدلاً من صفقات مرحلية.
في الوقت الحالي، يبقى مستقبل الصفقة معلقاً على قرار نتنياهو، في ظلّ ترقب دولي وإقليمي، واستمرار الجهود الحثيثة من قبل الوسطاء لإقناع الطرفين بالوصول إلى حلّ.